مارس 9, 2020

البطريرك مار بشارة بطرس الرّاعي: “المصالحة مبادرة من الله، وهي في رسالة الكنيسة”

البطريرك مار بشارة بطرس الرّاعي: "المصالحة مبادرة من الله، وهي في رسالة الكنيسة"

أضاء بطريرك الكنيسة المارونيّة مار بشارة بطرس الرّاعي، خلال التّنشئة المسيحيّة يوم الإثنين، على “المصالحة والتَّوبة في رسالة الكنيسة اليوم”: الإرشاد الرّسوليّ للقدّيس البابا يوحنّا بولس الثّاني الصّادر في 2 ك1/ ديسمبر 1984، متوقّفًا بشكل خاصّ عند الفصل الثّالث حول “المصالحة مبادرة من الله، وهي في رسالة الكنيسة”، وقال:


1. المصالحة مبادرةٌ من الله طافحةٌ بالمحبَّة والرَّحمة والشَّفقة. فهو الّذي بدافعٍ من محبَّته خلقَ النَّاس ليحيوا في وحدةٍ معه واتِّحادٍ فيما بينهم. وفي كلِّ مرَّةٍ أخطأوا إليه، كان يصالحهم ويظلُّ أمينًا لمقصده الإلهيّ. يُسيء الإنسان إلى الله:

عندما يفرط في استعمال حرّيَّته، ويرفض واجب الطَّاعة لربّه وأبيه، بدافعٍ من الشَّيطان، وانحرافًا مع كبريائه.

عندما لا يجيب على محبَّة الله بالمحبَّة.

عندما يقاوم الله مقاومة خصمٍ له، فيخدع نفسه بالاعتماد على قواه الذّاتيّة. وهذا ما يقوده إلى قطع العلاقة مع خالقه.

2. بنتيجة الإساءة إلى الله وعدم طاعته وكسر العلاقة معه، يقع الخلل في العلاقة بين النَّاس، كما بين آدم وحوّاء، وآدم والأرض، وبين الأخ وأخيه، قايين وهابيل، وبين الّذين جاؤوا من بعدهم (راجع تك12:3 وما يليه،؛ 4: 1-16). رفضُ محبَّة الله هو دائمًا في أساس انقسام الجنس البشريّ.

3. لكنَّ الله “الغنيَّ بالرَّحمة” (أفسس 4:2) لا يقفل بابه بوجه أحد من أبنائه البشر، كما فعل الأب تجاه ابنيه في مثل الابن الضّال (لو 15: 11-32). كلُّ واحدٍ منهما ابتعد على طريقته، أمَّا هو فبحث عنهما ودعاهما إلى مائدته للاحتفال بفرح العيد، عيد الغفران والمصالحة، اللَّذين بلغا ذروتهما في تجسُّد ابن الله، وموته على الصَّليب لفداء خطايا جميع البشر. فصار للجميع مصالحة، وبه صالح الله الإنسان (الفقرة 10).

4. الكنيسة مؤتمنة من المسيح كي تواصل بشارة المصالحة، وتحثّ النّاس على التّوبة والإيمان بالإنجيل. تتكلَّم باسم المسيح معتمدةً قول بولس الرّسول:

“نحن سفراء المسيح، كأنَّ الله يدعوكم على يدنا. فنسألكم الآن، باسم المسيح، أن تصالحوا الله” (2كور20:5). الكنيسة هي سرُّ المصالحة الكبير في العالم (الفقرة 11).

5. المصالحة هي شأن الكنيسة جمعاء: كنيسة السَّماء الّتي تشارك في المجد الإلهيّ صحبة العذراء والملائكة والقدّيسين، الّتي تتَّحد بكنيسة الأرض، وبكنيسة المطهر اتِّحادًا سرّيًّا بالتّعاضد مع المسيح من أجل مصالحة العالم مع الله.

6. هناك سبل مختلفة لهذا العمل الخلاصيّ، وهي:


1- الصّلاة الموجَّهة.

إلى كنيسة السّماء لتساند المسافرين على وجه الأرض، ويعملون في سبيل الارتداد، وإحياء الإيمان، والنّهوض من السّقطات، والعمل على تنمية الاتّحاد والسّلام في الكنيسة والعالم. وهكذا في سرّ شركة القدّيسين تتحقّق المصالحة الشّاملة.

2- الإرشاد.

الكنيسة تلميذة المعلِّم الإلهيّ، لا تفتأ “كأمّ ومعلّمة” تردّد الجهر بشرّ الخطيئة، وتنادي بضرورة الارتداد والحثّ على المصالحة والدّعوة إليها. إنّها تفعل ذلك بعاطفة المحبّة والرّحمة، مثل معلّمها ورأسها.

3- العمل الرّاعويّ.

من أجل إعادة كلّ إنسان، أيًّا يكن وحيثما يكن، إلى طريق العودة إلى الآب، مهما كان طويلاً، بالاشتراك مع جميع الإخوة.

4- شهادة الحياة الصّامتة.

هذه تنشأ عن وعي الكنيسة المزدوج: إنَّها في ذاتها مقدَّسة أبدًا، وإنَّها أيضًا بحاجةٍ إلى أن تتطهَّر يومًا بعد يوم، حتَّى يقدّمها المسيح لذاته مجيدةً لا عيب فيها. ذلك أنّ وجهها قد يكون أحيانًا أقلّ إشعاعًا في عين الّذين ينظرون إليها. للشّهادة وجهان: علامة المحبّة الشّاملة الّتي تركها المسيح إرثًا لتلاميذه، لتكون إثباتًا لانتمائهم الى ملكوته؛ وتجسيد المحبَّة بأعمال الارتداد والمصالحة في داخل الكنيسة وخارجها، عن طريق التّغلّب على التّوتّرات والخلافات، بالغفران المتبادل وتنمية روح الأخوّة والسّلام ونشرها في العالم كلّه، من أجل بناء “حضارة المحبّة” (الفقرة 12).

‫شاهد أيضًا‬

عظة البطريرك الرَّاعي – الجمعة العظيمة

عظة البطريرك الكردينال مار بشاره بطرس الرَّاعي الجمعة العظيمة بكركي – 29 آذار 2024 _______…