البابا فرنسيس يتحدث عن ضرورة تحويل زمن عقارب الساعة إلى جمال إيقاعات الحياة
واصل البابا فرنسيس في تعليمه الأسبوعي الحديث عن الشيخوخة. وأكد اليوم الأربعاء في المقابلة العامة على أهمية حوارٍ وعهد بين الأجيال يناغمان بين الإيقاعات المختلفة لمراحل الحياة. كما وقارن قداسته بين هوس السرعة وإيقاع الحياة الحقيقي.
خلال المقابلة العامة مع المؤمنين اليوم الأربعاء ٢ آذار مارس توقف قداسة البابا فرنسيس، مواصلا التأمل في الشيخوخة، عند حديث الكتاب المقدس عن سلالة الآباء حياتهم الطويلة، لقرون. وتساءل قداسته ومتى تبدأ الشيخوخة هنا؟ وماذا يعني أن هذا العمر الطويل قد جعل الآباء يعيشون مع الأبناء لقرون. وأكد البابا بالتالي على أن هذا الحساب للزمن بالقرون يمنح العلاقة بين العمر الطويل والإنجاب معنى رمزيا قويا جديا، وكأن نقل حياة البشرية الجديدة في الكون الذي خلقه الله تتطلب ابتداءً بطيئا وطويلا، كل شيء هو جديد في بداية تاريخ مخلوق هو روح وحياة، ضمير وحرية، حساسية ومسؤولية. وتابع البابا أن الحياة الجديدة، والتي كانت منغمسة في علاقة بين أصله حيث خُلق على صورة الله ومثاله من جهة، وهشاشة الموت من جهة أخرى، تمثل مستجدا يجب اكتشافه وتتطلب زمنا طويلا من ابتداءٍ من الضروري فيه الدعم المتبادل بين الأجيال، وذلك لفهم الخبرات والتحاور حول أسرار الحياة. وخلال هذا الوقت الطويل يتشكل ببطء الجانب الروحي للإنسان.
وواصل قداسة البابا تعليمه الأسبوعي متحدثا عن أن كل انتقال للمراحل في تاريخ الإنسان يعيد هذا الشعور، وكأنه علينا أن نستعيد وبهدوء تساؤلاتنا حول معنى الحياة حين تكون الخبرة البشرية ممتلئة بخبرات جديدة واسئلة لم تُطرح من قبل. وأشار البابا فرنسيس إلى أن تراكم الذاكرة الثقافية ينمي الاعتياد الضروري على مواجهة انتقالات غير مسبوقة. يتضاءل هكذا زمن النقل بينما يتطلب الاستيعاب الصبر
. وتحدث الأب الأقدس بالتالي عن السرعة المبالغ فيها المهيمنة على جميع مراحل حياتنا والتي تجعل الخبرات أكثر سطحية ومغذية بشكل أقل. وأضاف أن الشباب هم ضحايا هذا الانفصال بين زمن عقارب الساعة الذي نرغب في حرقه وأزمنة الحياة التي تتطلب التخمر المناسب، وواصل أن الحياة الطويلة تسمح باختبار هذه الأزمنة الطويلة وأيضا الأضرار الناتجة عن التسرع.
تفرض الشيخوخة إيقاعات أكثر بطءً إلا أنه ليست أزمنة خمول، قال البابا فرنسيس، فمقياس هذه الإيقاعات يفتح للجميع فسحات لمعنى الحياة لا يعرفها الهوس بالسرعة. ويؤدي فقدان العلاقة مع الإيقاعات البطيئة للشيخوخة إلى إغلاق هذه الفسحات أمام الجميع. وأضاف قداسته أنه وانطلاقا من هذا أراد تأسيس عيد الأجداد ليُحتفل به في الأحد الأخير من شهر تموز يوليو. وتحدث أيضا عن أن عهدا بين مرحلتَي الحياة القصوتين، أي الطفولة والشيخوخة، يساعد أيضا المرحلتين الأخريين، أي الشباب والبلوغ، على التلاحم المتبادل من أجل جعل حياة الجميع أكثر غنى بالإنسانية. وأكد الأب الأقدس أن هناك حاجة إلى حوار بين الأجيال، يظل بدونه كل جيل منعزلا ولا يمكنه نقل الرسالة. وتابع أن شابا غير ملتصق بجذوره، أي بالأجداد، لا يتلقى القوة، فينمو بشكل سيء، مريضا، بدون مرجعية. ولهذا فمن الضروري السعي إلى الحوار بين الأجيال كاحتياج بشري. وشدد قداسته بشكل خاص على أهمية الحوار بين الأجداد والأحفاد.
