الخميس من الأسبوع الأوّل بعد عيد الصليب
رؤيا القدّيس يوحنّا ٢ : ٨ – ١١
يا إِخوَتِي، قالَ ليَ ابْنُ الإِنسان : «أُكْتُبْ إِلى مَلاكِ ٱلكَنِيسَةِ ٱلَّتِي في إِزْمِير: هذَا مَا يَقُولُهُ ٱلأَوَّلُ وٱلآخِر، ذَاكَ ٱلَّذي أَمْسَى مَيْتًا ثُمَّ عَادَ حَيًّا:
إِنِّي عالمٌ بِمَا أَنْتَ عَلَيْهِ من ضِيقٍ وفَقْرٍ مَعَ أَنَّكَ غَنِيّ، وَعَالِمٌ أَيضًا بِتَجْدِيفِ ٱلَّذِينَ يَزْعَمُونَ أَنَّهُم يَهُود، وَهُم لَيْسُوا بِيَهُود، بَلْ هُمْ مَجْمَعٌ لِلشَّيْطَان.
فلا تَخَفِ ٱلبَتَّةَ مِمَّا سَتُعَاني مِنْ آلام. هَا إِنَّ إِبْلِيسَ مُزْمِعٌ أَنْ يُلْقِيَ بَعْضًا مِنْكُم في ٱلسِّجْن، لِيُجَرِّبَكُم، فَتُعَانُونَ ٱلضِّيقَ عَشَرَةَ أَيَّام. فَكُنْ أَمِينًا حَتَّى ٱلْمَوت، وأَنا أُعْطِيكَ إِكْلِيلَ ٱلحَياة.
مَنْ لَهُ أُذُنَانِ فَلْيَسْمَعْ، ما يَقُولُهُ ٱلرُّوحُ لِلكَنَائِس: أَلظَّافِرُ لَنْ يُؤْذِيَهُ ٱلْمَوتُ ٱلثَّاني.
إنجيل القدّيس مرقس ١٠ : ١٧ – ٢٧
أَسْرَعَ إِلَى يَسُوعَ رَجُلٌ وجَثَا أَمَامَهُ وسَأَلَهُ: «أَيُّها المُعَلِّمُ الصَّالِح، مَاذَا أَعْمَلُ لأَرِثَ الحَيَاةَ الأَبَدِيَّة؟».
فقَالَ لَهُ يَسُوع: «لِمَاذَا تَدْعُونِي صَالِحًا؟ لا أَحَدَ صَالِحٌ إِلاَّ وَاحِد، هُوَ ٱلله!
أَنْتَ تَعْرِفُ الوَصَايَا: لا تَقْتُلْ، لا تَزْنِ، لا تَسْرِقْ، لا تَشْهَدْ بِٱلزُّور، لا تَظْلِمْ، أَكْرِمْ أَبَاكَ وَأُمَّكَ».
فقَالَ لَهُ الرَّجُل: «يَا مُعَلِّم، هذِهِ كُلُّها حَفِظْتُها مُنْذُ صِبَاي».
وحَدَّقَ إِلَيْهِ يَسُوعُ فَأَحبَّهُ، وقَالَ لَهُ: «وَاحِدَةٌ تَنْقُصُكَ: إِذْهَبْ، وَبِعْ كُلَّ مَا لَكَ، وأَعْطِ الفُقَرَاء، فَيَكُونَ لَكَ كَنْزٌ في السَّمَاء، وتَعَالَ ٱتْبَعْنِي!».
فَٱغْتَمَّ الرَّجُلُ لِهذَا الكَلام، ومَضَى حَزِينًا، لأَنَّهُ كانَ صَاحِبَ مُقْتَنَياتٍ كَثِيرة.
فأَجالَ يَسُوعُ نَظَرَهُ في مَنْ حَوْلَهُ وقَالَ لِتَلامِيذِهِ: «مَا أَصْعَبَ عَلَى الأَثْرِيَاءِ أَنْ يَدْخُلُوا مَلَكُوتَ الله!».
ودَهِشَ التَّلامِيذُ مِنْ كَلامِهِ، فَأَجَابَ يَسُوعُ ثَانِيَةً وقَالَ لَهُم: «يَا بَنِيَّ، مَا أَصْعَبَ الدُّخُولَ إِلى مَلَكُوتِ الله!
