عظة الأباتي إدمون رزق، في القدّاس التذكاري لوفاة الأب جناديوس موراني

عظة الأباتي إدمون رزق، في القدّاس التذكاري لوفاة الأب جناديوس موراني
دير سيدة النجاة، في 26 ك2 2025
«إِنَّ الحِصَادَ كَثِيْر، أَمَّا الفَعَلَةُ فَقَلِيْلُون.
أُطْلُبُوا إِذًا مِنْ رَبِّ الحِصَادِ أَنْ يُخِرِجَ فَعَلَةً إِلى حِصَادِهِ».
أبائي الأجلاّء،
إخوتي الأحبّاء،
إنَّ كلمةَ الله اليوم، تُذكّرنا بالعمّال الصالحين في حقلِ الربّ. ونحنُ أتينا في هذا المساء، لنحتفلَ بذكرى استشهادِ الأبِ جناديوس موراني، العاملِ الصامت والشاهدِ الحقيقي للحُبِّ الكبير، الّذي عمِلَ مع النفوسِ الصغيرةِ ومِن أجلِها، لتعتنقَ الإيمان بالله القريب، وتتعمّق في الرجاءِ والمحبّةِ الّلذَين ينبعان من اللقاء بالربِّ يسوع ولمسِ عمقِ حُبِّهِ .وكم نحنُ بحاجةٍ لفعلةٍ يتفانونَ لتُثمرَ كلمةُ الله، وليكون الحصادُ جيّدًا، يوازي التعبَ والسهرَ والحُبَّ الّذي غُرسَ! في هذا المساء، جئنا نشكرُ الله على الأب جناديوس موراني، الّذي في حياتِهِ القصيرةِ في هذه الرهبانيّة، كتبَ نشيدًا مُميّزًا ساميًا، نشيدَ الحُبِّ، كتبَهُ من أجلِنا جميعًا، شهادةً للحُبِّ الّذي امتلكَ قلبَه.
هذا هو حبيبُنا الأب جناديوس موراني، الّذي نحتفلُ اليومَ، في هذه الذبيحةِ الإلهيّةِ، بذكرى استشهادِهِ الـسادسة والستّين. هو العاملُ في حقلِ الربِّ بالتزامٍ وجديّةٍ وفرح. وقد اشتُهرَ بعملِهِ في التربيةِ وإصغائهِ إلى قلقِ الإخوةِ، إنْ في الدعوةِ وإن في الحياة. فكانَ الـمُربّي والـمُرشد والـمُعلِّم الّذي يحملُ السلامَ إلى قلوبهم، الّذي يحملُ يسوع بكلاماتِه وتصرّفاته وتجرّدهِ. تمامًا كما ذكرَ بولسُ في رسالةِ اليوم: “نَتَكَلَّمُ أَمَامَ ٱللهِ في الـمَسِيح. وكُلُّ شَيءٍ، أَيُّهَا الأَحِبَّاء، هوَ لِبُنْيَانِكُم…”
في زمن الدنحِ، لا يسعني إلاّ أن أن أتأمّلَ معكم بهذا الأب الشاب الّذي سعى أن يُرضي اللهَ بكلِّ ما لديه، مِن علمٍ وشوقٍ وتجرّدٍ، في سبيلِ أن يكونَ قلبَهُ عرشًا لله فقط. نعم، هذا كانَ همُّهُ: أن يُرضي اللهَ وأن يجذُبَ القلوبَ إليه. ها هو يقول في رسالتِهِ السادسة:
” مَن يدعونا ليس بصوتٍ، بل صرخة. اللهُ يصرخُ في قلوبِنا. الحبُّ يلحُّ، وهو بحاجة لأن يفيض. عندما يُشعلُ يسوعُ نارَهُ في قلبٍ ما، يريدُ من هذا القلب أن ينقلُها إلى قلوب أُخرى…”
فاضت نارُ الحُبِّ في قلبِ جناديوس، ولا تزالُ حتّى يومِنا تجذُبُنا إلى يسوع، فكلُّ مَن سمعَ بسيرةِ هذاالراهبِ الشهيد، يريدُ أن يتعرَّفَ إليهِ أكثر وأن يُسلِّمَ ذاتَهُ ليسوعَ أكثر! لأنّهُ كما يقول ” … إنما حُبُّ الله هو وحده الذي يفعمُ القلوبَ سلامًا وسعادة. كلُّ شيء باطلٌ في الحياةِ ما عدا محبة الله. “
