كلمة الأباتي إدمون رزق في عيد مار عبدا
كلمة الأباتي إدمون رزق في عيد مار عبدا
دير القمر، 30 آب 2024
ما أجملَ أن يجتمع الإخوة ويحتفلوا بأعيادِ القدّيسين، أعيادِ الرجاءِ في وطنٍ يحيىا بالإيمانِ والرجاءِ والمحبّة!
يعودُ علينا تذكارُ قدّيسِنا مار عبدا، شفيعِ هذا الصرحِ المبارك، محمَّلاً بالرجاءِ الّذي يغيثُنا في هذه الأوقات العصيبة: أوقات تهديدٍ وتوعيد، واسترجالٍ وتعظيم، وكأنّ حياةَ الناسِ تتوقف على كلماتٍ ومصالحَ وقرارات ِحربٍ وهدنة…
اليومَ، وكلَّ يومٍ هو من صنع الربِّ، لنحيا وننموَ ونملأَ الأرض ترنيمًا وتمجيدًا له واحتفالاً بكلِّ معطياتِ الحياة!
وهذا المساء، إذ نتأمَّلُ في حياةِ القدّيس عبدا ومواقفِهِ الباسلة، نتأمّلُ بمعنى الانتماء إلى المسيحِ في دعوتِنا المسيحيّة: دعوةِ الثباتِ والتمسّكِ بالحقّ والتبشيرِ بالكلمةِ، كما يدعونا القدّيس بولس في رسالة اليوم:
“فاثبتوا إذاً، وشدّوا أوساطكم بالحقّ، والبسوا درع البرّ، وانعلوا أقدامكم باستعداد لإعلان إنجيل السلام، إحملوا ترس الإيمان… ضعوا خوذة الخلاص، وتقلّدوا سيف الرّوح، الّذي هو كلام الله”
وكأنّ هذه المصطلحات “الحزام، والدرع والترس والخوذة والسيف…” تقصِدُنا اليوم، لترشدَنا للانتصار على حرب الأعصاب بسلاح الإيمان!
وكما يقول سفر صموئيل ” يحفظُ أقدامَ أصفيائِهِ، والأشرارُ في الظلام يزولون لأنه لا يغلبُ إنسانٌ بقوّتِهِ” (1 صم2: 9).
إذن، لماذا نتخاذلُ بإيمانِنا، كأنّنا دونَ إيمان؟ وكيف نخافُ بعد؟
“إذا كان اللهُ معنا، فمن علينا؟” (رو 8: 31)
لنبحثْ عن الربِّ ونكتشفْ سرَّهُ في كلِّ دقيقةٍ من حياتنِا وكلِّ مكانٍ، وكلِّ لقاءٍ، ولنشهدْ له بأعمالِنا، كما فعل قدّيسُنا مار عبدا الّذي استُشهِد من أجلِ إيمانهِ.
وضع عبدا إيمانَه بالكلمةِ المتجسّدة، ولم يخفْ من أيِّ أحدٍ، ولا أيِّ شيء استطاع أن يمنعَه من السيرِ في نورِ الكلمة إلى القداسة. ككاهن ٍأبٍ وكأسقفٍ رئيس، كان مثالاً صالحًا ومنارةً للّذين يبحثون عن جوهرِ الحياة، واضعًا اللهَ ومشيئتَه في أولويّةِ حياتهِ كما كان يوصي من تتلمذوا عنده.
أمّا نحن فقد يكونُ سؤالُ بطرس في إنجيل هذا المساء هو ما يشغلُ بالَنا: “ها نحن قد تركْنا كلَّ شيءٍ وتبعناك، فماذا يكونُ لنا؟” وكأنَّ حياتَنا هي صفقاتٍ بصفقات، فيجيبَنا يسوع أنّنا بتركـِنا الأشياءَ من أجلِ اسمه، نرثُ الحياةَ الأَبديَّةَ!
إذن، إنَّ دعوتَنا اليوم، هي ألّا نقلقَ إلّا في سعيـِنا وراءَ الملكوت، وألّا نرغبَ إلّا في عيشِ وصايا الله وألّا نتعبَ إلّا في زرعِ بذورِ المحبّةِ والإيمانِ والرجاء، لنكسبَ مِثل قدّيسِنا رِضى الربّ والفرح والسلام في القلب.
إنّ شفيعَنا مار عبدا هو مثالٌ في عيشِ المسيحيّةِ، وصدى كلماتِهِ يتخطّى الأيّامَ والتاريخ : “ضعوا اللهَ أولاً في حياتِكم، فمن أولويّةِ المسيحِ هذه، تأخذُ كلُّ حياتِنا معناها”. هذه الكلمات سنضعُها أساسًا لأيّامِنا ونتذكّرُها عندما تضيقُ بنا الدنيا، كي لا ننسَ أنّ على صخرةِ المسيحِ، بُنينا كنيسةً واحدة، لا تقوى عليها أبوابُ الجحيم.
باسمي وباسم الآباء المدبّرين العامّين، وباسم أبناءِ الرهبانيّة المارونيّة المريميّة، أعايدُكم، خاصّةً من يحملون إسم القديس عبدا، ليبارككم الربّ بشفاعة مار عبدا والسيّدة العذراء، وباسمكم أرفعُ الصلاةَ والشكر من أجل الأب وليد موسى، رئيس دير مار عبدا، مع الأب الوكيل وجماعة الدير،، وأتمنّى أن تكونَ كلَّ أيّامِنا أزمنةَ رجاءٍ وثقةٍ بأن الرّب حاضرٌ في وسط شعبه وهو الّذي يعطي الكون الخلاص. آمين
الخميس السابع عشر من زمن العنصرة
رسالة القدّيس بولس الأولى إلى طيموتاوس 3 : 1 – 13 يا إِخوَتِي : صَادِقَةٌ هِيَ الكَل…