إبراهيم: نسأل الله أن يخلّصنا من أمثال هيرودس في مجتمعنا وأن يزيد من أمثال يوحنّا المعمدان
تيلي لوميار/ نورسات
في ذكرى قطع رأس النّبيّ السّابق يوحنّا المعمدان، احتفل رئيس أساقفة الفرزل وزحلة والبقاع للرّوم الملكيّين الكاثوليك المطران إبراهيم مخايل إبراهيم بالذّبيحة الإلهيّة، في كنيسة مار يوحنّا المعمدان- زحلة، عاونه فيها الأب شربل راشد وخدمتها جوقة الرّعيّة، بحضور كاهن الرّعيّة الأب أنيس غنمة، وحشد كبير من المؤمنين.
بعد الإنجيل المقدّس، ألقى المطران ابراهيم عظة من وحي المناسبة قال فيها: “في هذا اليوم الّذي نحتفل فيه بشفيع هذه الكنيسة الّتي لم توجد صدفة في هذا المكان من هذه المدينة، لا شيء اسمه صدفة في المسيحيّة، فالله قد زرع هذه الرّعيّة بيمينه بواسطة الرّهبانيّة الباسيليّة الحلبيّة وأقام عليها كهنة يخدمون فيها أوّلاً كمزار ومن ثمّ كرعيّة من سنة 2002. والأب أنيس غنمة الحبيب الّذي تشرّفت بمعرفته مؤخّرًا، رأيت فيه وجه الكاهن الأمين والرّوحانيّ وهو يتوّج مسيرة الّذين خدموا في هذه الكنيسة بالقداسة والتّقوى والفضيلة، أعايده اليوم وأشكره على دعوته وأتمنّى له سنين طويلة بالصّحّة والعافية.
عندما دخلت إلى هذه الكنيسة شعرت أنّ روح يوحنّا المعمدان قد عمّدتها. شعرت وكأنّ روح يوحنّا المعمدان ختمتها بختم موهبة المؤمنين الشّهداء والعظماء على مثال هذا النّبيّ السّابق العظيم يوحنّا المعمدان الّذي رضي بقطع رأسه ولم يرضَ أبدًا بقطع كرامته وضميره ومحبّته لله. كم لدينا اليوم أناسًا على مثال يوحنّا المعمدان وكم لدينا أناسًا على مثال هيرودس؟
نرى المجتمع متنوّعًا كمشتل فيه الجيّد من الزّرع والأقلّ جودة والأسوأ في مكان واحد، أحيانًا في غرفة واحدة وفي مجتمع واحد ومع الأسف أحيانًا في كنيسة واحدة. هيرودس لم يغب عن مسرح حياة الإنسانيّة، أينما حلّت هذه الإنسانيّة. نأمل ونصلّي أن يعطينا الله من أمثال يوحنّا كثرًا لكي يكونوا خميرة المجتمع في الدّفاع عن الحقّ والعدل والمساواة بين النّاس وكرامة الإنسان. وما زال هناك من يرقصون دون وجل ويطلبون إلى اليوم رأس يوحنّا المعمدان.
شعبنا يقطع رأسه ربّما كلّ يوم بأمر من الولاة الّذين كان يجب أن يكونوا ولاة علينا بالخدمة والمحبّة والتّضحية، واليوم يولّون علينا بأوامر قطع الرّأس من أجل إرضاء رغبة أناس خطأة يؤيّدون غلبة القاتل على الحقّ. هذا ما نعيشه اليوم في بلادنا وموجود في كلّ أنحاء العالم لكن في بلادنا بنوع خاصّ هناك شعب يتألّم، مغلوب على أمره لأنّه متمسّك بالمسار الصّحيح بحسب الضّمير، هؤلاء النّاس الّذين لم يختاروا أن يصبحوا من منظومة الفساد، النّاس الّذين رفضوا أن يسرقوا، رفضوا أن يخونوا، رفضوا أن يكونوا أعداء لبعضهم البعض ولأرضهم وترابهم ولوطنهم، هؤلاء يدفعون الثّمن الغالي.
