يناير 11, 2022

البابا فرنسيس: الرّبّ لن يتوقّف أبدًا عن دعم التزامنا بالخير

لنبدأ مجدّدًا بمزيد من الإنسانيّة، بالنّظر إلى يسوع، والرّجاء في قلوبنا”، منطلقًا من هذا القول وجّه البابا فرنسيس مجموعة من التّوجيهات لأعضاء جمعيّة القدّيسين بطرس وبولس، الّذين زاروه لمناسبة الذّكرى السّنويّة الخمسين على تأسيس الجمعيّة، وذلك لكي تستمرّ خدمتهم في كونها شهادة بالنّسبة للّذين سيلتقون بهم.

وفي هذا السّياق، قال الأب الأقدس بحسب “فاتيكان نيوز”: “إنّه لمن الجميل أن نرى أنّك في نصف القرن هذا من حياتكم، قد انتقلتم من كونك “حرّاس شرف في القصر” إلى شرف كونكم “في خدمة” البشريّة الّتي تحجّ مقدِّمين هكذا شهادة خاصّة للحياة المسيحيّة، وشهادة عمل رسوليّ وأمانة للكرسيّ الرّسوليّ.

ماذا تمثّل هذه السّنوات الخمسين من تاريخكم؟ يمكننا أن نجيب على هذا السّؤال من خلال عنوان مجلَّتِكم: “لقاء”. في الواقع، يتكوّن تاريخكم من “لقاءات” مستمرّة. وهناك دائمًا حركة في اللّقاء. إذا توقّفنا جميعًا، فلن نلتقي أبدًا. إنَّ الحياة هي فنّ اللّقاء حتّى ولو تعدّدت الاشتباكات فيها. لهذا نحن بحاجة إلى ثقافة اللّقاء، لأنّنا شعب تُشغفه الرّغبة في اللّقاء، والبحث عن نقاط اتّصال، وبناء الجسور، والتّخطيط لشيء يشمل الجميع.

هذا هو المعيار الّذي يعطي معنى لالتزامكم اليوميّ- وأشكركم كثيرًا! من خلال خدماتكم اليوميّة، أنتم تصبحون صانعي لقاء، وتحملون دفء لطف يسوع إلى الّذين يدخلون بازيليك القدّيس بطرس، والّذين يحتاجون إلى توجيهات معيّنة، والّذين يحتاجون إلى الابتسامة ليشعروا وكأنّهم في بيتهم.

تتبادر إلى ذهني كلمات القدّيس يوحنّا الثّالث والعشرين: “أضع عيني في عيونكم، وأضع قلبي قريبًا من قلوبكم”. تعبّر هذه الكلمات جيّدًا عن المعنى المسيحيّ للّقاء. والآن أريد أن أترك لكم بعض التّوجيهات من أجل المستقبل، لكي تستمرّ خدمتكم الثّمينة في كونها شهادة بالنّسبة للّذين ستلتقون بهم، في سياق لا يزال يتأثّر بآثار الوباء. وسألخّصها في هذا القول: “لنبدأ مجدّدًا بمزيد من الإنسانيّة، بالنّظر إلى يسوع، والرّجاء في قلوبنا”.

أوّلاً لنبدأ مجدّدًا. بالتّأكيد من خلال تثمين ما تمّ عيشه، آخذين بعين الاعتبار أنّنا جميعًا قد تغيّرنا قليلاً، وآمل أن نكون قد أصبحنا أفضل من قبل، ولكن مستعدّين للخدمة على الدّوام وفقًا لشعار جمعيّتكم “Fide constamus avita”  أيّ “نحن نثابر بثبات في أمانة آبائنا”. ثانيًا بمزيد من الإنسانيّة.

إذا كنّا جميعًا قد تغيّرنا قليلاً، فذلك لأنّنا أدركنا، مع كلِّ ما عشناه، أنّ ما يهمّ حقًّا في الحياة هو العلاقات البشريّة. نشعر جميعًا بالحاجة لأن نُحبّ بعضنا البعض، ونعيش بشكل أكثر اتّحادًا مع بعضنا البعض، ولأن نسمع كلمات جميلة ومشجّعة ولأن نقدّمها بدورنا للآخرين بأسلوب حياة مفعم بالرّجاء. وبالتّالي أنا أشجّعك على الاستمرار في إظهار هذا الوجه.

ثالثًا بالنّظر إلى يسوع. لطالما اقترحت جمعيّتكم حياة يسوع كأسلوب حياة بشريّة كامل، وكنقطة مرجعيّة وأساس للإنسان في كلِّ زمن، وبالتّالي لإنسان اليوم أيضًا. ولكنّنا نريد اليوم أكثر من أيّ وقت مضى أن نشهد لإيماننا من خلال الإعلان أنّ حياتنا الملموسة تجد جذورها في بشريّة يسوع. لذلك، تُشكّل معرفته بشكل أفضل، ومعرفة كيف عاش حياته، وما قاله، وكيف تواصل مع الآخرين، الأساس لكي نكتشف كيف يمكننا أن نعيش اليوم بطريقة إنسانيّة. بالنّظر إليه نحن نشعر بأنّنا مدعوّون أكثر فأكثر إلى خدمة يوميّة تقوم على القبول والمشاركة والإصغاء الأخويّ والقرب البشريّ. أعتقد أنّنا بهذه الطّريقة يمكننا أن نظهر بالحقائق جمال وقوّة الإنجيل.

والرّجاء في قلوبنا. أيّها الإخوة والأخوات الأعزّاء، لا يجب على الرّجاء أبدًا أن يغيب في مسيرة المؤمن. نحن للمسيح، وقد طُعِّمنا فيه بالمعموديّة، وبالتّالي نحن نحمل فينا حضوره ونوره وحياته. لنسِر إذًا تعضدنا كلمته: إنّها كلمة الحياة.

ولنسر بفرح ورجاء، مدركين أنّ الرّبّ لن يتوقّف أبدًا عن دعم التزامنا بالخير. أقول هذا وأتوّجه مباشرة وبشكل خاصّ إلى الشّباب: أشجّعكم لكي تُعطوا طاقاتكم للمحتاجين، ولكي تصبحوا أشخاصًا قادرين على لقاءات حقيقيّة وصادقة.

أوُكلكم إلى مريم، العذراء الأمينة، أيّها الأعضاء الأعزّاء، مع أفراد عائلاتكم- الّذين تقتطعون منهم الوقت لكي تكرّسوه بسخاء للكرسيّ الرّسوليّ- وجميع الأشخاص العزيزين عليكم. لتسهر العذراء القدّيسة بمحبّتها الوالديّة على كلّ فرد منكم. والآن أمنحكم البركة الّتي تشمل أيضًا عائلاتكم، ولاسيّما الأطفال والمرضى.”

‫شاهد أيضًا‬

البابا فرنسيس يكتب تأملات درب الصليب في الكولوسيوم لأول مرة

وكالة آكي الإيطالية للأنباء – البابا فرنسيس يكتب تأملات درب الصليب في الكولوسيوم لأو…