من هو الكاهن؟
بقلم : الأخت سيسيل حجازين - الأردن
«لأَنَّه مَكتوب: كونوا قِدِّيسين، لأَنِّي أَنا قُدُّوس» (1 بط1: 16)، «كَمَا أَرسَلَتني إِلى العالَم فكَذلِكَ أَنا أَرسَلتُهم إِلى العالَم وأُكَرِّسُ نَفْسي مِن أَجلِهمِ لِيَكونوا هم أَيضًا مُكَرَّسينَ بِالحَقّ» (يو17: 18و19).
دعونا التعرف على هوية الكاهن، ومن هو هذا الكاهن الذي يخدم على هيكل الرب؟ دعونا نتعمق في معرفته.
فالكاهن هو سفير الله على الأرض، ولكن سفير البشر عند الله هو المسيح الفادي،
والكاهن هو ممثل المسيح على الأرض.
الكاهن هو سفير الله بُلُغتنا الأرضية الدنيوية وزير الله، الخالق رب الكون هو الذي صنع السماوات والأرض، كما نعرف من سفر التكوين فصل 1، كذلك الكاهن يصنع لنا الأرض والسماء، كيف؟ بقوة السلطة الروحية التي يمارس بها الأسرار، ولا خليقة بعد الخالق تفوق سلطتها سلطة الكاهن.
وتضيف قائلة الكاهن هو أعظم من الملاك نرى ذلك في سفر الرؤيا عندما همّ يوحنا بأن يسجد للملاك، أما الملاك فرفض قائلا: «انظر لا تفعل» وكأنّه يقول له: «أنت أعظم مني بالكهنوت».
فالكاهن هو أعظم من يوحنا. نعم أعظم من يوحنا، لماذا؟ لأن يوحنا عمّد المسيح، أما الكاهن فيصّير أو يحّول الخبز إلى جسد المسيح والخمر إلى دم المسيح.
فالكاهن هو أعظم من الملوك. الملك يفتح لأحبتنا باب السجن ويطلق سراحهم، أما الكاهن فانه يفتح لنا باب السماء لندخل ونتعشى مع الفادي في مائدة السماء.
لان الكاهن هو أعظم من مريم العذراء من ناحية ولادة يسوع، «مريم العذراء ولدته مرة واحدة». أما الكاهن فإنّه يلده كل يوم، من خلال الذبيحة الإلهية.
والكاهن هو وسيط بين الله وبيننا، بيني وبينك. يعطينا الله من خلال المناولة والحلّة والكرازة أي العظة، ويقدمنا للرب بعد أن يقدسنا بالعماد والتوبة، ويقدمنا أيضا لله بالذبيحة الإلهية الغير دموية في القداس الإلهي، الله اختاره وأرسله لنا ليبين لنا إرادته القدّوسة من خلاله، وبالمقابل يدافع ويحامي عنا أمام العزّة الإلهية، ويطلب من الرب، ما هو لازم لنا وما هي حاجاتنا.
الكاهن هو سراج مضيء. نحن نعلم أن السراج لا يضيء بذاته إلا إذا أضاءه آخر، شخص ما، والكاهن أيضا لا يصبح كاهنًا إلا إذا دعاه الله وينال شرف الخدمة، بواسطة الرؤساء. السراج يضيء إلى أخر نقطة من الزيت.
والكاهن يفني ذاته لا لأجله بل لأجل الآخرين، السراج لم يُصنع ليخفى، بل على المنارة ليضيء للذين هم في البيت.
هكذا الكاهن يعطي المثل الصالح للجميع، الذي هو نور المسيح. إذا انطفأ السراج ساد الظلام على الجميع، والكاهن إنّ لم يعلم الغير ويرشدهم يسود الظلام، أي ينطفئ نور الإيمان في قلب المسيحيين ويسود الجهل، فيصح القول فينا “أعمى يقود أعمى”.
فكل كاهن مدعو للقداسة، فالقداسة للكاهن كالقلب لجسم الإنسان. وكذلك نحن مدعون لأن نكون قديسين، قال يسوع: «فكونوا أَنتُم كامِلين، كما أَنَّ أَباكُمُ السَّماويَّ كامِل» (مت5: 48).
في العهد القديم كانت القداسة مطلوبة من الكهنة فكم بالحري هي مهمة وضرورية لكاهن العهد الجديد الذي يقدم الصلوات والابتهالات والنوايا ويرفعها إلى عرش العلي مع صلوات الكاهن الأعظم سيدنا يسوع المسيح الذي هو الخبز الحي.
فعلينا جميعا أن نؤمن بهذه الحقيقة وبكل ما تعلمه لنا الكنيسة، بواسطة الكتاب المقدّس أو التقليد أو تعاليم الكنيسة الكاثوليكية الجامعة الواحدة المقدسة الرسولية، من خلال من هم يمثلون عن المسيح على الأرض. التقليد والكتاب المقدس هما بذاتهما قاعدتان بدون حياة، لذا يجب أن يكون هناك سلطة حية تشرحهما لنا، وهذه السلطة هي الكنيسة.
من أجل ذلك قال القدّيس أوغسطينوس: «أنا لا أؤمن بالإنجيل إنّ لم تقل لي الكنيسة بأن أؤمن به» وهذا يدل على أهمية الكنيسة المعصومة من الغلط. هي بوق الله صوت الله من خلال سلطتها.
أيتها الكنيسة ما أجملك، وما أغناك.
واجبات الشعب أو المؤمن، أنا وأنت، تجاه الكاهن.
– الاحترام: لماذا؟ لأنه مكرّس.
– الطاعة: أيضًا لماذا؟ لأنّه راعي.
– الثقة: لماذا؟ لأنّه أب للجميع دون تميز.
لذا دعونا اخوتي نذكرهم في صلواتنا خاصة في هذه الايام الصعبة على الجميع. فهم بحاجة لصلاتنا ونحن بحاجة لهم كي نتخلص من الخطايا العالقة بنا كي نستحق مشاهدة واستقبال رب المجد فادي البشرية.
الأربعاء من أسبوع مولد يوحنّا
رسالة القدّيس بولس إلى أهل رومة 9 : 14 – 18 يا إِخوَتِي، مَاذَا نَقُول؟ أَيَكُونُ عِ…