سفراء السينودسيّة في خدمة الكنائس المحلية
في المؤتمر الصحفي للتحديث حول الجمعية العامة للأساقفة، حضر الكاردينال أمبونغو بيسونغو، المونسنيور فوانيا، المونسنيور أوفربيك، والأب دافيداسان. وقد تمحورت المناقشات حول دور الشباب والنساء، وأهمية الاصغاء في حل القضايا الخاصة
يعيش السينودس الآن ساعات من التمييز الكامل بشأن الوثيقة النهائية مع تقديم “التعديلات”، مع إبقاء النظر على ما يحدث في العالم من خلال اقتراح “لا قوية وواضحة” للحرب: هذا هو ملخص الأعمال في قاعة بولس السادس الذي نُقل عصر الثلاثاء في المؤتمر الصحفي للصحفيين في دار الصحافة التابعة للكرسي الرسولي، وقد عرض ما يجري باولو روفيني، عميد دائرة الاتصالات ورئيس لجنة الإعلام، وشيلا بيرس، أمينة سرّ لجنة الإعلام.
قال روفيني: “إنَّ الساعات المقبلة، بعد ظهر اليوم وغدًا صباحًا، ستخصص لتحضير ‘التعديلات’ من قبل الحلقات الصغرى على مشروع الوثيقة النهائية”. وأوضح أن الأب جاكومو كوستا، أمين السرِّ الخاص، قد شرح تفاصيل هذه المرحلة الجديدة من الأعمال في نهاية الصباح. وأوضح روفيني أن “التعديلات” هي مقترحات محددة للتعديل، وقد تشمل الحذف أو الإضافة أو الاستبدال. هناك تعديلات جماعية وأخرى فردية. إنَّ التعديلات الجماعية تتم في المجموعات اللغوية، ويُدعى كل عضو لتقديم مقترحاته. يُصوت على كل تعديل بشكل منفصل، ويُطلب الحصول على الأغلبية المطلقة (٥٠+١)، ويحق فقط للأعضاء أن يصوِّتوا. الهدف هو الوصول إلى تعديلات جماعية تعبر عن تمييز المجموعة. كما أضاف أن التعديلات الجماعية يجب تقديمها بحلول نهاية صباح الغد. يمكن لأي عضو أيضًا إرسال تعديلات فردية إلى الأمانة العامة للسينودس، لكن التعديلات الجماعية لها وزن أكبر. أخيرًا، أوضح روفيني أن مسودة الوثيقة النهائية كُتبت باللغة الإيطالية كلغة رسمية، ولكنها تُرجمت إلى أكبر عدد ممكن من اللغات بتراجم غير رسمية لغاية العمل. كما تمّت الإشارة إلى أن الوثيقة قد تُرجمت إلى الأوكرانية والصينية، وقد قُدّرت هذه المبادرة من قبل الأساقفة الصينيين المشاركين في السينودس.
ووفقًا لما ذكرته بيريس في المؤتمر الصحفي، حضر ٣٤٣ شخصًا في القاعة هذا الصباح، بمن فيهم البابا فرنسيس. بعد أن “انعقدت الحلقات الصغرى أمس” عقب تقديم مشروع الوثيقة النهائية، ركزت جميع المداخلات الحرة هذا الصباح على مسودة الوثيقة. وذكرت بيرس أن النص نال التقدير لتوازنه وعمقه وكثافته، بينما قُدمت أيضًا مقترحات. تم تقديم ٤٠ مداخلة حول مواضيع مختلفة مرتبطة بالسينودسية. من بينها موضوع الشباب: حيث طالب أحد الأعضاء الشباب في السينودس الأعضاء بعدم تهميش الشباب، وقال: “من فضلكم، لا تتركوا الشباب جانبًا، بل سيروا معنا؛ نحن نريد أن نسير معكم”. كذلك ذكرت بيرس أنّ مداخلات أخرى تحدثت عن دور النساء في الكنيسة، مشددة على أهميتهن الأساسية، بالإضافة إلى دور العلمانيين، المجالس الأسقفية، الكهنة، الحياة المكرسة، والجماعات المسيحية الصغيرة. كما أشارت إلى أن قضايا الساعة ظهرت في قاعة السينودس، مع دعوة الكنيسة لتأكيد “لا قوية وواضحة” ضد الحرب: “علينا أن نستمر في المطالبة والصلاة لإنهاء هذه النزاعات، وإلا لن يبقى إنسان حي ليقرأ هذا الوثيقة”.
