سبتمبر 16, 2021

الأمين العامّ للمدارس الكاثوليكيّة: وسيبقى اتّكالنا على الله مصدرًا لكلّ أمل بمستقبل أفضل ورجاء جديد للبنان

تيلي لوميار/ نورسات

ألقى الأمين العامّ الجديد للمدارس الكاثوليكيّة الأب يوسف نصر، في اليوم الأوّل من مؤتمر المدارس الكاثوليكيّة السّنويّ السّابع والعشرين: “نحو إمكانات جديدة”، الّذي عُقد في مدرسة سيّدة اللّويزة- ذوق مصبح، بدعوة من اللّجنة الأسقفيّة والأمانة العامّة للمدارس الكاثوليكيّة، قال فيها:

“يمرّ لبنان بأزمة اقتصاديّة غير مسبوقة، وهي ترخي بظلالها على كلّ القطاعات وخصوصًا القطاع التّربويّ، فالأهالي يئنّون نتيجة العوز، والمعلّمون يرفعون عاليًا لائحة مطالبهم المعيشيّة، وإدارة المدرسة حائرة وعاجزة عن اجتراح الحلول وواقعة تحت سندانة ألم الأهل ومطرقة وجع المعلّمين. إزاء كلّ ما يحصل، تبدو الدّولة منخورة في فسادها وغارقة في التّجاذبات السّياسيّة العقيمة والمصالح الشّخصيّة الرّخيصة وهي غير مبالية بوضع خطّة إصلاح توقف الانهيار الحاصل وتضع حدًّا له.

من هذا تنبعث رؤية الأمانة العامّة المستقبليّة للتّربية الكاثوليكيّة في لبنان والّتي تقوم على ثالوث غير قابل للتّجزئة: المحافظة على نموّ الرّسالة التّربويّة الكاثوليكيّة في المشهد التّربويّ اللّبنانيّ، ضمان توفير الخدمة التّربويّة الكاثوليكيّة لكلّ فئات مجتمعنا، صون حقوق أفراد الهيئة التّعليميّة ليتمكّنوا من تأدية واجبهم التّربويّ وفق قيمنا التّربويّة ومعايير الجودة. إنّ كلّ خطّة استراتيجيّة تنبثق عن هذه الرّؤية تقوم على ركيزتين أساسيّتين هما إعادة تحديد نظم إدارة المؤسّسات، الأمر الّذي ينطبق على الأمانة العامّة وكلّ المؤسّسات التّربويّة، وهي تتضمّن الالتزام بنموذج اقتصاديّ قائم على الحوكمة والشّفافيّة والمساءلة والمسؤوليّة الاجتماعيّة والجماعيّة، واعتماد ميثاق تربويّ جديد يعيد تحديد العلاقة بين مكوّنات الأسرة التّربويّة”.

وأكّد نصر على “ثوابت العلاقة مع الدّولة اللّبنانيّة ووزارة التّربية ونقابة المعلّمين، واتّحاد المؤسّسات التّربويّة الخاصّة في لبنان، واتّحادات لجان الأهل هذه العلاقة وتفعيلها للنّهوض بالقطاع التّربويّ وتأمين ديمومته.

إنّ الضّبابيّة الحاصلة بسبب الأزمات المتلاحقة وآخرها الأزمة الاقتصاديّة المستفحلة الّتي تعيق إمكانيّة التّخطيط المسبق وتحتم التّكيّف مع المتغيّرات اليوميّة، إلّا أنّ الرّؤية الاستراتيجيّة الجديدة القائمة على الحفاظ على رسالة التّربية الكاثوليكيّة، وضمانة إتاحة التّعليم لكلّ مواطن، وصون حقوق المعلّم في مؤسّساتنا، والارتكاز على نهج جديد في الإدارة واعتماد ميثاق تربويّ حديث، تشكّل المرجع الّذي سنعتمده مجتمعين في المرحلة القادمة. وسيبقى اتّكالنا على الله مصدرًا لكلّ أمل بمستقبل أفضل ورجاء جديد للبنان.”

من جهته قال رئيس اللّجنة الأسقفيّة للمدارس الكاثوليكيّة المطران حنّا رحمه: “يحقّ للّبنانيّين أن يختلفوا في الرّأي والرّؤية والخيارات السّياسيّة والحزبيّة، إلّا أنّ لا حقّ لهم في عدم الالتفاف حول ما يكوّنهم ويميّزهم ويسبب وجودهم كجوهرة بشريّة منيرة في قلب الوطن العربيّ ودول الانتشار. وميزة لبنان الأولى هي أجياله المثقّفة والمبدعة، هي الصّرح التّربويّ الّذي فيه تصقل جميع المواهب وتزدهر وتزهر، هي المدرسة الكاثوليكيّة الّتي تضاعف الإمكانيّات لتقدّم للمتعلّم أفضل الفرص ليحقّق ذاته بملئها، ويكون أكثر نجاحًا وإنسانيّة في الوقت عينه، وسط عالم متقلّب، قاس، غريب، لا يرحم.

