فبراير 20, 2023

البابا فرنسيس في مقابلة تلفزيونية يتحدث عن عالم اليوم وعن الرجاء الذي يهبنا الله إياه دائما

البابا فرنسيس في مقابلة تلفزيونية يتحدث عن عالم اليوم وعن الرجاء الذي يهبنا الله إياه دائما

موقع الفاتيكان نيوز

تطرق البابا فرنسيس في مقابلة أجراها معه برنامج تلفزيوني إيطالي إلى مواضيع عديدة، وتوقف عند المرحلة الصعبة التي يعيشها العالم اليوم، وشدد على الإيمان برجاء الله وعلى الحاجة إلى الانفتاح على الآخرين ومساعدتهم.

أجرى برنامج تلفزيوني لقناة ٥ الإيطالية الخاصة مقابلة مع البابا فرنسيس عُرضت السبت ١٨ شباط فبراير. ويحمل البرنامج عنوان “رحلات القلب”، ومن هذا العنوان انطلق محاور البابا، وهو الأب دافيدي بانزاتو، سائلا قداسته إن كانت لديه أماكن قلب. وفي إجابته قال الأب الأقدس إن هناك أماكن كبيرة ترتبط بها ذكريات صغيرة، ويتطلب هذا السير على درب إنسانية لا يجوز نسيانها، درب الذاكرة. وأضاف أن الذاكرة هي نعمة وذكَّر بما تكرر في الكتاب المقس مرات كثيرة: تَذَكَّر، ولا تَنسَ من أين تم انتشالك. وتابع البابا أن نعمة الذاكرة تقودنا إلى جذور أحداث حاضرنا، وأشار إلى أهمية رحلات القلب حيث هناك أماكن هامة في الذاكرة وأشخاص تركوا أثرهم في حياتنا. إلا أن هناك أيضا في الذاكرة الأشياء السيئة التي جعلتنا نتألم، ووصف البابا بالمرض التشبث بما شهدت الحياة من فشل. وأضاف أنه مع تذكُّرنا هذه الأمور السيئة علينا أن نشكر الرب الذي ساعدنا على الخروج منها. وفي حديثه عن رحلته الشخصية عبر الذاكرة قال البابا فرنسيس إنه واثق من الرب قد رافقه دائما حتى في أحلك اللحظات. وتوقف قداسته هنا عند ما جاء في الرسالة على العبرانيين من دعوة إلى تذكُّر الأزمنة الأولى ومَن أعطانا الإيمان، وإلى عدم النسيان إلى أنن قد نلنا الخلاص. وتحدث البابا بالتالي عن خطيئة مَن ينسون الطريق ويستسلمون للاعتقاد بأنهم قد وُلدوا قادرين على كل شيء. وفي تشديده على أهمية الذاكرة قال الأب الأقدس أنها تساعدنا أيضا على النهوض، ووصف برحلات القلب فائقة الجمال ذكريات حياة كان فيها كثيرون ممن يساعدوننا على النمو، ما بين أجداد وآباء وأمهات وأخوة والكثير من الأصدقاء. وشدد على ضرورة أن نتذكر دائما أن الرب قد رافقنا.

ثم تطرقت المقابلة إلى واحدة من زيارات الأب الأقدس الكثيرة، أي تلك التي التقى خلالها البابا بقريبة له في إيطاليا. وتحدث قداسته هنا عن سبعة من أبناء الأعمام، وأضاف أن أكبرهم هي امرأة في التسعين من العمر وكانت هناك علاقة مع هؤلاء الأقارب وقد أتى بعضهم إلى الأرجنتين. وتابع أنه وحين كان يأتي إلى روما كان دائما يتوجه إلى تورينو لتحيتهم حيث تربطهم صداقة قوية، وأضاف أن بعضهم قد ترك تورينو وتوجه إلى مدينة أخرى، أستي. وتابع البابا ان هذه أيضا هي رحلة نحو الجذور فدَمُنا هو تاريخ، الحياة هي تاريخ يأتي من بعيد، من الأجداد الذين حرثوا الأرض في تلك الكروم.

