لقاء الأخوّة الإنسانيّة: مسيرة ومشاركة في قاعة الزّهراء-حارة حريك بدعوة من اللّجنة الأسقفيّة للحوار المسيحيّ – الإسلاميّ
لمناسبة اليوم العالمي للأخوّة الإنسانيّة، وبدعوة من رئيس اللّجنة الأسقفية للحوار المسيحيّ- الإسلاميّ في لبنان المطران مار متياس شارل مراد، أقيم لقاء حول “الأخوّة الإنسانيّة: مسيرة ومشاركة في المركز الإسلاميّ الثقافي- مجمع الإمامين الحسنين- قاعة الزهراء – حارة حريك.
شارك في اللّقاء إلى جانب المطران مار متياس شارل مراد، العلّامة السّيّد علي فضل الله، وفاعليّات كنسيّة، دينيّة، علماء، أصحاب الفضيلة، الآباء الكهنة، أعضاء اللّجنة الأسقفيّة للحوار المسيحيّ – الإسلاميّ وإعلاميّين.
إستهلّ اللّقاء بالنّشيد الوطنيّ، تلته صلاة الأبانا للإعلاميّين من إعداد وكتابة محطة تيلي لوميار -نورسات.
ثم ألقت الإعلاميّة ليا عادل معماري كلمة رحّبت بالحضور ولخّصت كلمتها بقول مقتبس من أقوال البطريرك يوحنّا العاشر بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للرّوم الأرثوذكس “ما بين النّحن والأنتم تذوب الواو وتختفي، ونصبح نحن أنتم وأنتم نحن” مؤكّدة أنّ هذا القول وغيره ينطبق تمامًا على مضمون وثيقة الأخوّة الإنسانيّة.
مراد
بعد ذلك، كانت كلمة لرئيس اللّجنة الأسقفيّة للحوار المسيحيّ- الإسلاميّ في لبنان المطران مار متياس شارل مراد بعنوان “الأخوّة الإنسانيّة: مسيرة ومشاركة جاء فيها:
“في ظلّ الأوضاع السّياسيّة والأمنيّة الصّعبة الأزمة الاقتصاديّة الخانقة التي يتخبط فيها عالمنا ولاسّيما شرفنا الأوسط وعلى وجه الخصوص لبناننا العزيز، تأتي هذه الوقفة المتمحورة حول الأخوّة الإنسانيّة، لتذكّرنا بضرورة السّير معًا للمشاركة في عمليّة تحرير الفائدة من معكرات الماضي وتوجيه الأنظار إلى ما يحرق ضباب التّباعد ويقرّب المواقف الهادفة إلى التّضامن الفعّال المبنيّ على الصّافي والمودّة لأجل تعزيز حضارة السّلام، النّهوض بالقيم والأخلاق، ونشر مفاهيم العدالة النّصوح، وإفساح مجالات الحياة للمستضعفين والمحرومين من حقوقهم الواجبة”.
عن دور اللّجنة الأسقفيّة للحوار المسيحيّ – الإسلاميّ قال: إنّنا كلجنة أسقفيّة للحوار المسيحيّ – الإسلاميّ، أردنا أن نسير على خطى قداسة البابا فرنسيس الذي، منذ الأيّام الأولى لتولّيه منصبه، وضع الحوار وتحسين العلاقات الإسلاميّة المسيحيّة نصب عينيه، كإحدى أولويّات بابابويته، وهو بلقائه شخصيّات إسلاميّة من مختلف المذاهب، خلال جولاته العديدة أراد أن يبعث برسالتين، الأولى للمسلمين، ليقول لهم إنّه أخوهم، يحبّهم، ويدعمهم؛ أمّا الثّانية فتتوجّه للمسيحيّين ليريهم ما يمكن للقاء محب عابر للأديان أن يكون، ومعنى أن تفتح يديك لـ”الآخر”.
