البطريرك رافائيل بدروس الحادي والعشرون ميناسيان احتفل بقدّاس أحد القيامة في كاتدرائيّة مار الياس -الدّباس
تيلي لوميار/ نورسات
ترأّس البطريرك الكاثوليكوس لكرسي كيليكيا للأرمن الكاثوليك البطريرك رافائيل بدروس الحادي والعشرون ميناسيان، قدّاس أحد القيامة في كاتدرائيّة مار الياس -الدّباس. بعد الإنجيل ألقى ميناسيان عظة قال فيها بحسب الوكالة الوطنيّة للإعلام:
“المسيح قام من بين الأموات وقهر الموت وأعطى الحياة، نعم إنّه إله الصّباؤوت القادر على كلّ شيء لقد قام من بين الأموات وأعطى الحياة. لنفهم سرّ القيامة، علينا أن نتعمّق بالمسيرة التي قضاها مخلّصنا يسوع في الأسبوع الذي سبق صلبه وقيامته. أسبوع الآلام، إنّ هذه الفترة الزّمنيّة، ترشدنا إلى حياة سيّدنا المسيح الذي دخل أورشليم ملكًا محبوبًا ومكرّمًا من شعبه، هذا الشّعب ذاته الذي خانه فيما بعد وأسلمه ليصلب ويموت وحيدًا بعيدًا عن أحبّائه وأتباعه، مغمّسًا بالدّماء من أجل خلاص البشريّة.
أجل لقد مات، لكنّه قام من بين الأموات إلهًا قويًّا مخلّصًا، كاسرًا شوكة الموت واهبًا لنا حياة جديدة، حياة أبديّة حيث لا بغض لا أنين لا آلام، صانعًا لنا عالم مليئ بالحبّ والفرح والمجد، حيث نكون مجتمعين موحّدين مع فادينا يسوع المسيح. هذه هي عقيدتنا وأساس إيماننا ونقطة انطلاقنا للحياة الجديدة، لحياة خالية من الخطيئة، مليئة بالنّعم السّماويّة والفرح السّرمديّ. بقيامة يسوع من الموت وهبنا الغفران والمحبّة، أعظم وصاياه طالبًا منّا أن نطبّقها في حياتنا عندما قال لتلاميذه: إن أردتم أن يعرفكم العالم تلاميذًا لي “أحبّوا بعضكم بعضًا مثلما أنا أحببتكم”.
اليوم في لبناننا وفي شرقنا أين نحن من هذه المحبّة، أين هي حياة العزّة والفخر والكرامة التي وهبنا أيّاها فادينا يسوع المسيح، هذا الوطن العزيز المسكين الذي تنفسناه وشربنا وأكلنا من خيراته حتّى أقفرناه جرّاء الأنانيّة والحقد والبغض والجشع، لقد صلبناه بأيدينا ودفنّاه بالفقر والحرمان جاعلين منه قفرًا خاليًا من أيّ حقّ من حقوق الإنسان. وهنا أتذكر كلمة القدّيس بابا يوحنّا بولس الثّاني في كلمته عن لبنان: لبنان هي أورشليم الجديدة، لا تلك الرّاجمة للأنبياء والمرسلين إليها، بل تلك التي يتمّ فيها الفرح الحقيقيّ بالقيامة من موت عبرته فصحًا إلى الأبد. فلعلّ بقيامة المسيح نجد طريقة للقيامة الحقيقيّة، كيما نقوم في العدالة واسترجاع حقوق الإنسان الذي عانى كثيرًا في حياته الاجتماعيّة والقوميّة.
لنصلّ إخوتي، في هذا العيد المجيد، عيد قيامة مخلّصنا يسوع المسيح طالبين منه أن ينوّر عقولنا ويقود قواد هذا الوطن الحبيب حتّى نعود إلى قيمنا الأخلاقيّة والدّينيّة والإنسانيّة مرسّخين في نفوسنا وضمائرنا وصيّة المحبّة، حتّى نصنع مجتمعًا جديدًا مبنيًّا على التّفاني بالعمل ومحبّة الوطن. أنا أكيد بأنّنا جميعًا مقتنعون ولدينا الإرادة الصّالحة، حتّى نقوم من مستنقع الظّلام نحو مستقبل مشرق. أنا أكيد من إيماننا العميق وإرادتنا بالإصلاح والرّجوع إلى الحياة التي ورثناها من خالقنا الذي فدى نفسه في سبيل سعادتنا. إنّ هذه الأخلاق القيّمة هي هويّتنا، والهويّة تطالب بالشّهادة والشّهادة تعبر بالأعمال النّقيّة الطّاهرة.
لقد جئنا جميعًا سفراء على هذه الأرض وفي يوم من الأيّام سنعود إلى خالقنا، الذي لم يبخل علينا بشيئ. فعلينا ألّا نرجع فارغين، بل مملؤون بالأعمال الخيّرة، فاعلون كلّ شيئ لمجد الله وخير العيش على هذه الأرض المقدّسة، مرددين قائلين إنني عبدك يا رب فما كان علي أن أفعله، فعلته حبًّا بك. هذا ما أتمنّاه لهذا الوطن الحبيب ولكلّ وطن يمرّ بهذه اللآلام، هذا ما اتمنّاه لكلّ فرد ولكل مجتمع آمن برحمة الله وغفرانه.
لتكن قيامة سيّدنا ومخلّصنا يسوع المسيح نقطة انطلاق للسّلام الشّامل في ربوعنا وفي حياتنا والعالم أجمع. ومثلما وصف البابا يوحنّا بولس لبنان بالرّسالة، فلتكن إذا هذه الرّسالة رسالة سلام وإيمان للعالم أجمع، لتكن هذه الرسالة واجبًا مقدّسًا لكلّ فرد منّا ودعوة لإحلال السّلام ومحبّة الله في ضمائرنا وفي حياتنا اليوميّة”.
يسوع الطبيب الشافي القدير
صلاة إلى يسوع الشافييا يسوع المسيح، الطبيب الإلهي والشافي القدير،نتقدم إليك اليوم بإيمان و…