وفي إجابته على سؤال حول رسالته كخليفة للقديس بطرس بدأ الأب الأقدس مازحا: “مسكين القديس بطرس، أي خليفة يجد له اليوم!” ثم تابع متحدثا عن نعمة من الله وقال إنه لدى انتخابه قال لنفسه “حسنا، سأغير الأبرشية من بوينس أيرس إلى روما”. وأضاف أنه ليس هناك اختلاف في تصرفاته وعاداته مقارنةً بما كان يفعل حين كان أسقفا في تلك الأبرشية الأصغر. وواصل البابا إنه الآن أسقف روما وله علاقات مع الكنائس كافة، وقال إن العمل هو ذاته حيث هناك الكثير من المعاونين الذين يساعدونه، وهو ما كان يحدث في بوينس أيرس أيضا. وأراد الأب الأقدس هنا التشديد على أمر محدد، ألا وهو أن على كل منا أن يتساءل إن كانت هناك في حياته آفاق. وتابع أن في حالات كثيرة لا يجد الأشخاص هذه الآفاق وذلك لأنهم يعجزون عن النظر إليها ورؤيتها. وقال البابا إن النظر إلى الآفاق يعني النظر إلى الرجاء، وإلى أن الحياة لا تنتهي معك كما لم تنتهِ مع جدي ولن تنتهي مع الجيل الرابع الذي سيأتي بعدنا. وشدد الأب الأقدس على أن النظر إلى الآفاق يمنح الشجاعة للسير دائما. وحذر قداسته في هذا السياق من دفن الرؤوس في الأرض كما النعام لأن النظر إلى الذات يتناقض مع النظر إلى الآفاق والذي يعني النظر إلى كل شيء. ثم توقف البابا عند فضيلة الرجاء والتي شبهها بعض آباء الكنيسة بالمرساة، وأضاف أن هذا يتطلب النظر إلى الآفاق.

تحدث محاور الأب الأقدس بعد ذلك عن القديس بطرس حيث خصص البرنامج التلفزيوني حلقة كاملة له مشيرا إلى أنه، وإلى جانب تمتعه بالشجاعة والحماسة والعزم قد بدا خائفا في بعض الأحيان وهو ما عاتبه عليه يسوع أيضا. ووجه الأب دافيدي بانزاتو سؤالا إلى البابا فرنسيس عما يقول لمن فقد الإيمان أو لمن لا إيمان لديه. وفي إجابته تحدث الأب الأقدس عن الفرق بين من لا إيمان له ومن فقد إيمانه، وقال إن هناك أشخاصا صالحين لكن ليست لديهم هبة الإيمان وأضاف أنه يدعو هؤلاء الأشخاص إلى أن يكونوا منفتحين وإلى عدم الكلل عن البحث ولكن بدون قلق. وتابع أن هناك مَن يفقدون الإيمان، بمعنى أنهم لا يطرحون على أنفسهم أسئلة ويعيشون كما الوثنيين، ووصف هؤلاء بمسيحيين زائفين، على السطح فقط لا في داخلهم. وإلى هؤلاء يوجه قداسته الدعوة كي يغيروا حياتهم وأن ينظروا إلى حياتهم إن كانت في خدمة الآخرين أم يهدرون فيها المال، ما هو أسلوب حياتهم، إن كان أسلوبا وثنيا فهذا يعني أن الشخص ليس لديه إيمان أو أن حياته مصبوغة فقط بالإيمان، أي أنه إيمان بلا جذور. ودعا الأب الأقدس بالتالي إلى التحلي بأسلوب حياة إنجيلي أي إلى ارتداد ملموس، وأضاف أن هذا يجب أن يشمل كل واحد منا. ولعمل هذا علينا أن نسأل أنفسنا حول الفرح، لأن مَن يعيش كوثني ليس فَرِحا بينما مَن يتبع الإنجيل هو فَرِح دائما. وتابع البابا أن هناك مَن يقول إن كنتَ غنيا فأنت لست مسيحيا، وقال إنه يمكن لشخص أن يكون غنيا لكنه يعيش كمسيحي مع التساؤل لماذا أعطاني الرب هذا الغنى وماذا عليّ أن أفعل به، وأضاف أن هناك مَن يستغل هذا الغنى في خدمة الآخرين. وتطرق الأب الأقدس أيضا إلى الغنى الفكري والذي يمكن لمن يتمتع به أن يستخدمه للتباهي، بينما يمكن استخدام هذا الغنى الفكري لخدمة الآخرين.

أجاب البابا فرنسيس بعد ذلك على سؤال حول كيفية تطبيق الأفكار التي يدعو إليها، مثل العناية بالبيت المشترك والميثاق التربوي العالمي، وقال قداسته إنه يمكن القيام بهذا من خلال أفعال صغيرة. وتوقف بشكل خاص عن ضرورة الانتباه إلى أن هناك أشخاصا آخرين خارج غرورنا وأسلوب حياتنا، وأكد أنه يجب علينا الانفتاح وفتح النوافذ كي نرى وننظر، لا أن ننغلق على ذاتنا. شدد البابا أيضا على ضرورة النظر إلى الآخرين ولمسهم لا الخوف من لمس الجسد الجريح، وتذكَّر قداسته هنا كيف كان أقاربه يُطَمئنونه حين خضع لعملية جراحية تم خلالها استئصال جزء من إحدى رئتيه ليواصلوا بعد ذلك أحاديثهم، بينما زارته الراهبة التي أعدته للمناولة الأولى ونظرت إليه وقالت “أنت تتألم كالمسيح، ولم تقل أي شيء آخر لكنها مسكت يده، وهذا فعلٌ مُعَزٍ، قال البابا. شدد بالتالي على أنه أمام الأشخاص المتألمين أو المعانين يجب أن نتخيل أنفسنا في مكانهم وأن ننظر إلى وجوههم ونلمس أياديهم، يجب لمس جسد الأخ أو الأخت.