فضل الله
من ثم، ألقى العلّامة السّيّد علي فضل الله كلمة بعنوان الأخوّة الإنسانيّة في ضوء الدّين وتحدّيات الواقع قال فيها: “إنّ الأخوة قد يختلفون في أفكارهم وأديانهم ومذاهبهم ولكنّهم يتحابون ويتعاونون ويتقاسمون العيش ويسدّد بعضهم بعضًا وإن اختلفوا يحافظون على البيت الذي يجمعهم إلّا في حالات استثنائيّة وليست هي القاعدة.
لقد جاءت الأديان لتعزز هذه القيمة في النّفوس وقد كان طبيعيًّا أن تنطلق وثيقة الأخوّة الإنسانيّة من قيادات فاعلة على الصّعيد الإسلاميّ – المسيحيّ وأن نكون نحن الآن من يتحدّثون عنها وذلك في مواجهة من يعمل أن يحرّف الدّين عن دوره الإنسانيّ ويحوّله إلى مشكلة بدلاً من أن يكون حلًّا، وقد دعت النّصوص الإسلاميّة والمسيحيّة إلى تعزيز قيمة الأخوّة وعندما عزّزت في المجتمع لغة الحوار عند الاختلاف واعتبرت أنّ الاختلاف لا يعني التّباعد والتّحاقد أو أن يصل إلى القتل والقتال. وأشار إلى أنّنا أحوج ما نكون في هذا العالم إلى لمسة الأخوّة هذه التي من خلالها يستعيد العالم إنسانيّته وحتّى يبقى أيّ خلاف أو نزاع يحصل فيه محكومًا بمشاعر الأخوّة وبالطّبع سوف يساهم في التّخفيف من كلّ هذه النّزاعات والحروب والفتن وان لم يؤد إلى علاجها وانهائها سيساهم في خلق جوّ من التّعاون بين البشر ويحقق السّلام بينهم.
ونحن علينا مسؤوليّة كبيرة بنشر قيم وتعاليم هذه الأديان وعلى إبقاء الدّين رحمة للعالمين وعامل أمان وساعيًا لمدّ الجسور والتّواصل بين تنوّعاته وأن يمنع كل من يريد العبث بمعانيه الرّوحيّة والأخلاقيّة والإنسانيّة وأن يستخدم أداة للسّيطرة والظّلم كما شهدنا من كان يهدّد ويقتل ويدمّر تحت عناوين الإسلام أو المسيحيّة وليكن الدّين كما أراده الله وكما دعا إليه كلّ الرّسل والأنبياء نقيًّا صافيًا مشرقًا داعيًا للعدل الإنسانيّ ومبشّرًا بالرّحمة والمحبّة والتي نريد أن نأسّس عليها أخوّة إنسانيّة راسخة.
إنّ علينا مسؤوليّة كبيرة في العمل على إزالة العوائق والتّحدّيات التي تواجه هذه الوثيقة لما نشهده من تراكمات لأحقاد التّاريخ ومشاكله ممّن أدمنّاه وتنامي أفكار التّطرّف والتّعصّب ودعوات التّكفير والانغلاق وانعدام العدالة والسّعي الحثيث من الدّول الكبرى وغيرها للسّيطرة على ثروات الشّعوب ومقدّراتها ممّا يؤدي إلى توترات ونزاعات وحروب.
إنّنا على ثقة بأنّنا قادرون على تجاوز كلّ هذه المعوقات من خلال تعاوننا وعملنا المشترك وتضافر الجهود والوعي بأنّ لا حلّ لما نعانيه إلّا بالوحدة ونشر ثقافة السّلام والمحبّة وتحقيق العدالة.”
