أكتوبر 31, 2021

إنجيل اليوم: “تعَالَوا، يَا مُبَارَكي أَبي، رِثُوا المَلَكُوتَ المُعَدَّ لَكُم مُنْذُ إِنْشَاءِ العَالَم”

الإنجيل اليومي

الاحد السابع بعد عيد الصليب

“تعَالَوا، يَا مُبَارَكي أَبي، رِثُوا المَلَكُوتَ المُعَدَّ لَكُم مُنْذُ إِنْشَاءِ العَالَم”

إنجيل القدّيس متّى ٢٥ / ٣١ – ٤٦

قالَ الربُّ يَسوع: «مَتَى جَاءَ ٱبْنُ الإِنْسَانِ في مَجْدِهِ، وجَمِيعُ المَلائِكَةِ مَعَهُ، يَجْلِسُ على عَرْشِ مَجْدِهِ.
وتُجْمَعُ لَدَيْهِ جَمِيعُ الأُمَم، فَيُمَيِّزُ بَعْضَهُم مِنْ بَعْض، كَمَا يُمَيِّزُ الرَّاعِي الخِرَافَ مِنَ الجِدَاء.
ويُقِيمُ الخِرَافَ عَنْ يَمِينِهِ وَالجِدَاءَ عَنْ شِمَالِهِ.
حِينَئِذٍ يَقُولُ المَلِكُ لِلَّذينَ عَنْ يَمِينِهِ: تَعَالَوا، يَا مُبَارَكي أَبي، رِثُوا المَلَكُوتَ المُعَدَّ لَكُم مُنْذُ إِنْشَاءِ العَالَم؛
لأَنِّي جُعْتُ فَأَطْعَمْتُمُونِي، وعَطِشْتُ فَسَقَيْتُمُونِي، وكُنْتُ غَريبًا فَآوَيْتُمُوني،
وعُرْيَانًا فَكَسَوْتُمُوني، ومَريضًا فَزُرْتُمُونِي، ومَحْبُوسًا فَأَتَيْتُم إِليّ.
حِينَئِذٍ يُجِيبُهُ الأَبْرَارُ قَائِلين: يَا رَبّ، مَتَى رَأَيْنَاكَ جَائِعًا فَأَطْعَمْنَاك، أَو عَطْشَانَ فَسَقَيْنَاك؟
ومَتَى رَأَيْنَاكَ غَريبًا فَآوَيْنَاك، أَو عُرْيَانًا فَكَسَوْنَاك؟
ومَتَى رَأَيْنَاكَ مَريضًا أَو مَحْبُوسًا فَأَتَيْنَا إِلَيْك؟
فَيُجِيبُ المَلِكُ ويَقُولُ لَهُم: أَلحَقَّ أَقُولُ لَكُم: كُلُّ مَا عَمِلْتُمُوهُ لأَحَدِ إِخْوَتِي هؤُلاءِ الصِّغَار، فَلِي عَمِلْتُمُوه!
ثُمَّ يَقُولُ لِلَّذينَ عَنْ شِمَالِهِ: إِذْهَبُوا عَنِّي، يَا مَلاعِين، إِلى النَّارِ الأَبَدِيَّةِ المُعَدَّةِ لإِبْلِيسَ وجُنُودِهِ؛
لأَنِّي جُعْتُ فَمَا أَطْعَمْتُمُونِي، وعَطِشْتُ فَمَا سَقَيْتُمُوني،
وكُنْتُ غَريبًا فَمَا آوَيْتُمُونِي، وعُرْيَانًا فَمَا كَسَوْتُمُونِي، ومَرِيضًا ومَحْبُوسًا فَمَا زُرْتُمُونِي!
حِينَئِذٍ يُجِيبُهُ هؤُلاءِ أَيْضًا قَائِلين: يَا رَبّ، مَتَى رَأَيْنَاكَ جاَئِعًا أَوْ عَطْشَانَ أَوْ غَرِيبًا أَو مَريضًا أَو مَحْبُوسًا ومَا خَدَمْنَاك؟
حِينَئِذٍ يُجِيبُهُم قِائِلاً: أَلحَقَّ أَقُولُ لَكُم: كُلُّ مَا لَمْ تَعْمَلُوهُ لأَحَدِ هؤُلاءِ الصِّغَار، فلِي لَمْ تَعْمَلُوه.
ويَذْهَبُ هؤُلاءِ إِلى العَذَابِ الأَبَدِيّ، والأَبْرَارُ إِلى الحَيَاةِ الأَبَدِيَّة.


التأمل:”تعَالَوا، يَا مُبَارَكي أَبي، رِثُوا المَلَكُوتَ المُعَدَّ لَكُم مُنْذُ إِنْشَاءِ العَالَم”

يرسم هذا الإنجيل صورة واضحة عن الدينونة، يوم يأتي الرب الديّان العادل في مجده ويجلس على عرش النعمة ويكون جميع الناس من كل الامم في حضرته وتأتي ساعة الحقيقة الوحيدة الساطعة كالشمس، حقيقة الإنسان التي تظهر عارية ومجردة من كل شيء أمام راعي الرعاة الذي يعرف جيداً أعماق نفوسنا فهو فاحص الكلى والقلوب لأننا شعبه وغنم مرعاه، خلقنا على صورته ومثاله وسلّمنا مهمة خدمة ورعاية بعضنا البعض، وساوى ذاته الالهية بذاتنا الإنسانية لدرجةٍ أنه جعل من طريقة معاملتنا (المتبادلة بيننا) المقياس الوحيد للتمييز بين الجداء والخراف.