العلم كالمحبّة، وجهان لحقيقة واحدة ألا وهي أنسنة الإنسان ليشبه نفسه أكثر، ليشبه خالقه، وما أجمل الخالق. سامح الله من كانوا السّبب في تعذيب اللّبنانيّين وسلبهم أدنى حقوقهم، وما أكثر المذنبين والمتواطئين الطّمّاعين الّذين يحاولون كلّ يوم أن يبيعوا الوطن ومؤسّساته ضاربين أحلام أجياله عرض الحائط بلا رحمة. أمّا نحن، القيّمين على التّربية في وطن العلم والمعرفة، فلا نستسلم ولا نيأس ولا نسمح لأحد أو ظرف أو مخطّط أن يحبطنا لأنّنا بكلّ بساطة مؤتمنون على قضيّة الإنسان، ولأنّنا من أبناء الرّجاء. فمهما قست الظّروف، وعتّم الظّلام دروب أجيالنا الطّالعة، إلّا أنّ مصيرنا أن نقاوم بشراسة، ونتّحد في مقاومتنا، لأنّ لبنان من دون القطاع التّربويّ ومن دون المدرسة الكاثوليكيّة هو أشبه بنهار بلا شمس وليل بلا قمر.

المدرسة الكاثوليكيّة تمكّنت أن تنجح وتقوم بدورها في حين أنّ المهمّة كانت في غاية الصّعوبة، فالبنى التّحتيّة في مجتمعنا لم تكن مهيّأة لخوض معارك كهذه. إلّا أنّ المواطن اللّبنانيّ المعاصر قد اعتاد على الصّعوبات، وتمرّس على التّأقلم، وأدرك أنّ لا مكان للرّكوع في خياراته. وكذلك المربّون في أصرحتنا التّربويّة، فقد انكبّوا على المشاركة في الدّورات التّدريبيّة الّتي نظّمتها إداراتهم، ولم يكتفوا بها، بل انكبّ كلّ منهم على البحث والتّفتيش والتّطوير الذّاتيّ، بهدف تقديم الأفضل لتلامذتنا في هذه المرحلة الاستثنائيّة”.

وأعرب المطران رحمه عن تقديره للأسرة التّربويّة إدارات ومعلّمين ومعلّمات وأهالي، مثنيًا على “سعيها لتأمين مصلحة التّلامذة في زمن الأزمات”، مقدّمًا اقتراحًا بشأن “إنهاء المرحلة الثّانويّة في عمر الـ16 سنة بدلاً من 18”.

وخلص إلى القول: “بإسمي وبإسم كلّ ثائر على الظّلم وكلّ مطالب بإحقاق الحقّ وأنسنة الإنسانيّة، أنا متعاطف مع كلّ أب وأمّ خائفين على مصير أولادهم. متعاطف نعم، ولكنّي لست خائفًا، بل كلّي رجاء بأنّنا سنعبر هذه الأزمة معًا، لأنّ الرّبّ معنا، وكلّي ثقة بالرّحمة الّتي سيتعامل فيها القيّمون على المدارس وإداراتها معكم ومع واقعكم بل واقعنا المرير المشترك، وكلّي ثقة بالأهل وبلجان الأهل الّذين سينظرون بواقعيّة وشموليّة إلى الأساتذة وحقوقهم، وكلّي ثقة برحابة صدور المربّين والمربّيات الّذين سيواصلون السّعي والاهتمام بأبنائكم- أبنائهم، ويواجهون الأزمة بفيض من الحبّ والتّفاني، كما لطالما عهدناهم”.

هذا وألقى السّفير البابويّ في لبنان جوزف سبيتيري كلمة أشار فيها إلى “دعوة المدرسة الكاثوليكيّة لانطلاقة جديدة نحو الأطراف والتّقرّب من المؤمنين”.

‫شاهد أيضًا‬

مقابلة مع الكاردينال بيتسابالا بطريرك القدس للاتين

اضغط هنا: أهميّة سر الاعتراف لدى الكاهن موقع الفاتيكان نيوز الأوضاع المأساوية في الأرض الم…