“لقد تم استدعاؤنا ليس لحل مشاكل محددة، بل لتصور طريقة جديدة لكي نكون كنيسة. إنَّ السينودس لم يحد عن الهدف الذي وضعه لنفسه، إذ وضع أساساً: وانطلاقاً منه، عندما يعود كل واحد منا إلى بيته، ككنيسة جامعة، علينا أن نطبِّق هذا الروح السينودسي على كل مشكلة تنشأ”. بهذه الكلمات بدأ الكاردينال فريدولين أمبونغو بيسونغو، رئيس أساقفة كينشاسا في جمهورية الكونغو الديمقراطية، مداخلته. وعلى بُعد أيام قليلة من ختام الجمعية السينودسية، أعرب الكاردينال عن رضاه قائلاً: “يُعتبر بلدنا حتى اليوم أرضًا للإرساليات، وكانت كنيستنا حتى وقت قريب مكونة من المرسلين، وتحتاج الآن إلى التكيف مع واقع السياق الاجتماعي والثقافي”. وأشار إلى أن “استدعاء السينودس كان بمثابة زمن نعمة”، أي لحظة مناسبة “لنرى معًا كيف نتخيل طريقة جديدة لكي نكون كنيسة”. وأكد، بصفته رئيسًا لندوة المجالس الأسقفية في إفريقيا ومدغشقر، أنه “الآن وقد اكتسبنا هذا النهج، سنسعى، مع الأخوة والأخوات الأفارقة، إلى الدخول في هذه الديناميكية الجديدة، لكي نكون كنيسة كاثوليكية بطريقة مختلفة”.
وفيما يخص مساهمة إفريقيا في السينودس، بدءًا من الجماعات الأساسية وأساتذة التعليم المسيحي، أشار المونسنيور أندرو نكيا فوانيا، رئيس أساقفة باميندا في الكاميرون، إلى أن السينودسية هي “علامة اسكاتولوجية لنا جميعًا، فنحن نأتي من أجزاء مختلفة من العالم بأفكار مختلفة: ما قاله النبي إشعياء قد تحقق، حيث يعيش الأسد والدب والعجل معًا. يمكننا جميعًا أن نعود ليس فقط كأشخاص نالوا السينودسية بشكل سلبي، بل كسفراء نشطين، وهو ما أعتقد أنه المستقبل”. وأوضح أنه في السياق الأفريقي، حيث “الكنائس ممتلئة”، التحدي هو “كيفية إبقائها كذلك”، مشيرًا إلى أن الحل يكمن في السينودسية. كما أبرز الدور الأساسي لأساتذة التعليم المسيحي، ولا سيما النساء، اللاتي يمثلن حوالي نصف عددهم. وأضاف: “إفريقيا هي مكان مميز للسينودسيّة، وهي خصبة”، واختتم بالقول إنه “في الجماعات الصغيرة، يمكننا أن نحل المشاكل ونحقق السلام”.