ولتفادي تحجر القلوب، تابع البابا فرنسيس، علينا أن نطلب نعمة الله لأن القلب حين يتحجر يصبح من الصعب أن يلين، يجب أن نتضرع إلى الرب طالبين ألا تتحجر قلوبنا بل أن تكون إنسانية، قريبة من البشر. ثم تساءل الأب الأقدس كم من الأشخاص يبكون اليوم، لا بالدموع، بل في قلوبهم، أمام رؤية الأطفال اليتامى في أوكرانيا، كم من الأشخاص يتألمون أمام أطفال الطرقات الفقراء الذين يسرقون لأنهم بمفردهم ولا أحد يريدهم. وتذكَّر البابا هنا لوحة رسمها فنان إيطالي تصوِّر الهروب إلى مصر وقد استعان لتنفيذها بصورة لرجل سوري فر من بلده مع ابنه، وقال البابا إن هذ الواقع قد عاشه يسوع ويعيشه كثيرون.

وفي إجابته على سؤال حول كيف يتمكن بابا أمام الأشياء الرهيبة التي تحدث في العالم، والتي يعرف عنا أكثر منها بالتأكيد، من الحفاظ على السلام في قلبه، قال البابا فرنسيس إن الرب هو مَن يحمي القلب، وليس هناك السلام دائما فهناك القلق في بعض الأحيان، وتابع أن عليه التمييز إن كان هذا القلق منبعه الأنانية أم أنه يأتي من الرب. وتابع قداسته أنه أمام الحرب الحالية فإن الله يجعله يقلق ويجعله يتحرك، وأضاف أن عكس القلب القلق هو القلب الهادئ، لكنه هادئ لأن متحجر لا لأنه في سلام. وتابع قداسته أن الهروب من القلق الذي يأتي من الله يعني أن القلب يموت.

كيف يمكنكم أن تشرحوا للناس ما هي الكنيسة؟ كان هذا سؤال آخر وُجه إلى الأب الأقدس الذي أجاب قائلا إن شعب الله المقدس الأمين هو الكنيسة، الكنيسة هي شعب الله كله الذي يسير قدما مع راعٍ. وشدد البابا على أن الراعي ليس مسؤولا سياسيا، بل هو يفعل ما يفعله الرعاة، يتقدم الشعب في بعض الأحيان ليُعد الطريق، يسير في بعض الأحيان وسط الشعب كي يلمس رائحة القطيع، ويسير أحيانا أخرى خلف الشعب لمساعدة مَن يتوقفون. الراعي هو مع الشعب ويرافقه، هذه هي الكنيسة، قال البابا، شعب الله مع الراعي. وواصل الأب الاقدس مشيرا إلى النزعة الإكليروسية التي ترى أن الكنيسة هي الكهنة والأساقفة فقط والتي هي إحدى أكبر السلبيات التي يمكن أن تحدث للكنيسة.

وفي ختام الحوار التلفزيوني سئل البابا فرنسيس عن الرسالة التي يريد توجيهها انطلاقا مما يشعر به في قلبه. وتحدث قداسته هنا عن الجائحة التي أضعفتنا ثم عن الحرب الشرسة التي نعيشها اليوم وعن تسببها في أزمة اقتصادية ومالية. وأشار البابا إلى ما يعاني منه الأشخاص في ألأوروبا بشكل خاص وتحدث عن مرحلة صعبة بسبب الأزمة الدولية التي نعاني منها جميعا، وذكَّر بما نرى من قتلى وجرحى وبالكثير من أطفال أوكرانيا الذين توقفوا عن الضحك، وهو ما لاحظه قداسته حين توجه إلى زيارة بعض هؤلاء الأطفال في مستشفى الطفل يسوع في روما، وأكد أن سلب الأطفال الضحك هو مأساة. إننا نعيش زمنا أكبر مَتاجره هو بيع الأسلحة وصناعتها، بينما إن توقف هذا لعام واحد فسينتهي الجوع في العالم، قال البابا. وواصل أنه يعود أمام هذه اللحظة الصعبة إلى الحديث عن المرساة مذكرا بأن هناك الله الذي يهبنا الرجاء.

‫شاهد أيضًا‬

البابا فرنسيس يكتب تأملات درب الصليب في الكولوسيوم لأول مرة

وكالة آكي الإيطالية للأنباء – البابا فرنسيس يكتب تأملات درب الصليب في الكولوسيوم لأو…