حجازي
بدوره، أكّد سماحة مفتي راشيا الشّيخ الدّكتور وفيق حجازي في كلمته التي حملت عنوان التّعايش المسيحيّ – الإسلاميّ على ضوء وثيقة الأخوّة الانسانيّة” أنّنا وفي زمن الصّراع بين القوى العالميّة، ومحاولات النّيل من كرامة الإنسان، تأتي هذه الوثيقة، لتؤكّد أنّه لا إنسان بلا أخوّة ولا إنسانيّة بلا كرامة. ومسيرة الإنسانيّة تتطلّب أن تكون لغة الدّين أساسًا ينبغي عليه حفظ الحقوق وأداء الواجبات ومراعاة الخصوصيّات دونما انتهاك لحرمات ولا تعدٍّ على محرّمات، مشيرًا إلى أنّ التّعايش المسيحيّ – الإسلاميّ ينطلق من مبادئ الثّقة والاحترام المتبادلين، ومن الرّغبة في التّعاون لخير الإنسانيّة، وفيما يمسّ حياة الإنسان، وفق مبادئ كرامة الإنسان، والعدل ورفع الظّلم، والحرّيّة الدّينيّة”.
زين الدين
من جهته، تناول ممثّل الطّائفة الدّرزيّة في المركز الحبريّ للحوار الإسلاميّ – المسيحيّ في الفاتيكان وممثّل سماحة شيخ العقل لطائفة الموحّدين الدّروز الشّيخ الدكتور سامي أبي المنى في لقاء الأخوّة الإنسانيّة الشيخ عامر زين الدين موضوع” الأخوّة والقيم الإنسانيّة” وقال: “إنّ الوثيقة لم تكن سوى ترجمة حيّة واقعيّة، للانفتاح الفكريّ والثّقافيّ، كونها وضعت مبادئ أخلاقيّة، في إطار من التّسامح، وشتّى معاني قبول الآخر والتّعايش السّلميّ، استشرف صانعاها باكرًا مآل هذا الواقع المضطرب، الذي يقف على شفا جرف هاوية العبث والحطام، فخطا بمداد من ذهب، وصايا أمام مسؤوليّة الله والتّاريخ، مهما تعددت مفاهيمها وتفسيراتها، فإنّ غاية مقاصدها، إنّما تشكّل انتصارًا للحقّ وسائر المظلومين البؤساء والمقهورين. وبالتّالي، إنّ مفهوم الأخوّة شكّل من خلال تلك الوثيقة، باقة قيم يبقى أرقاها الأخوّة الإنسانيّة”.
طبارة
في السّياق نفسه، تحدّثت رئيس مؤسّسة أديان الدّكتور نايلا طبّارة عن موضوع “بين وثيقة الأخوّة وازدواجيّة المعايير الدّوليّة” مؤكّدة أهميّة وثيقة الأخوّة الإنسانيّة التي تدعو في مضامينها إلى نصرة المظلومين وتحقيق العدالة الإنسانيّة، وتطرّقت إلى الإبادة التي تتعرّض لها غزّة الأمر الذي يوجب على الجميع تطبيق الوثيقة بسائر قيمها منها الشّجاعة وإعلاء كلمة الحقّ، وعدم السّماح بانتهاك حقوق الله، وتعزيز المحبّة، وعدم السّكوت عن الحقيقة وتجريد الإنسان عن انسانيّته”.
عبس
أمّا الأمين العام لمجلس كنائس الشّرق الأوسط البروفسور ميشال عبس فقدّم موضوعًا بعنوان ” الإشراك في الحياة والأخوّة الإنسانية-دور مجلس كنائس الشّرق الأوسط نموذجًا” وتطرّق إلى مبادرات المجلس في هذا الإطار وقال: “منذ انتدابي إلى خدمة الأمانة العامّة، أعدّيت برنامجًا يعنى بالحوار والتّماسك الاجتماعيّ، يهدف أيضًا إلى إعادة تأهيل الكرامة الإنسانيّة والرّأسمال الاجتماعيّ – القاعدة المجتمعيّة للأخوّة بين البشر وقد بدأناه بسلسلة محاضرات وندوات بلغت، وكلّها تتعامل مع مواضيع لها علاقة بالأخوّة الإنسانيّة والوحدة الاجتماعيّة وتأهيل بناها. في سياق متصّل، نرى أن برنامج موسم الخليقة البيئيّ، الذي ننفذه منذ ثلاثة سنوات، قد أعطى ثمارًا جمّة على صعيد حملات التّوعية، كما على صعيد حملات التّشجير، وكلّا البعدين في العمل البيئيّ يتوسعان تدريجيًّا ليطالا مناطق إضافية من الشّرق الأوسط.
