أطفال أوكرانيا وأفريقيا محور رسالة البطريرك ثيودوروس الثّاني الفصحيّة
تيلي لوميار/ نورسات
لمناسبة عيد الفصح، بعث بابا وبطريرك الإسكندرية وسائر أفريقيا للرّوم الأرثوذكس ثيودوروس الثّاني رسالة وجّه فيها تفكيره نحو أطفال أوكرانيا والقارّة الأفريقيّة فكتب نقلاً عن موقع “مجلس كنائس الشّرق الأوسط”:
“تغمر قلوبنا مشاعر ممزوجة بالفرح والفخر كنعمة من الرّبّ أن نعيد الاحتفال بقيامته المجيدة مرّة أخرى في هذا العام، حيث يدقّ بوق الكنيسة الأزليّ ليسمع في كلّ أرجاء المسكونة إعلانًا واعترافًا بأنّ حقيقة إيماننا ورجائنا هي قيامة المسيح. فنحن مدعوّون جميعًا كتلاميذ مخلّصنا يسوع المسيح القائم من بين الأموات أن نبني حياتنا على بعد الحياة الأزليّة لأجل ذلك قام المسيح من بين الأموات حتّى يمنحنا الحياة الحقيقيّة البعيدة تمامًا عن أيّ نوع من الألم والحزن والتّنهّد.
تبشّر كنيستنا دائمًا بتفكيك الجحيم وإلغاء الموت ونشر السّلام بين الله والإنسان والّذى جلبها كلمة الله بتجسيده وتضحيته على الصّليب وجلوسه عن ميامن الآب، ولكن بالرّغم من ذلك نلاحظ بمزيد من الأسى والأسف أنّ العالم دائمًا ما يبقى بعيدًا عن هذه الحقيقة الفريدة. فعلى الرّغم من حدوث التّصالح بين الله والجنس البشريّ فإنّ البشر يبقون متنازعين فيما بينهم بالعداوات والنّزاعات اللّاتي تُزرع فيما بينهم، فهم دائمًا مساقون إلى الحروب والصّراعات الدّمويّة الّتي تملأ الأرض بالدّماء والفساد. فمع الأسف تتجسّد هذه الصّورة بوضوح في أيّامنا المعاصرة هذه حيث نرى ونتابع بمزيد من الأسى والحزن أخوة أرثوذكسيّين يتذابحون في أوكرانيا .
يعتصر قلبي حزنًا ودائمًا ذهني مشغول بالتّفكير في أولئك الأطفال الّذين يعانون من ويلات هذه الحروب، فهم مسلوبون الإرادة ومحكوم عليهم أن يعيشوا مآسي ونتائج هذه الحروب المدمّرة. فمنهم من يفقد آباءهم على جبهات القتال وآخرون يعيشون مطاردين ويركدون خوفًا بحثًا عن الأمان والاختباء في أماكن لا تصلح للعيش. إنّهم أكثر فئة خاسرة في هذه المعارك والحروب فهم يخسرون براءتهم وأجمل ذكريات طفولتهم بطريقة عنيفة وغير إنسانيّة، وحتّى مطلع شبابهم سوف تبقى في ذاكراتهم آثار الألم والدّموع على ما رأوا وعاشوا.
وبهذه الأفكار أيضًا أنتقّل عبر ذهني من أوكرانيا إلى قارّة أفريقيا حيث الأطفال الّذين يعانون من نوع آخر من الحروب، حرب الفقر والجوع والجهل. فهؤلاء الأطفال يكافحون بشكل يوميّ من أجل نعمة الحياة فهي أمور طبيعيّة في أماكن أخرى ولكنّها بالنّسبة لهم تعتبر ذات أهمّيّة قصوى. يعتبر الجوع والمرض والفقر أعداء هؤلاء الأطفال فهم دائمًا محرومون من طفولة يستحقّونها ولكنّهم مع كلّ ذلك الألم لم يخسروا ابتسامتهم البريئة الّتي تنقل البهجة والمحبّة في قلب كلّ من يراهم .
كم هو متشابه هذا العالم في كلّ من أوروبا المتحضّرة وفي القارّة الأفريقيّة السّوداء!! فالهدف الأعظم واحد وهو كيف تستطيع أن تبقى على قيد الحياة. ففي الغرب يعدّ وقف إطلاق النّار وإنهاء الاشتباكات الحربيّة والعودة بشكل تدريجيّ إلى الحياة الطّبيعيّة مطلب أساسيّ، وفي أفريقيا فإنّ مأساة الحياة الطّبيعيّة تتلخّص في وقف الحرب المنتشرة بدون سلاح وهو مطلب وجوديّ، وفي الحالتين فالضّحايا هم الأطفال حيث ينجوا البعض منهم ويسقط الآخر في طيّ النّسيان
فهذا هو واقع العلم المؤسف الّذي نعيشه الآن…
إنّ قلبي وصلاتي متوجّهين إلى هؤلاء الأطفال في كلّ أرجاء العالم داعيًا الرّبّ أن يتوقّف حرمانهم من طفولتهم وأن يعيشوا الحياة الّتي يستحقّونها. فهؤلاء الأطفال هم مستقبل الأمم وواجبنا جميعًا أن نحافظ عليهم وأن لا نحرمهم من حقوقهم الّتي يحلمون بها.
إنّ قيامة المسيح هي الهديّة الأزليّة فدعونا نعتمدها كطريقة وجودنا في هذه الحياة، عندها فقط سوف يتحرّر الإنسان من حبّه لذاته وسوف يدرك أنّ هناك شيء واحد له قيمه “أن نلتصق بالله لأنّه وحده هو الصّالح”- وكما يقول الزّعيم نيلسون مانديلا: “حتّى يصبح أحد حرًّا لا يكفيه فقط أن يتحرّر من القيود ولكن أن يعيش بطريقة تحترم وتعزّز حرّيّة الآخرين”.
حينها سوف يصبح كلّ العالم كنيسة حين يتجلّى بالمسيح وسوف يسود السّلام فوق الأرض وعلى الأرض وسوف لن نعيش فقط لأنفسنا ولكن من أجل إخواتنا في كلّ مكان. عندها سوف ينير قلوبنا نور قيامه المسيح وسوف تتوجّه خطواتنا إلى معرفة الحقيقة.
بهذه الأفكار والخواطر الأبويّة وتمنّياتي القلبيّة أوجّه لجميعكم رسالة النّصر، ألا وهي “المسيح قام”. داعيًا أن يكون عيد الفصح بداية لتفكير جديد في عالم أكثر عدلاً مليء بنور القيامة الّذي ليس له غروب.
مع تمنّياتي القياميّة بفصح مجيد.”
الأربعاء من أسبوع مولد يوحنّا
رسالة القدّيس بولس إلى أهل رومة 9 : 14 – 18 يا إِخوَتِي، مَاذَا نَقُول؟ أَيَكُونُ عِ…