إِنَّهُ لأَسْهَلُ أَنْ يَدْخُلَ جَمَلٌ في خِرْمِ الإِبْرَة، مِنْ أَنْ يَدْخُلَ غَنِيٌّ مَلَكُوتَ الله».
فَبُهِتُوا جِدًّا وقَالُوا بَعْضُهُم لِبَعْض: «فَمَنْ يَقْدِرُ أَنْ يَخْلُص؟».
فحَدَّقَ إِلَيْهِم يَسُوعُ وقَال: «هذَا غَيْرُ مُمْكِنٍ عِنْدَ النَّاس، لا عِنْدَ الله، فَعِنْدَ اللهِ كُلُّ شَيءٍ مُمْكِن».
النصوص مأخوذة من الترجمة الليتُرجيّة المارونيّة – إعداد اللجنة الكتابيّة التابعة للجنة الشؤون الليتورجيّة البطريركيّة المارونيّة (طبعة ثانية – 2007).
القدّيس يوحنّا الذهبيّ الفم (نحو 345 – 407)، بطريرك أنطاكية ثمّ القسطنطينيّة وملفان الكنيسة
العظة 63 حول إنجيل القدّيس متى
«ماذا أَعمَلُ لأَرِثَ الحَياةَ الأَبَدِيَّة؟»
لم يكن الحماس الذي أظهره الشاب ضعيفًا؛ بل كان كالعاشق.
بينما كان البعض يأتون إلى الرّب يسوع المسيح ليجرّبوه أو ليخبروه عن أمراضهم وأمراض أهلهم أو حتّى عن أمراض الآخرين، تقدّم هو ليتحدّث معه عن الحياة الأبديّة. الأرض كانت غنيّة وخصبة، لكنّها كانت مليئة بالأشواك الجاهزة لخنق الزرع النامي (راجع مت 13: 7).
أنظر كم كان مهيّأ جيّدًا ليطيع الوصايا: “ماذا أَعمَلُ لأَرِثَ الحَياةَ الأَبَدِيَّة ؟”… لم يبادر أيّ فرّيسي بهذا الشعور من قبل؛ بل كانوا غاضبين لأن الرّب قد أسكتهم.
فيما عاد هذا الشاب، وعيناه تنظران إلى الأرض من شدّة الحزن، ممّا يدلّ على أنّه لم يكن عنده سوء نية. لقد كان ضعيفًا فقط؛ كان يحبّ أن يعيش، ولكن انتابته رغبة يصعب تخطّيها… “اِذْهَبْ فَبعْ ما تَملِك وأَعطِهِ لِلفُقَراء، فَيَكونَ لَكَ كَنزٌ في السَّماء، وتَعالَ فَاتَبعْني… فاغتَمَّ لِهذا الكَلامِ وانصَرَفَ حَزيناً”… أوضح الإنجيلي ما كان سبب ذلك الحزن: “لأَنَّه كانَ ذا مالٍ كثير”.
فالذين ليس عندهم الكثير والغارقين في الغنى لا يحتفظون بممتلكاتهم بالطريقة نفسها.
فعند الأغنياء، يمكن أن يكون البخل رغبة شديدة وظالمة. فامتلاكهم لشيء جديد، يضرم فيهم نارًا حيّة، والذين تدركهم هذه النار، يصبحون أكثر فقرًا من قبل.
فتجتاحهم رغبة الاقتناء أكثر فأكثر، ويشعرون أكثر “بفقرهم”.
أنظر كيف أظهرت الرغبة قوّتها… “ما أَعسَرَ دُخولَ مَلَكوتِ اللهِ عَلى ذَوي المال” لم يقصد الرّب يسوع المسيح الأغنياء بقوله ذلك إنّما قصد أولئك الذين تمتلكهم أموالهم.
الراعي من الديمان: فلنصلِّ، أيّها الإخوة والأخوات، سائلين الله أن يملأ قلوبنا بالمحبّة والرحمة
عظة البطريرك الكردينال مار بشاره بطرس الرَّاعي الأحد السابع عشر من زمن العنصرة الديمان – 8…