‫‫‫‏‫ساعتين مضت‬

البابا يستقبل وفدا من البرلمان الأوروبي ويتحدث عن الجذور المسيحية للهوية الأوروبية

فاتيكان نيوز

استقبل البابا لاون الرابع عشر صباح اليوم الأربعاء في قاعة كليمنتينا بالقصر الرسولي بالفاتيكان وفداً من كتلة المحافظين والمصلحين في البرلمان الأوروبي، ووجه لهم كلمة توقف فيها عند أهمية الجذور اليهودية المسيحية للهوية الأوروبية وحثّ ضيوفه على الالتزام في الحوار بين العقل والإيمان الذي تحدث عنه البابا الراحل بندكتس السادس عشر، وذلك من أجل خير المواطنين الأوروبيين والعائلة البشرية برمتها.

استهل الحبر الأعظم خطابه معرباً عن سروره بلقاء النواب الأوروبيين الذين يشاركون في مؤتمر نظمته الكتلة في روما وشكرهم على عملهم الدؤوب الذي يهدف إلى خدمة جميع المواطنين الأوروبيين، وليس فقط الأشخاص الذين يمثلونهم. ولفت إلى أن تبوء منصب رفيع في المجتمع تترتب عليه مسؤوليات في إطار تعزيز الخير العام، ومن هذا المنطلق شجع البابا ضيوفه على أن يتذكّروا دوماً الأشخاص المنسيين، والمهمشين والذين قال عنهم الرب يسوع إنهم الصغار فيما بيننا.

بعدها قال البابا إن ضيوفه ولكونهم نواباً منتخبين ديمقراطياً إنهم يعكسون تنوعاً في وجهات النظر والآراء المختلفة. وأضاف أن من الأهداف الأساسية التي تعمل من أجلها البرلمانات هي إفساح المجال في التعبير عن هذه الآراء ومناقشتها، لافتا إلى أن ميزة كل مجتمع متحضر تكمن في مناقشة الاختلافات في إطار الاحترام وإمكانية الاختلاف في الرأي، ناهيك عن الإصغاء والحوار مع أشخاص نعتبرهم أخصاما. وهذا الأمر، مضى لاون الرابع عشر يقول، يشهد لاحترامنا لكرامة جميع الرجال والنساء التي وهبهم إياها الله. كما شجع الحبر الأعظم البرلمانيين الأوروبيين على توجيه أنظارهم نحو القديس توماس مور، شفيع السياسيين، لأن حكمته وشجاعته ودفاعه عن حرية الضمير تشكل مصدر إلهام للساعين إلى تعزيز رخاء المجتمع.

هذا ثم شاء البابا أن يذكر ضيوفه بالنداءات العديدة التي أطلقها أسلافه الأحبار الأعظمون، عندما أكدوا أن الهوية الأوروبية يمكن أن تُفهم وتُعزز انطلاقاً فقط من جذورها اليهودية – المسيحية. كما أن هدف حماية الإرث الديني للقارة القديمة لا يهدف فقط إلى الدفاع عن حقوق الجماعات المسيحية، أو إلى حماية بعض العادات أو التقاليد الاجتماعية، التي تختلف بين منطقة وأخرى، كما اختلفت على مر التاريخ. فالمسألة تتعلق بالاعتراف بهذا الواقع، كما أن جميع المواطنين الأوروبيين ممتنون للإسهام الذي قدمته وما تزال تقدمه الجماعات المسيحية من أجل خير المجتمع الأوروبي. وأضاف لاون الرابع عشر أنه يكفي أن نفكر في التطورات الهامة التي عرفتها الحضارة الغربية، لاسيما الكنوز الثقافية لكاتدرائياتها العظيمة، الفن والموسيقى الرائعة، والتقدم في العلوم، ناهيك عن نمو الجامعات وانتشارها. وهذا النمو ولّد رباطاً جوهريا بين المسيحية والتاريخ الأوروبي، وهذا التاريخ يستأهل أن يُثمن ويُحتفى به.

تابع البابا خطابه متوقفاً عند المبادئ الخلقية الغنية والنماذج الفكرية التي تشكل الإرث الثقافي لأوروبا المسيحية. وهي ركائز بالغة الأهمية تسمح بالدفاع عن الحقوق التي منحنا إياها الله، وعن الكرامة الخاصة بكل شخص بشري، منذ تكوينه في رحم الأم وحتى موته الطبيعي. وهي أساسية أيضا من أجل التعامل مع التحديات المطروحة أمامنا، كالفقر والإقصاء الاجتماعي، والحرمان الاقتصادي، فضلا عن الأزمة المناخية والعنف والحروب. وأضاف لاون الرابع عشر أن إسماع صوت الكنيسة، من خلال عقيدتها الاجتماعية، لا يعني العودة إلى مرحلة من مراحل الماضي، بل يهدف إلى ضمان الموارد الضرورية من أجل التعاون والاندماج.

بعدها ذكّر الحبر الأعظم بما قاله سلفه البابا بندكتس السادس عشر في خطابه إلى السلطات المدنية في قاعة وستمنستر بلندن في أيلول سبتمبر ٢٠١٠، عندما سلط الضوء على أهمية الحوار بين عالم العقل وعالم الإيمان، وبين عالم العلمنة العقلانية وعالم المعتقد الديني. ورأى البابا لاون الرابع عشر أن هذا الحوار العام، الذي تحدث عنه البابا الألماني، والذي لا بد أن يلعب فيه السياسيون دوراً هاماً جدا، هو حاجة ضرورية من أجل احترام الصلاحيات الخاصة بكل طرف، ومن أجل توفير ما يحتاج إليه الطرف الآخر، كي لا يقع أي شخص في فخ تشويه الحقائق. وقال البابا إنه يتمنى أن يلعب ضيوفه دورهم على هذا الصعيد، ملتزمين في الحوار المطلوب، ليس فقط من أجل خير المواطنين الأوروبيين وحسب إنما العائلة البشرية برمتها.  

في ختام كلمته إلى وفد من كتلة المحافظين والمصلحين في البرلمان الأوروبي أكد البابا للحاضرين أنه يصلي من أجلهم ثم سأل الله الكلي القدرة أن يمنحهم وعائلاتهم بركات الحكمة والفرح والسلام.

‫شاهد أيضًا‬

هكذا يشكر مستشفى الصّليب الله على زيارة البابا التّاريخيّة!

تيلي لوميار/ نورسات يرفع أصدقاء جمعيّة راهبات الصّليب في لبنان الشّكر لله على زيارة البابا…