نوفمبر 3, 2021

البابا فرنسيس: إن القاعدة الأسمى في الإصلاح الأخوي هي المحبة

إنَّ السير في درب الروح القدس يتطلّب في المقام الأول أن نعطي فسحة للنعمة والمحبة” هذا ما قاله قداسة البابا فرنسيس في مقابلته العامة مع المؤمنين

أجرى قداسة البابا فرنسيس صباح اليوم الأربعاء مقابلته العامة مع المؤمنين في قاعة بولس السادس بالفاتيكان واستهل تعليمه الأسبوعي بالقول في المقطع الذي سمعناه للتو من الرسالة إلى أهل غلاطية، يحث القديس بولس المسيحيين على السير بحسب الروح القدس.

في الواقع، يعني الإيمان بيسوع اتباعه، والسير خلفه على دربه، كما فعل التلاميذ الأوائل. وهي يعني في الوقت عينه تجنب الدرب المعاكس، درب الأنانية، والبحث عن المصالح الشخصيّة، والتي يسميها بولس الرسول “رغبة الجسد”.

إنَّ الروح القدس هو مرشد هذه المسيرة على درب المسيح، مسيرة رائعة ولكنها متعبة أيضًا، تبدأ في المعمودية وتستمر مدى الحياة. لنفكر في نزهة طويلة في جبال عال: إنها رائعة، تجذبنا الوجهة، ولكنها تتطلب الكثير من الجهد والمثابرة.


تابع الأب الأقدس يقول يمكن لهذه الصورة أن تكون مفيدة لكي نتفحّص كلمات بولس الرسول: “السير بحسب الروح القدس”، و”السماح له بأن يقودنا”. إنها تعابير تشير إلى عمل وحركة، ديناميكية تمنعنا من التوقف عند الصعوبات الأولى، ولكنها تحفّزنا على الثقة في “القوة التي تأتي من العلى”. باتباع هذه المسيرة، يكتسب المسيحي رؤية إيجابية للحياة.

هذا لا يعني أن الشر الموجود في العالم قد اختفى، أو أن الدوافع السلبية للأنانية والكبرياء قد اختفت؛ وإنما يعني الإيمان بأن الله هو على الدوام أقوى من مقاومتنا وأعظم من خطايانا.
أضاف البابا فرنسيس يقول بينما كان يحث أهل غلاطية على السير في هذا الدرب، يضع بولس الرسول نفسه على مستواهم. يتخلّى عن الفعل في الأمر – “سيروا” – ويستخدم “نحن” في المضارع: “نسلك بحسب الروح”. كمن يقول: لنضع أنفسنا على الخط عينه ونسمح الروح القدس أن يرشدنا. وبالتالي يشعر القديس بولس أن هذه الوصية ضرورية له أيضًا.

وعلى الرغم من أنّه يعلم أن المسيح يحيا فيه، لكنّه مقتنع أيضًا أنه لم يبلغ الهدف بعد، قمة الجبل. ولذلك لا يضع القديس بولس نفسه فوق جماعته، وإنما يضع نفسه وسط مسيرة الجميع، لكي يعطي المثال الملموس عن مدى ضرورة طاعة الله، والاستجابة أكثر فأكثر وبشكل أفضل لإرشاد الروح القدس.


تابع الحبر الأعظم يقول هذا “السير بحسب الروح” ليس مجرد عمل فردي: وإنما هو يتعلق أيضًا بالجماعة ككل. في الواقع، إن بناء الجماعة باتباع المسار الذي أشار إليه الرسول هو أمر مثير ولكنه مُلزِم.

لأن “رغبات الجسد”، أي الحسد، والأحكام المسبقة، والرياء، والاستياء جميع هذه الأمور لا تزال حاضرة، واللجوء إلى تعاليم صارمة يمكنه أن يشكّل إغراءً سهلاً، ولكن بهذه الطريقة يخرج المرء عن درب الحرية وبدلاً من أن يصعد إلى القمّة، يعود إلى القاع. إنَّ السير في درب الروح القدس يتطلّب في المقام الأول أن نعطي فسحة للنعمة والمحبة.

وبالتالي بعد أن أسمع بولس صوته بطريقة قاسية، دعا أهل غلاطية لكي يأخذوا على عاتقهم صعوبات بعضهم البعض، وإذا ارتكب أحدهم خطأً ما، أن يستخدموا معه الوداعة.

لنصغِ إلى كلماته: “أَيُّها الإِخوَة، إِن وَقعَ أَحَدٌ في فَخِّ الخَطيئَة، فأَصلِحوه أَنتُمُ الرُّوحِيِّينَ بِروحِ الوَداعة. وحَذارِ أَنتَ مِن نَفْسِكَ لِئَلاَّ تُجرَّبَ أَنتَ أَيضًا. ولِيَحمِلْ بَعضُكم أَثْقالَ بَعض”.


وخلص البابا فرنسيس تعليمه الأسبوعي بالقول في الواقع، عندما نميل إلى إساءة الحكم على الآخرين، كما يحدث غالبًا، علينا أولاً أن نفكر في هشاشتنا.

من الجيد أن نسأل أنفسنا ما الذي يدفعنا إلى إصلاح الأخ أو الأخت، وإن لم نكن بطريقة ما نشاركه المسؤولية في خطأه. إنَّ الروح القدس، بالإضافة إلى أنّه يمنحنا عطيّة الوداعة، يدعونا إلى التضامن وتحمل أعباء الآخرين.

وما أكثر الأعباء الموجودة في حياة الإنسان: المرض، غياب العمل، العزلة، الألم…! وما أكثر التجارب الأخرى التي تتطلب قرب الإخوة ومحبتهم! يمكن أن تساعدنا كلمات القديس أوغسطينوس أيضًا عندما يعلق على المقطع عينه: “لذلك، أيها الإخوة، إذا وقع أحد في خطأ ما، أصلحوه بهذه الطريقة، بوداعة.

وإن رفعت صوتك فأحبَّ من الداخل. سواء كنت تشجع، أو كنت تتصرّف بأبويّة، سواء كنت توبِّخ أو كنت قاسيًا، أحب على الدوام”. إن القاعدة الأسمى في الإصلاح الأخوي هي المحبة: أن نرغب في خير إخوتنا وأخواتنا.

لنسر بفرح وصبر على هذا الدرب، ولنسمح للروح القدس أن يقودنا.

‫شاهد أيضًا‬

أبو كسم تعليقاً على فيديو كاهن مزرعة يشوع: السلاح الحقيقي للكنيسة هو الصلاة

أبو كسم تعليقاً على فيديو كاهن مزرعة يشوع: السلاح الحقيقي للكنيسة هو الصلاة اوضح رئيس المر…