طريق جبيل – عنّايا وحّدت آلاف اللّبنانيّين، والنّيّة واحدة: خلاص لبنان!
تيلي لوميار/ نورسات
شهد لبنان عصر السّبت مسيرة إيمانيّة وطنيّة وشعبيّة انطلقت من جبيل إلى دير مار مارون- عنّايا، تحت شعار “طريق عنّايا ما بدّا بنزين”.
لبنانيّون من كلّ لبنان أتوا وفي قلوبهم شوق إلى الخلاص وتوق إلى عودة بلد الرّسالة إلى ما كان عليه. من مختلف الانتماءات توافدوا وتوحّدوا واجتمعوا تحت علم لبنان الّذي حمله المشاركون بجانب صور القدّيس شربل، ورفعوا صلواتهم من أجل لبنان الموجوع والرّازح تحت وطأة الأزمات المتتالية، سائلين قدّيس لبنان شفاعته من أجل خلاص وطنهم، فساروا صعودًا نحو 15 كلم، وفي قلوبهم نوايا وطنيّة وأخرى خاصّة، وعلى شفاههم أصوات التّسبيح والتّمجيد. تقدّموا نحو وجهتهم على أنغام التّرانيم وأبيات المسبحة الورديّة، متناسين تعب المسافة، ممتلئين رجاء وإيمانًا بأنّ الله يُمهل ولا يُهمل.
بعد نحو ستّ ساعات سيرًا على الأقدام، وصلت المسيرة لتنضمّ إلى الحشود الّتي سبقتها إلى ساحة الدّير، وكان الظّلام قد حلّ، فتجمّع المؤمنون في السّاحة وفي أيديهم الشّموع المضاءة، وهنا استمعوا إلى كلمة الأب جورج غطّاس قال فيها بحسب “الوكالة الوطنيّة للإعلام”: “”ما أجمل أن يجتمع الإخوة معًا” في دير مار مارون عنّايا- ضريح القدّيس شربل، للصّلاة والتّأمّل والصّمت والهدوء، أتينا اليوم من كلّ حدب وصوب لنسير معًا طريق عنّايا، طريق الإيمان والصّلاة، طريق الوحدة والأخوّة، قاصدين ناسك جبل لبنان، حبيس عنّايا، ابن الرّهبانيّة اللّبنانيّة المارونيّة، قدّيس لبنان والعالم، القدّيس شربل، طالبين بشفاعته أن ينعم الرّبّ علينا بالبركة والرّحمة والسّلام.
القدّيس شربل، جسّد في حياته تعاليم معلّمه الأوّل المسيح يسوع، تعاليم الطّوبى والمحبّة والغفران، فأضحى عنوان الإيمان والصّلاة، وراية الأخوّة والوحدة، ورمز القداسة حول القدّيس شربل من خلال اتّحاده بالرّبّ، جبل عنّايا هذا الجبل القفر، إلى فردوس أرضيّ، إلى نقطة التقاء السّماء بالأرض، محقّقًا نبوءة آشعيا، ستفرح البرّيّة والقفر وتبتهج البادية وتزهر كالورد، تزهر أزهارًا وتبتهج ابتهاجًا مع ترنيم، حينئذ تتفقح عيون العمي وآذان الصّمّ تتفتح، حينئذ يخرج الأعرج كالأيل ويترنّم لسان الأبكم.
دير مار مارون عنّايا- ضريح القدّيس شربل هو بيت كلّ إنسان طالب سلام وقداسة، طالب توبة وغفران، طالب صلاة وبركة، طالب رحمه ونور. دير القدّيس شربل هو دير كلّ متألّم، ومحزون ومريض وجوعان وعطشان إلى نعمة الرّبّ، وإلى نعمة الحياة والخلاص. علّمنا البابا القدّيس يوحنّا بولس الثّاني أنّ لبنان أكثر من وطن إنّه رسالة.
رسالة لبنان اليوم هي رسالة القدّيس شربل، فأينما ذهبنا في العالم، نرى مزارًا للقدّيس شربل حيث أصبح في كلّ بلد، في آسيا وأوروبا وأفريقيا وأميركا وأستراليا، صمت القدّيس شربل يصدح في العالم، ويدوّي في ضمائر وعقول وقلوب النّاس ويدعوهم إلى التّوبة والغفران والصّلاة والمحبّة والإيمان، يدعوهم إلى عيش السّلام والتّطلّع نحو الله والإصغاء إلى تعليم طوبى الرّبّ: طوبى لأنقياء القلوب فإنّهم يعاينون الله، طوبى لفاعلي السّلام فإنّهم أبناء الله يدعون، طوبى للرّحماء فإنّهم سيرحمون.