إضافة إلى ذلك، لقد دأبت إلى كتابة مقالة في نشرتنا الأسبوعيّة، وكلّها موجّهة نحو الحوار والتّآخي بين النّاس ونحو شرح موقف المجلس وكنيسة الشّرق الأوسط من الأمور المطروحة في يوميّاتنا، ومن نافلة القول ان التّوجه العام هو نحو الحوار والتّآخي”.
الحلبي
من جهته، تحدّث رئيس قسم الدّراسات المسيحيّة الإسلاميّة ومدير مركز الشّيخ نهيان للدّراسات العربيّة والحوار الحضارات في جامعة البلمند، الدّكتور إلياس الحلبي عن موضوع “دور الوثيقة في المصالحة بين الدّين والحقّ الإنسانيّ” وقال: “إنّ مؤتمر الأزهر والوثيقة التي صدرت عنه كانت نتاج جهد فكريّ مسيحيّ إسلاميّ مشترك وكان للقيادات الدّينيّة والفكريّة اللّبنانيّة دور كبير فيه. لذا تكتسب وثيقة الأخوّة الإنسانيّة أهميّة خاصّة لنا كلبنانيّين.
لقد تبنّت جامعة البلمند الوثيقة منذ توقيعها وتمّ ادراجها في المقرّرات المخّصصة لطلاب الماجستير في مركز الدّراسات المسيحيّة-الإسلامية. فجاء ذلك استجابة لما ورد في الوثيقة من دعوة لنشرها وتدريسها. وأكّد أنّ هذه الوثيقة تشكّل رؤيا لبناء مستقبل مشترك لكلّ أبناء الجنس البشريّ، وفيها من القيم والمنطلقات التي تشكّل قاعدة صلبة لبناء مشاريع مشتركة ومرضاة للخالق وخدمة للإنسان أيّ إنسان وكل إنسان.”
فهد
أمّا رئيس ومؤسّس جمعيّة الحوار للحياة والمصالحة الدّكتور زياد فهد فتحدّث عن خبرة الشّبكة المستدامة للقادة الدّينيّين في طرابلس وتطرّق إلى خبرة القادة الدّينيّين مسيحيّين ومسلمين على ضوء وثيقة الأخوّة الإنسانيّة وأكّد أنّ تطبيق الوثيقة في طرابلس أتى رغم كلّ الصّعوبات التي كنّا وما زلنا نمرّ بها من أحداث، انتفاضة، فقر، ظلم”، حيث نظروا جميعًا إلى خبرتهم نظرة تأملّية حملت معاني الأمل والفرح بلقيا الآخر وتعزيز المحبّة والتّسامح والتّلاقي والحوار الحقيقيّ رغم الصّعوبات. وأشار إلى أنّ الأزمات تزول عندما يرى المجتمع والعالم فسيفساء المحبّة والتّعايش والتّسامح لاسيّما في وطننا لبنان.
هذا وقد تخللت اللّقاء ريبورتاجات خطّت أهميّة الوثيقة وقيمها وأهميّة يوم الأخوة الدّوليّ وخبرات وشهادات لشبّان وشابات من مختلف الطّوائف والدّيانات طبّقوا وثيقة الأخوّة الإنسانيّة.
وإختتم اللّقاء بتلاوة نصّ دعاء وثيقة الأخوّة الإنسانيّة.
كما تم توزيع كتاب “وثيقة الأخوّة الإنسانيّة قراءة تأويليّة” للأب الدكتور والمدبّر العام في الرّهبانيّة الأنطونيّة المارونيةّ بشارة ايليا على المشاركين والذي كتب مقدّمته المطران مار متياس شارل مراد.
البابا يصدر إرادة رسولية جديدة بعنوان “الجمال الحقيقي”
أصدر البابا فرنسيس إرادة رسولية بعنوان “الجمال الحقيقي” بهدف تعزيز روح الشركة …