في سنةِ الرجاءِ الّتي أَعلنَها البابا فرنسيس، نُصلّي كي يمتلأَ قلبُنا رجاءً وثقةً بعنايةِ اللهِ الإلهيّة، كما علّمَنا الأبُ الشهيد جناديوس موراني، الّذي كانت حياتُهُ عبارةً عن أنشودةِ رجاءٍ يُعدي رجاءً، وما قدرت عليهِ أيُّ حربٍ أو صعوبةٍ أو تجربة. فهمُّهُ على الأرضِ كانَ السماءَ، ولهذا انتصر. يقول : ” إنَّ النجاحَ في كفاحِ الإنسانِ، لا يتحققُ إلا بإفساح المجال لله للعمل في حياتِنا؛ إنَّ النصرَ يتحقَّقُ عندما نواجهُ المشقّاتِ باسم الله. … يجبُ أن نحملَ إلى المعركةِ نشيدًا جديدًا لحربٍ أكثرَ سماوية، من شأنها أن تزيدَ من شجاعتِنا وتملأَنا ثقةً ورجاءً ومحبةً وقوة!..”
وما يقصدهُ بالحرب السماويّة هو جهادَنا وتجرُّدَنا من الأمورِ الأرضيّة، وتركيزُنا الأكبر على الأمورِ الروحيّةِ … أنخافُ أن نجوعَ إلى الطعامِ أكثرَ من أن نعطشَ إلى الله؟ أنسهرُ على روحانيّةِ أولادِنا كما نسهرُ على حاجاتهم الماديّة؟
إنَّ الأب جناديوس موراني يُعلّمُنا بذلَ الذاتِ في سبيل خلاصِ النفوس، أي المحبّة الّتي تنبعُ من قلبِ الله. نذرَ نفسَهُ قربانًا ضحيّةً لخلاصِ النفوسِ واتحادِ الكنيسة، فمات شهيدًا: سقطَ ضحيّةً لغضبٍ لا يمتُّهُ بأي صِلة، عدا أنّه مسيحيّ، راهبٌ، شاهدٌ ليسوع ولتعاليمِه!
في هذا المساء، ونحنُ نقفُ هنا، عندَ مقبرتِهِ، نشكرُ اللهَ على هذا الراهب المريميّ، الّذي علّمَنا الكثيرَ ولا تزالُ سيرتُهُ سيرةً رهبانيّةً بطوليَّةً وشهادةً رائعةً أمامَ اللهِ والناس. وليس غريبًا أن تأتي ذكرى وفاتِهِ في 24 كانون الثاني، في أسبوع الصلاةِ من أجلِ وِحدةِ المسيحيّين، وهذا كان همًّا كبيرًا لديه. وأنا أطلبُ منكم، إخوتي الأحبّاء، أن تُصلّوا لرهبانيّة الأب جناديوس لكي يحفظَها الله من الشرور ويدعو إليها رُهبانًا قدّيسين، وكهنةً أبرار يسوقون شعبَهُ إلى الفرحِ الأبديّ.أُذكروا كنيسةَ المسيح لتكونَ واحدة، جامعة مقدّسة، فلا تقدرَ عليها أبوابُ الجحيم. لا تخافوا أن تُصلّوا ولا أن تشهدوا وتعترفوا بإيمانِكم باللهِ الثالوث القدّوس، فاللهُ يرى ويسمع ويعرفُ ما في القلوب، ومريمُ أمُّ الله تأتي وتمدُّ يدَ العون. والأب جناديوس يُصلّي معنا من السماء، من أجلِ شبابِنا وعائلاتِنا والعيش بإيمانِنا، كي ننتصرَ بكنيستِنا، ونمجِّدَ اللهَ معًا. آمين
البابا يشكر جميع الأشخاص الذين يصلون من أجله ومن يعتنون به في المستشفى
موقع الفاتيكان نيوز في وقت ما يزال فيه البابا فرنسيس يتلقى العلاج في مستشفى جيميلي بروما ن…