وفيما يتعلق بالوضع ما بعد العلمانية الذي تعيشه ألمانيا، شدد المونسنيور فرانز جوزيف أوفربيك، أسقف إيسن، على الحاجة إلى إعادة دمج الكنيسة الكاثوليكية في الثقافة. وأوضح: “بعد سنوات عديدة كان فيها الناس إما كاثوليك أو بروتستانت، نجد الآن أن نصف السكان، البالغ عددهم نحو ٨٤ مليون نسمة، ليس لديهم دين أو حتى فكرة عن الله”، بينما النصف الآخر منقسم بالتساوي تقريبًا بين الكاثوليك والبروتستانت، مع وجود أكثر من ٤ ملايين مسلم. ورغم وجود جماعات صغيرة جديدة تعمل، إلا أن الحاجة إلى “بشارة جديدة” واضحة، وكذلك لضرورة “تقديم رد جديد حول دور المرأة في الكنيسة”. وفي هذا السياق العلماني، حيث تعيش الكنيسة “في توتر بين هيكلية من جهة وروحانية جديدة من جهة أخرى”، أشار الأسقف إلى أن السينودسيّة “هي مسيرة نعيشها منذ سنوات”، وأضاف أن الكنيسة الألمانية قد طورت نهجًا سينودسيًّا بعد فضيحة الاعتداءات الجنسية.
بعدها تحدث الأب كلارنس سانداناراج دافيداسان، مدير مركز الأبحاث الكاثوليكي في كوالالمبور، ماليزيا، عن خبرة عيش السينودسية داخل الكنيسة وخارجها مع الآخرين. وأوضح: “باستثناء الفيليبين وتيمور الشرقية، فإن آسيا هي قارة يمثل فيها الكاثوليك أقلية. صحيح أن الإيمان فيها حي، لكن هذا لا يعني غياب العلمنة والمشاكل الأخرى”. وأضاف أنه “في ظل تقلص الفسحات العامة للتعبير عن الإيمان في العديد من الأماكن، بسبب التطرف السياسي والديني، علينا أن نسعى لتحقيق التناغم من خلال الحوار”. وشدد على أن الحوار “ليس خيارًا، بل مسألة بقاء، فهو ليس جديدًا ولكنه ضرورة، وهو جزء من الخبرة التي نعيشها يوميًا داخل ثقافة تعددية”. وأشار إلى أن السينودسية “هي الأساس لكل هذا”، ويتم ممارستها في كل مكان، بدءًا من العائلة، وتواصل تحقيق نتائج مثمرة. وأضاف أن التحدي في آسيا يتعلق بكيفية ممارسة اللاهوت “من منظور العيش مع الآخرين”، ويرتبط بالبشارة “حيث لا يمكن التعبير عن الإيمان علنًا”. وأخيرًا، أشار إلى ظاهرة الهجرة، التي حملت العديد من الآسيويين على العيش في أجزاء أخرى من العالم، قائلًا: “إنهم المرسلون الجدد، لأنهم عندما يغادرون، لا يبحثون فقط عن الرزق، بل يحملون معهم إيمانهم، وأنا أعلم — كما ختم الكاهن — أنهم في العديد من أنحاء العالم يحيون الكنائس ويساهمون في إبقاء الإيمان حيًا”.
وكما جرت العادة، خُصصت فسحة لأسئلة الصحفيين الحاضرين في القاعة. وأكد المونسنيور أوفربيك مجددًا على أهمية فهم دور المرأة في الكنيسة، فيما يتعلق بـ”مشكلة نقص الكهنة ومن سيقوم بالعمل الرعوي”. وأشار أيضًا إلى أن تقريب الشباب من الاحتفالات الليتورجية يمكنه، من وجهة نظره، أن يستفيد من الموسيقى والفن ومساهمتهما المحتملة في الليتورجيا. وفيما يتعلق بدور النساء في الكنيسة وإمكانية فتح باب الشماسية لهن، قال الكاردينال أمبونغو بيسونغو إن الجماعات الكنسية الأفريقية لا تعارض هذه الإمكانية. ومع ذلك، أشار الكاردينال إلى أنه من الضروري توضيح دور الشماس بشكل أكثر دقة: “في البداية كان الشماس يخدم الجماعة”، ولم يكن له “علاقة بالكهنوت. لم يكن أولى مراحله، ولذلك كان مفتوحًا أيضًا أمام النساء”. ولكن مع مرور الوقت، تغير هذا المفهوم، وأصبحت الشماسية اليوم “تُعتبر أولى خطوات الكهنوت”.
