يناير 19, 2021

التنشئة المسيحية – الاثنين 18 كانون الثاني 2021 كلنا اخوة (7)

التنشئة المسيحية – الاثنين 18 كانون الثاني 2021
كلنا اخوة (7)
ننهي اليوم الفصل الأول “ظلال في عالم مغلق” من الرسالة العامة لقداسة البابا فرنسيس: “كلنا اخوة”. أقدّم الظلال الثلاثة الاخيرة مع خاتمة رجاء.
الظل الحادي عشر: عدوان بلا حياء ( الفقرات 44 – 46).

  1. يوجد اليوم عدوانية اجتماعية تنتشر بشكل لا مثيل له بواسطة الاجهزة المحمولة والكومبيوتر. تتضمن هذه العدوانية اهانات وسوء معاملة واساءة وكلامًا مؤذيًا يشوّه صورة الآخر، وبفجور ما كان ليوجد لو كان التواصل مباشرًا بين الاشخاص، دون ان ينتهي الامر بتدمير بعضنا بعضًا(فقرة44).
  2. هذا الواقع سمح للايدولوجيات بفقدان كل حياء. فما لم يكن ممكنًا قوله قبل بضعة سنوات دون المخاطرة بفقدان احترام العالم كله، يمكن اليوم التعبير عنه بكل فظاعة، حتى من قبل بعض السلطات السياسية، من دون عقاب.
    يوجد منصات تجمع اشخاصًا يفكرون بنفس الطريقة، تعوّق المواجهة بين الاختلافات، وتسهّل انتشار الاخبار المزوّرة والمعلومات الكاذبة، واثارة الاحكام المسبقة والكراهية.
    كما ان مصالح اقتصادية ضخمة تعمل في العالم الرقمي، تضع اشكالًا من المراقبة القادرة على التلاعب بالضمائر والمسارات الديموقراطية (الفقرة 45).
  3. يوجد التعصّب الذي يؤدي الى تدمير الآخرين. ومن المؤسف ان يكون التّعصب في صفوف بعض المسيحيين شخصيًّا او من خلال
    وسائل الاعلام المسيحيّة او الكاثوليكية. يقوم به عادة متديّنون. يستعملون الانترنت والمنصات الرقمية لتبادل العنف الكلامي والتشهير والافتراء، من دون اي قيمة للاخلاق ولاحترام سمعة الآخرين. نتسائل أيّة مساهمة تُقدّم لتعزيز الأخوّة التي يقدّمها لنا الآب المشترك؟ (الفقرة 46).
    الظل الثاني عشر: معلومات بدون حكمة (الفقرات 47 – 50)
  4. تقتضي المعلومات ان تكون مطابقة للواقع. هذا ما تعنيه كلمة حكمة. عندما تنتفي هذه المطابقة تكون المعلومات من دون حكمة. من اجل ان تتصف المعلومات بالحكمة يجب الاستماع الى الآخر، وهذه سمة من سمات اللقاء الانساني الذي يقبل الآخر ويوليه اهتمامًا ويرحّب به في دائرته الخاصة. سماع كلام الآخر ورأيه من دون مقاطعته شرط اساسي للحوار المثمر. القدرة على الاستماع صفة محمودة.
    القديس فرنسيس الاسيزي سمع صوت الله، والفقراء والطبيعة، وحوّل كل ذلك الى نمط حياة (الفقرتان 47-48).
  5. من دون الصمت والاصغاء نعرّض للخطر الهيكل الاساسي للتواصل البشري الحكيم، فنقصي ما لا يمكن السيطرة عليه او معرفته معرفة سطحية وفورية. نستطيع البحث عن الحقيقة معًا عبر الحوار والمحادثة الهادئة والمناقشة الحماسية. انه مسار مثابر، ومصنوع ايضًا من الصمت والمعاناة، وقادر على ان يجمع بصمت الخبرة الطويلة. الكمّ الهائل من المعلومات المكتسبة من الانترنت، وغير أكيدة صحتّها لا تصنع الحكمة، ولا تُنضج التلاقي مع الحقيقة (الفقرتان 49 – 50).
    الظل الثالث عشر: خضوع للغير وازدراء بالذات (الفقرات 51 -53).
    هذه مشكلة الدول التي هي قيد التطور، اذ ترى في الدول الناجحة اقتصاديًا نماذج للنمو. فبدلًا من ان ينمو كل بلد باسلوبه الخاص، وان يطوّر قدراته على الابتكار انطلاقًا من قيمه الثقافية، فانه يعمد الى التقليد والشراء بدلًا من الابتكار، فيزدري هكذا بذاته وطنيًا. هذا الواقع تستغله سياسيًا الدول الكبيرة. لا يوجد أسوأ من تجربة عدم امتلاك جذور. تكون الارض خصبة، وشعب يعطي ثمرًا، ويولّد غذاء، فقط بقدر ما ينسج علاقات انتماء فيما بين أعضائه، وبقدر ما يُخلّف روابط اندماج بين مختلف الاجيال والجماعات التي تكوّنه ( الفقرات 51 – 53).
    رجاء ( الفقرتان 54-55)
    على الرغم من هذه الظلال الكثيفة، توجد لنا مسارات رجاء:
    أ – الله لا يزال يصبّ بذور الخير في البشرية.
    ب- في اختبار جائحة كورونا اختبرنا ان حياتنا مسنودة من أشخاص زيّنوا التاريخ بأعمالهم: أطباء، ممرّضين، ممرّضات، صيدليين، عاملين في المتاجر، عمّال
    نظافة، مقدمّي رعاية، عاملين في مجال النقل، متطوّعين، كهنة، رهبان، راهبات، شبيبة ادّوا خدمات اساسية.
    ج – الرجاء واقع متجذّر في اعماق الانسان.
    د- الرجاء طموح وشوق الى الملء، الى الحياة المكتملة.
    ه- الرجاء جريء يعرف كيف ينظر الى ما وراء الراحة الشخصية والضمانات الصغيرة والتعويضات التي تضيّق الافق، حتى ينفتح على المُثل العليا التي تجعل الحياة اكثر جمالًا وكرامة.
    تعالوا نسير في الرجاء!

‫شاهد أيضًا‬

البابا فرنسيس يكتب تأملات درب الصليب في الكولوسيوم لأول مرة

وكالة آكي الإيطالية للأنباء – البابا فرنسيس يكتب تأملات درب الصليب في الكولوسيوم لأو…