جعل القدّيس شربل من كلّ أرض غريبة وطنًا له ينبّه النّاس ويوقظهم ويناديهم ويدعوهم ويقول لهم إنّ الله حاضر معنا وفي قلوبنا، يرافقنا ويسير درب الحياة معنا. نجدّد اليوم إيماننا، إيمان شعب ما برح يسبّح الله ويشكره على نعمه الغزيرة، إيمان شعب راسخ ثابت كالجبال الشّامخة الّتي لا تهزّها العواصف العاتية، إيمان شعب يتوق إلى القداسة والكمال على مثال القدّيس شربل الّذي كانت حياته دومًا مأخوذة بحب الله والتّطلّع إلى السّعادة في نور وجه المسيح وبهائه وجماله: بك نطق قلبي، إيّاك التمس وجهي، وجهك يا ربّ ألتمس.
تلتقي اليوم السّماء والأرض في دير مار مارون عنّايا، ضريح القدّيس شربل، لأنّنا بقلب واحد وروح واحد، وكلمة واحدة نصلّي معًا ونسبّح الرّبّ ونرنّم وننشد أناشيد الفرح والشّكران طالبين من الله بشفاعة القدّيس شربل أن يباركنا ويبارك أطفالنا وعيالنا وقرانا ومدننا ووِدياننا وجبالنا وسهولنا أن يبارك لبنان والعالم، وكلّ المشتركين معنا بالصّلاة في كلّ الأقطار والبلدان، وأن يشفي مرضانا ويرحم موتانا وأن تهدم الجدران ويعمّ العالم السّلام، وتفتح الطّرق وتصبح كلّها طريق عنايا طريق الصّلاة، طريق القدّيس شربل. آمين”.
وترأّس القيّم العامّ على دير مار مارون- عنّايا والمسؤول عن تسجيل أعاجيب القدّيس شربل الأب لويس مطر قدّاسًا احتفاليًّا في كنيسة الدّير، ألقى خلاله عظة أشار فيها إلى “الرّوح الإيمانيّة المتجذّرة في نفوس اللّبنانيّين” متحدّثًا عن عجائب القدّيس شربل الّتي بلغت حتّى اليوم 29400 أعجوبة مسجّلة في لوائح الدّير في كلّ أنحاء العالم، حيث نسبة الـ10 في المئة منها من غير المعمّدين”.
وأكّد مطر أنّ مار شربل “لم يترك ملّة في هذه الدّنيا إلّا وعمل معها أعجوبة، فهو قريب من النّاس الّذين التجأوا إليه بآلامهم وأوجاعهم فيحقّق لهم أمنياتهم”.
وقال: “القدّيس شربل يعرّف عن نفسه للغرب بقوله أنا مار شربل لبنان آت لشفائكم، فهو يرفع اسم لبنان إلى المجد، ولكن المؤسف اليوم أنّ اللّبنانيّين ما زالوا يغرقون وطننا بالظّلمة، لذا علينا أن نعمل جميعنا كما القدّيس شربل من أجل رفع لبنان إلى المجد”.
ولفت إلى أنّ “ما يهمّ القدّيس شربل هو أن يصل النّاس إلى الله، وما هدف كلّ الشّفاءات الّتي يقوم بها إلّا ذلك، والأعجوبة تغيّر الشّخص كلّيًّا وتوجّهه نحو الله”، مؤكّدًا أنّ “كلّ أعجوبة هي نور في عالمنا المظلم”.
وشدّد مطر على “ضرورة العيش بوصايا الله في حياتنا وأهمّها المحبّة لأنّ الله هو المحبّة وللوصول إليه علينا أن نعيش هذه الوصيّة في حياتنا الوطنيّة والإنسانيّة والرّوحيّة”.
وأكّد أنّ “ليس من شيء مستحيل إن عاش كلّ واحد منّا الايمان الحقيقيّ في حياته”، معتبرًا أنّ “أعجوبة 22 الّتي حصلت مع السّيّدة نهاد الشّامي لم تأت من عبث لأنّها جمعت لـ 8 و14، كما هو شعبنا منقسم مع فريق من الفريقين.
القدّيس شربل أراد من خلال هذه الأعجوبة أن يجمع اللّبنانيّين وخصوصًا السّياسيّين عندنا في فريق واحد من أجل خلاص وطننا وعزّته وكرامته”، وشدّد على “أهمّيّة زرع المحبّة والسّلام في القلوب”، معربًا عن أسفه في أن يصل لبنان إلى ما وصل إليه اليوم على كافّة الأصعدة.
وسأل الله بشفاعة القدّيس شربل أن يشفي لبنان من الصّعاب الّتي يعيشها، مؤكّدًا أنّ “قدّيسنا لن يترك لبنان وشعبه إن هو تسلّح بالإيمان والمحبّة”، مصلّيًا “لكي يعود وطننا إلى ما كان عليه وأن يعيش اللّبنانيّون بكرامة وأمان وسلام”.
الأربعاء من أسبوع مولد يوحنّا
رسالة القدّيس بولس إلى أهل رومة 9 : 14 – 18 يا إِخوَتِي، مَاذَا نَقُول؟ أَيَكُونُ عِ…