فبراير 14, 2022

البطريرك الرّاعي بارك إطلاق مؤسّسة سيّدة لبنان- حريصا الخيريّة

البطريرك الرّاعي بارك إطلاق مؤسّسة سيّدة لبنان- حريصا الخيريّة

بارك البطريرك المارونيّ الكاردينال مار بشارة بطرس الرّاعي، قبل ظهر السّبت، افتتاح وإطلاق “مؤسّسة سيّدة لبنان- حريصا الخيريّة”، بحضور السّفير البابويّ في لبنان المطران جوزف سبيتاري، ولفيف من المطارنة، والرّئيس العامّ لجمعيّة المرسلين اللّبنانيّين الموارنة الأب مارون مبارك، ورئيس مزار سيّدة لبنان الأب فادي تابت، وعدد من الكهنة والرّاهبات، ورؤساء بلديّات ومخاتير وحشد من المؤمنين.

في بداية الاحتفال، ألقى الأب فادي تابت كلمة ترحيب عرض فيها لأهداف المؤسّسة والغاية من إنشائها في الظّروف الحاليّة وقال: “هيَ هيَ مريمُ في السّرّاء والضّرّاء مع شعبها، فكما كانت في عُرس قانا حاضرةً، هي حاضرةٌ اليومَ مع أبنائِها الّذين يُعانون الفقر والحرمان، أولئِك الّذين نظرَ إليهم ابنها يسوع بحبّ بعد أن همّشهم المجتمع.”

واضاف: “ما نعيشُهُ اليومَ في لبنان، زمنٌ ما عاشه وطننا منذ تأسيسه حيث سيطر الجشع والطّمع من الطّبقة الحاكمة وأزلامِها، بينما يعيشُ مُعظَمُ اللّبنانيّين الفقر المدقع، من جرّاء ما أصابهم من سرقة أموالهم وتدهورٍ اقتصاديٍّ قضى على الغالبيّةِ السّاحقةِ من الشّعب، فغابت الطّبقَةُ الوسطى وأصبحَ لبنانُ مقسومًا بين أقلّيّةٍ غنيّةٍ وأكثريّةٍ فقيرة. محطّاتُ شؤمٍ فجّرت رغَدَ العيش الّذي كنّا نعيشه فنقلت اللّبنانيّ من البحبوحة إلى الفقر ومن الاكتفاء الذّاتيّ إلى البؤس المدقع”.  

وتابع الأب تابت: “أمام هذه الصّعوبات والتّحدّيات، عمِلَتْ الكنيسة على سدِّ فراغٍ سبّبته الدّولة وما زالت تعمل بالصّمت لمساعدة أبنائها من خلال مؤسّسة كاريتاس وغيرها من المؤسّسات الاجتماعيّة في الأبرشيّات والرّعايا. وعلى الرّغم من عمل الكنيسة الإنسانيّ وتضحيتِها إلّا أنّ سِهامَ الانتِقادِ الموجّهَةَ ممَّن هم سببُ الأزمةِ الّتي نعيشُها في لبنان، ارتدّت على الكنيسة فاتّهمت بالتّقصيرِ في الخدمة الإنسانيّة من قِبَلِ بعض المحرّضين المستفيدين من الوضع الحاليّ، فسخّروا جيوشهم الإلكترونيّةَ الوهميّةَ لبثّ الفتنة بغية القضاء على الكنيسة وما تمثّله من قيمةٍ وطنيّة وإنسانيّة، لكنّها بحسب قول البطريرك المكرّم مار الياس بطرس الحويّك في رسالته “المحبّة المسيحيّة” وإن كانت ترفض الكفر بالجميل لكنّها تعمل لأجل الله ولا تنتظر جزاءً إلّا من الله متشبّهة بالسّيّد المسيح. لهذا وإيمانًا منّا نحن جمعيّة المرسلين اللّبنانيّين الموارنة بأهمّيّة الوقوف إلى جانب أولادنا نضمّ إلى مؤسّسات الكنيسة مؤسّسة جديدة تحت اسم “مؤسّسة سيّدة لبنان الاجتماعيّة” تضمّ:

أوّلاً: مركزًا للإصغاء للمرافقة النّفسيّة، والاجتماعيّة، والرّوحيّة، مع آباء ومتخصّصين في هذه المجالات.

ثانيًا: مستوصفًا خيريًّا يتألّف من طبّ عامّ، وطبّ أطفال، وطبّ نسائيّ بالإضافة إلى طبّ الأسنان وصيدليّة.

ثالثًا: مركزًا للمساعدة في تأمين مستلزمات واحتياجات الأشخاص المصابين بحالات الإعاقة من كراسي متحرّكة وغيرها.

رابعًا: مطعمًا للمحبّة يقوم باستقبال آبائنا المسنّين وإخوتنا المحتاجين المنسيّين لنتقاسم معهم طعام المحبّة.”

ثمّ كانت كلمة للأب العامّ مارون مبارك تحدّث فيها عن “محبّة الفقراء” ورسالة جمعيّة المرسلين اللّبنانيّين الموارنة في خدمتهم “والّتي بدأت مع المؤسّس المطران يوحنّا الحبيب الّذي حثّ المرسلين بقدوته على التّجرّد والعطاء.”  

وأضاف: “نحن اليوم في هذه المناسبة السّخيّة، نحقّق أكثر فأكثر ما التزمناه في قوانين جمعيّتنا، وهو الإسهام مع الكنيسة في أعمال البرّ وسدّ حاجات الفقراء”.  