وعند سؤاله عن تقدم القضايا التي تهم مجتمع الميم، أشار المونسنيور أوفربيك إلى “العديد من التوضيحات الجارية” في سياق التنوعات الثقافية الواسعة. وجاء سؤال آخر حول رأي اللاهوتي تيموثي رادكليف، الذي نُشر في ” The Tablet ” في شهر نيسان أبريل، وتمت ترجمته إلى الإيطالية في عدد شهر تموز يوليو من مجلة ” Vita e pensiero “، وأعيد نشره في صحيفة الـ ” Osservatore Romano ” في ١٢ تشرين الأول أكتوبر، حيث تمت الإشارة إلى “ضغوط قوية من الإنجيليين بأموال أمريكية؛ ومن الأرثوذكس الروس بأموال روسية؛ ومن المسلمين بأموال دول الخليج الغنية” التي يتعرض لها “الأساقفة الأفارقة”. وقال الكاردينال أمبونغو بيسونغو رد قائلاً: “لا أتعرف إطلاقاً على الأب رادكليف في ما نُشر”، مضيفًا أنه في لقاء مع اللاهوتي، قال الأخير إنه “مصدوم” من نشر “أشياء من هذا النوع تُنسب إليه. إنَّ الأب رادكليف لم يقل هذا أبدًا”، حسبما أكد الكاردينال الأفريقي.
كانت مسألة دور المرأة في الكنيسة موضوع سؤالين آخرين. أوضح المونسنيور أوفربيك أن النساء في أبرشيته، بسبب وجود كهنة من دول أخرى لا يتحدثون الألمانية، مكلفات بـ”إلقاء العظات”، وأحيانًا يقمن بقيادة “الطقوس الدينية مع الأطفال”. أما المونسنيور فوانيا، فقد تحدث عن حالات بعض الجماعات الكنسية في الكاميرون، حيث “الرسالات، التي تشكل الرعايا” لا يتوفر فيها كاهن كل يوم أحد بسبب المسافات الطويلة التي يجب عبورها. وفي تلك الأماكن، يكون “التعليم المسيحي في يد الجماعة نفسها”، وكذلك التحضير للأسرار المقدسة، الذي يُسند إلى أساتذة التعليم المسيحي. ومع ذلك، شدد رئيس أساقفة باميندا على أن منح الأسرار يبقى من الاختصاص الحصري للكهنة.
وفي النهاية، فيما يتعلق بالانفتاح الذي أبداه البابا فرنسيس خلال الزيارة الرسولية إلى بلجيكا حول إمكانية تطويب الملك بودوان، سُئل الكاردينال أمبونغو بيسونغو عن رأيه، مع الإشارة إلى الاتهامات الموجهة للملك البلجيكي بالمسؤولية عن مقتل رئيس الوزراء الكونغولي لومومبا في ١٧ كانون الثاني يناير ١٩٥١. وأجاب الكاردينال قائلاً: “نحن نبقى منفتحين” و”بالنسبة لنا، كان رجل سياسة متديناً” و”شجاعاً جدًّا”. إذا كان الملف صالحاً، ويرغبون في تقديمه من أجل إعلان قداسته، فنحن موافقون”. ومع ذلك، أضاف الكاردينال الأفريقي متحدثًا عن “بقعة سوداء”، “نحن لا نعرف كل جوانب حياته”.
حملة صحية لكاريتاس في جبيل
حملة صحية لكاريتاس في جبيل نظمت رابطة كاريتاس لبنان – اقليم جبيل، حملة صحية لل…