وتابع الأب الأقدس داعيا إلى تخيل مدينة يكون فيها التعايش بين مراحل الحياة المختلفة جزءً متكاملا في بيئتها، وإلى التفكير في انطلاق علاقات ودودة بين الشيخوخة والشباب تنعكس على الطابع العام للعلاقات. واشار البابا إلى أن المدن الحديثة تميل على مواقف معادية للمسنين، وليس من الصدفة إذن أن تكون معادية للأطفال أيضا، قال قداسته، مضيفا أن هذا مجتمع مطبوع بروح الإقصاء حيث يقصي الكثير من الأطفال غير المرغوب فيهم ويقصي المسنين فيضعهم في دور المسنين لأنه لم تعد هناك حاجة إليهم. وواصل أن السرعة المبالغ فيها تجعلنا نفقد النظرة المشتركة، فيتمسك كل واحد بقطعته الطائفة فوق حركة مدن أسواق تَعتبر الإيقاع البطيء خسارة والسرعة مالاً. وأكد البابا أن الحكمة تستدعي “إضاعة الوقت” مع الأبناء والأجداد، فهذا “الوقت الضائع” يقوي العائلة البشرية، كما أن الأطفال والمسنين يمنحوننا قدرة جديدة على رؤية الحياة.
ثم تطرق البابا فرنسيس إلى جائحة كوفيد ١٩ والتي فرضت إيقافا لطقس السرعة الغبي، وفي هذه المرحلة، واصل قداسته، كان الأجداد كجدار لمواجهة جفاف عاطفي لدى الأطفال. وتابع أن عهدا مرئيا بين الأجيال يناغم أزمنتها وإيقاعاتها يعيد إلينا الرجاء في ألا نسكن الحياة بلا جدوى، يعيد إلى كلٍّ منا محبة حياتنا الضعيفة، قاطعا الطريق أمام هوس السرعة الذي باختصار يستهلك الحياة. وصف البابا فرنسيس بالتالي إيقاعات الشيخوخة بمورد لا غنى عنه لفهم معنى الحياة التي يطبعها الزمن، وتابع أنه وبفضل هذا يصبح أكثر وضوحا توجه الحياة نحو لقاء الله. ووصف قداسته هذا بتصميم يتضمنه خلق الله الإنسان على صورته ومثاله، تصميم مختوم بتجسد ابن الله.
وفي ختام تعليمه الأسبوعي اليوم الأربعاء أشار قداسة البابا فرنسيس إلى طول الأعمار اليوم والذي يوفر لنا الفرصة لإنماء العهد بين جميع أزمنة الحياة ومعنى الحياة في مجملها. وأكد قداسته على أن معنى الحياة لا يقتصر على مرحلة البلوغ بين ٢٥ و٦٠ سنة، بل هو كل شيء، منذ الولادة وحتى الموت. علينا بالتالي أن تكون لدينا علاقات مع الجميع كي يكون بلوغنا أكثر ثراءً. وتضرع قداسته كي يهبنا الروح القدس الفطنة والقوة من أجل إصلاح ضروري، أن تتحول غطرسة زمن عقارب الساعة إلى جمال إيقاعات الحياة.
ندوة توعية حول العنف القائم على النوع الاجتماعي في عكار برعاية كاريتاس وصندوق الأمم المتحدة للسكان
ندوة توعية حول العنف القائم على النوع الاجتماعي في عكار برعاية كاريتاس وصندوق الأمم المتحد…