من قال إنّ في العالم اليوم وفي العصر الّذي نحن فيه هناك بلاد دون كهرباء ودون مياه ودون أمن غذائيّ ودون دواء ودون مساواة ودون رواتب لائقة بتعب العاملين وعرق جبينهم. من هو المسؤول عن هذا الوضع غير هيرودس الّذي يرتضي كلّ يوم بأن يقطع رأس اللّبنانيّين من دون رحمة من أجل إرضاء رغبات الفاسدين الّذين يرقصون على كرامة الوطن وكرامة المواطن، هذا الشّيء لا يجب أبدًا أن يستمرّ، فإذا كان هناك مسؤولون لديهم حفنة بسيطة من الضّمير يجب أن ينتفضوا على ذواتهم قبل كلّ شيء ويبحثوا عن مصلحة النّاس ومصلحة الوطن على مثال يوحنّا المعمدان يجب أن يكونوا صوت الدّفاع عن الحقّ عوضًا أن يكونوا صوت هيرودس الّذي أمر بقطع رأس يوحنّا المعمدان.
لكن نسأل أنفسنا من يمثّلنا اليوم؟ من نحبّ أن يكون مثالنا الّذي به نقتدي: يوحنّا أم هيرودس أم هيروديا؟ مؤسف جدًّا أنّ المأساة الإنسانيّة العميقة والجرح الإنسانيّ العميق مستمرّ من أيّام يوحنّا المعمدان إلى اليوم، والمتواضعون والأوادم محكوم عليهم بالقتل.هذا ما لقاه يوحنّا المعمدان نتيجة تمسّكه بقول الحقّ والدّفاع عن الحقيقة.
نسأل الله أن يخلّصنا من أمثال هيرودس وأن يزيد من أمثال يوحنّا المعمدان وأن يزيد كرامة يوحنّا المعمدان في كلّ إنسان منّا لكي نكون على مثاله. نحن لسنا فقط أبناء هذه الرّعيّة، نحن أبناء هذا العظيم بين الأنبياء، أعظم مواليد النّساء، يوحنّا المعمدان المقطوع الرّأس. وهو إن قطّع إلى أجزاء يبقى الأنقى والأطهر والأعظم بين مواليد النّساء، في حين أنّ الّذين تبتلعهم حقارة الضّمير الميت من مسؤولين وغير مسؤولين ارتموا في حضن الفساد. إنّهم حثالة هذا الوجود وهذا المجتمع مقارنة مع يوحنّا المعمدان. نحن لسنا هنا لنحاكم احدًا. ربّما في كلّ واحد منّا هيرودس صغير يكبر، ربّما في كلّ ضمير من ضمائرنا هناك تنويم وتغييب للضّمير، وهناك استقالة للضّمير. وكم التقينا بأناس استقال منهم الضّمير. نحن أبناء هذه الكنيسة، أبناء الله والمسيح، لكن بنوع خاصّ في هذه الرّعيّة نحن أبناء يوحنّا المعمدان ورأسنا على أكتافنا مرفوع بكرامة هذا الّذي ارتضى أن يراق دمه من أجل إعطائنا المثل الّذي به يجب أن نقتدي.
أطلب من الرّبّ أن يموت هيرودس الموجود فينا وأن يحيا مكانه يوحنّا لكي نستطيع أن ننادي ذواتنا يوحنّا كلّما وقفنا مع ضميرنا .
أشكر من جديد الأب الحبيب أنيس غنمة والجوقة كلّ الّذين يقدّمون من وقتهم ومن ذاتهم في خدمة الكنيسة المباركة والمقدّسة. كلّ عيد وأنتم بخير”.
وبعد القدّاس، التقى المطران ابراهيم أبناء الرّعية في صالون الكنيسة وتبادلوا التّهاني بالعيد.
يسوع الطبيب الشافي القدير
صلاة إلى يسوع الشافييا يسوع المسيح، الطبيب الإلهي والشافي القدير،نتقدم إليك اليوم بإيمان و…