أعطى الرب لذاته صفة الراعي ولنا أيضاً، وأوكلنا رعاية غيرنا وعلى هذا الأساس ينجح مشروعه فينا أو لا ينجح.

في سفر حزقيال الفصل ٣٤ يشرح بالتفصيل أنه لا يمكن للراعي أن يكون أنانياً يرعى نفسه بدل رعاية من أوكل رعايتهم، يأكل الشحم وهم يأكلون السمّ، يلبس الصوف والكتّان والحرير وهم يلبسون الهمّ والغمّ والعري والعار واللحم الحي…
لا يستطيع الراعي أن يذبح السمين ليشبع هو بل أن يعطي من ذاته ليشبع الآخر(كنت جائعاً)…
لا يستطيع الراعي أن يترك المريض دون دواء أو علاج والمجروح لا يعصبه، لا يتركه مع نزيفه حتى آخر نقطة دم في عروقه…
لا يستطيع الراعي أن يترك المطرود في غربته وحيداً وبعيداً في أرض الغرباء أو سجون الأعداء بل يسترده مهما كلف الامر…

لا يستطيع الراعي ترك الضال دون السعي وراءه وإعادته الى قلب الجماعة، بل يطلبه بشدة ويرعى وجوده وإلا تحول الى راع لمصالحه (بدل رعاية مصلحة الآخر كائناً من يكون).

لا يستطيع الراعي أن يصون كرامته ويستبيح كرامة الناس، يُسيِج ممتلكاته وينهب ممتلكات الناس، يؤمّن راحته على حساب راحة الناس وهلاكهم.

هؤلاء لا يُحسبون رعاة الشعب بل لصوص الشعب…
يسرقون مستقبل الأبناء…
يسرقون الاحلام…
يسرقون نور الشمس…
يسرقون الهواء والماء…
يسرقون تعب الناس وإنجازاتهم…
يسرقون البسمة والبركة والنعمة…

يتسلطون على رقابهم فيصيرون غنيمة لجميع وحوش البرية “في كل الجبال وعلى كل تل عال وعلى كل وجه الأرض”.

لكن الرب سيأتي ويقول:”هأَنَذَا عَلَى الرُّعَاةِ وَأَطْلُبُ غَنَمِي مِنْ يَدِهِمْ، وَأَكُفُّهُمْ عَنْ رَعْيِ الْغَنَمِ، وَلاَ يَرْعَى الرُّعَاةُ أَنْفُسَهُمْ بَعْدُ، فَأُخَلِّصُ غَنَمِي مِنْ أَفْوَاهِهِمْ فَلاَ تَكُونُ لَهُمْ مَأْكَلًا”.

سيأتي يومٌ يصرخ الرب قائلًا: “أيها الرعاة… غنمي صار غنيمة لكم” ستتحملون مسؤولية الرعاية لأنكم امتلكتم مفاتيح تحطيم مستقبلهم لهلاكهم عِوض أن تكونوا ملجأهم ومأواهم من الذئاب الخاطفة…
ماذا سنقول للرب العادل الديّان عندما يرانا نشبع من لحم شعبه، ونروي عطشنا من دماء شعبه ونملأ جيوبنا من خيرات شعبه؟

سيفتقد الرب رعيته ويخلصها من أفواه الرعاة الظالمين “ليرْعَاهَا فِي مَرْعًى جَيِّدٍ، وَيَكُونُ مَرَاحُهَا عَلَى جِبَالِ لبنان الْعَالِيَةِ. هُنَالِكَ تَرْبُضُ فِي مَرَاحٍ حَسَنٍ، وَفِي مَرْعًى دَسِمٍ يَرْعَوْنَ عَلَى جِبَالِ لبنان”.

سيطلب الضال، ويسترد المطرود، ويُجبر الكسير، ويِعصب الجريح، ويُبيد السمين والقوي والمتعجرف والمتكبر والخائن…

سيأتي مع الرب “عَهْدَ سَلاَمٍ، سينْزِعُ الْوُحُوشَ الرَّدِيئَةَ مِنَ الأَرْضِ، فَيَسْكُن الشعب فِي الْبَرِّيَّةِ مُطْمَئِنِّينَ وَيَنَامُونَ فِي الْوُعُورِ، وَتُعْطِي شَجَرَةُ الْحَقْلِ ثَمَرَتَهَا، وَتُعْطِي الأَرْضُ غَلَّتَهَا، وَيَكُونُونَ آمِنِينَ فِي أَرْضِهِمْ”
متى رأيناك يا رب عطشاناً أعطنا القدرة لنروي عطشك الى الحب والفرح والسلام.

متى رأيناك جائعاً أعطنا كرماً لا حد له لنطعمك من مالك لا من مالنا ومن خبزك لا من خبزنا.

ومتى رأيناك غريباً أعطنا شجاعة من عندك لنخرج من أنانياتنا ونستقبلك في بيوت هي ملكك بالأساس.

ومتى رأيناك عرياناً أو مريضاً أو محبوساً أعطنا من عندك نعمة الشعور مع ألم العراة ووجع المرضى ومرارة السجناء…

أسمعنا يا رب تلك العبارة “تعَالَوا، يَا مُبَارَكي أَبي، رِثُوا المَلَكُوتَ المُعَدَّ لَكُم مُنْذُ إِنْشَاءِ العَالَم”.

آمين.

أحد مبارك.

‫شاهد أيضًا‬

الاثنين الثالث من زمن القيامة

رسالة القدّيس بطرس الأولى 2 : 18 – 25 يا إخوَتِي، أَيُّهَا الخُدَّام، إِخْضَعُوا بِك…