وإختتم الأب مبارك متوجّهًا إلى البطريرك الرّاعي: “الشّكر لكم يا صاحب الغبطة والنّيافة على ثقتكم الّتي أوليتموها لآباء الجمعيّة العاملين في مزار سيّدة لبنان لأداء هذه الخدمة النّابعة من فقرنا ورسولينا… علّ محبّة الفقراء وخدمة إخوة يسوع الصّغار تخوّلنا جميعًا للدّخول إلى فرح الرّبّ.”

بعد ذلك ألقى البطريرك الرّاعي كلمة جاء فيها:                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                     “يُسعدني أن أحيّي سعادة السّفير البابويّ وإخواني السّادة المطارنة وقدس الرّئيس العامّ والآباء والرّاهبات ورئيس اتّحاد البلديّات ورؤساء البلديّات والمخاتير وكلّ الحاضرين، ومعكم أشكر وأحيّي هذه المبادرة الجميلة الّتي قام بها الأب فادي تابت رئيس مزار سيّدة لبنان حريصا، مع الآباء الموجودين في خدمة المزار ضمن الخطّ الّذي سارت عليه جمعيّة المرسلين اللّبنانيّين الموارنة الّتي حدّثنا عنها قدس الرّئيس العامّ والّتي هي في خدمة المحبّة منذ العام 1901.

الأب فادي والآباء في المزار يلتقون كلّ يوم ثلاثاء للتّفكير والتّخطيط للمشاريع، وأعتقد أنّ هذه الفكرة ولدت في إحدى هذه الأيّام الّتي يجتمعون فيها، معتبرين أنّ هناك نقص في مكان ما، ففي هذا المزار نحتفل بالذّبيحة الالهيّة ونسمع اعترفات المؤمنين ونوزّع نعمة الأسرار، ولكن كان هناك حاجة لخلق شيء يخدم المحبّة، لأنّ المسيحيّة في أساسها مكوّنة من ثلاثة عناصر، هي خدمة الكلمة، خدمة التّقديس، وخدمة المحبّة الاجتماعيّة، ومن هنا قلت إنّ الآباء المرسلين اللّبنانيّين مشهورون في خدمة الكلمة الّتي تولّد الإيمان في المسيح الّذي يحمل بدوره المؤمنين إلى طلب نعمة الخلاص بالتّقديس، وإذا كانت خدمة الكلمة تكتمل بخدمة التّقديس فهذا لا يكفي، بل يجب أن تكتمل بخدمة المحبّة، من هنا ولد هذا المشروع.

اليوم نحن نفتخر باكتمال هذا الصّرح في حريصا، هنا الكلمة، هنا خدمة النّعمة، وهنا خدمة المحبّة عبر ثلاث مشاريع سنكرّسها اليوم، أوّلاً مركز الإصغاء الّذي هو حاجة أساسيّة للنّاس، فكم من النّاس يحتاجون فقط لمن يسمعهم، فالنّاس تنشغل اليوم بهموم الحياة ولا وقت لديهم للاستماع إلى مشاكل الآخرين، فأخذ الآباء على عاتقهم مسؤوليّة الإصغاء إلى مشاكل النّاس.

ثانيًا سوف نبارك المستوصف، وهو حاجة لكلّ النّاس اليوم الطّالبين للدّواء والّذي سيكون في خدمة النّاس. ثالثًا، الشّعب يجوع، وهذه أوّل مرّة يجوع شعبنا منذ زمن بعيد، فقد عرفنا المجاعة أيّام الحرب العالميّة الأولى عند حصار الأتراك، ومات حينها ثلث الشّعب اللّبنانيّ من الجوع، ولكن اليوم اللّبنانيّون بحالة جوع، وهنا أحيّي كلّ المؤسّسات الخيريّة والجمعيّات والأديار والأبرشيّات والرّعايا والرّهبانيّات، وكلّ المبادرات الشّخصيّة الّتي تساعد شعبنا، ونشكر الله على هذه النّعمة، أمّا هنا فأسّسوا مطعمًا يسعون من خلاله الى إطعام ومساعدة أكبر عدد من النّاس، لذا سيكون هناك حافلة تُقلّ النّاس من كلّ البلدات والمناطق المجاورة إلى هذا المكان.”

وإختتم الرّاعي: “أريد أن أشكر مرّة جديدة جمعيّة الآباء المرسلين اللّبنانيّين الموارنة على هذه المبادرة، كما أشكر الأب فادي تابت الّذي سُمّي بصاحب الرّؤية، وجميع الآباء الّذي يعملون سويًّا ويتشاركون القرارات سويًّا وهذه علامة رائعة لوجه الكنيسة والجمعيّة، فليبارك الرّبّ هذه المبادرات الثّلاثة، وكما يقول الكتاب المقدّس “من يُعطي يُقرض الله” عاشت المحبّة”.

في ختام الاحتفال تلا الأب جورج بو شعيا نصّ البركة الرّسوليّة الّتي وجّهها البابا فرنسيس إلى مزار سيّدة لبنان- حريصا منوّهًا بافتتاح المراكز الجديدة في خدمة محبّة الفقراء. ثمّ بارك البطريرك الرّاعي بالمياه المقدّسة مركز الإصغاء والمستوصف ومطعم المحبّة وجال عليها مع الحضور مطلقًا الخدمة في تلك المراكز.  

‫شاهد أيضًا‬

البابا فرنسيس يكتب تأملات درب الصليب في الكولوسيوم لأول مرة

وكالة آكي الإيطالية للأنباء – البابا فرنسيس يكتب تأملات درب الصليب في الكولوسيوم لأو…