ديسمبر 9, 2019

التَّنشئة المسيحيَّة: تقتضي الشَّركة العائليَّة من كلّ شخصٍ التَّضحية والتَّفاني، وإرادة سمحاء ميَّالة إلى الرِّفق والسَّماح والغفران والاتّفاق والمصالحة

التَّنشئة المسيحيَّة: تقتضي الشَّركة العائليَّة من كلّ شخصٍ التَّضحية والتَّفاني، وإرادة سمحاء ميَّالة إلى الرِّفق والسَّماح والغفران والاتّفاق والمصالحة

التَّنشئة المسيحيَّة – الاثنين 9 كانون الأوَّل 2019

التَّنشئة المسيحيَّة

الاثنين 9 كانون الأوَّل 2019
الزَّواج والعائلة

نتناول من الإرشاد الرَّسوليّ للقدّيس البابا يوحنَّا بولس الثَّاني: “في وظائف العائلة المسيحيَّة في عالم اليوم” (1981) الفصل الثَّالث بعنوان: “دور العائلة المسيحيَّة”.

للعائلة أربعة أدوار تتحدَّر من كونها “شركة حياةٍ وحُبٍّ”. الحُبُّ يحدّد جوهر العائلة ودور رسالتها. إنطلاقًا من تعليم المجمع الفاتيكانيّ الثَّاني، تضطلع العائلة بأربعة أدوار: 1) إنشاء شركة أشخاص؛ 2) خدمة الحياة؛ 3) المساهمة في تطوير المجتمع؛ 4) المشاركة في حياة الكنيسة ورسالتها (الفقرة 17).
نقتصر موضوع اليوم على الدَّور الأوَّل: إنشاء شركة أشخاص (الفقرات 18-27).

1. الحُبّ مبدأ الشَّركة وقوَّتها (الفقرة 18).
العائلة التي تقوم على المحبَّة هي شركة أشخاص: رجل وإمرأة يُقيِّدهما زواج، والدَين وأولاد، وذوي قربى. مهمَّة العائلة أن تحيا بأمانةٍ واقع الشَّركة. ولا تستطيع ذلك من دون المحبَّة التي بها تحيا وتنمو وتتكامل، والتي بدونها يبقى الإنسان لغزًا لا يُفهم في عين نفسه، ولا معنى لحياته (فادي الإنسان).

2. وحدة الشَّركة الزَّوجيَّة التي لا تنفصم (الفقرة 19).
الشَّركة بين الزَّوجين تقوم بقوَّة عهد الحُبّ الزَّوجيّ، الذي به يصبحان جسدًا واحدًا (متى 6:19؛ تك 24:2). هذه الشَّركة تنمو عبر أمانتهما اليوميَّة لوعدهما الزَّوجيّ بهبة الذَّات المتبادلة التَّامَّة، وتتغذّى بعزمهما على تقاسم أثقال الحياة كاملةً. والله يثبّت ويكمّل هذه الشَّركة بنعمة سرّ الزَّواج وبالرُّوح القدس الذي يقدّم للزَّوجين شركةً جديدة، شركة محبَّةٍ على صورة الشَّركة بين المسيح والكنيسة. إنَّ ممارسة الحبّ الكامل الذي يعيشه الزَّوجان الواحد نحو الآخر تُظهر بجلاءٍ وحدة الزَّواج التي ثبَّتها الرَّبّ (الكنيسة في عالم اليوم، 49).

3. شركةٌ دائمةٌ لا تنحلّ (الفقرة 20).
بالإضافة إلى الوحدة، تتميَّز الشَّركة الزّ,جيَّة بعدم الانحلال لخير الزّوجين وأولادهما. فالحُبّ الزَّوجيّ بطبيعته دائمٌ ويستند إلى المسيح الرَّبّ كأساسٍ له، ويتقوَّى به (أفسس 25:5). عدم انحلال الزَّواج يريده الله ليكون على صورة الحبّ الذي يخصّ به المسيح الرّبّ كنيسته. إنَّ سرَّ الزَّواج يمنح الزَّوجين قلبًا جديدًا يشركهما في محبَّة المسيح الكاملة والدَّائمة، ويجعلهما ثابتين في الطَّاعة لإرادة الله: “ما جمعه الله لا يفرّقه إنسان” (متى 6:19).

4. شركة العائلة الموسَّعة (الفقرة 14).
على أساس الشَّركة الزَّوجيَّة تنهض شركة العائلة الأوسع. العائلة المسيحيَّة هي بطبيعتها “نعمة أخوَّة” كما يسمّيها القدّيس توما الأكوينيّ. الرُّوح القدس المُفاض في السّرّ هو ينبوع دائمٌ وغذاءٌ حيٌّ للشَّركة الفائقة الطَّبيعة التي تشدّ المؤمنين إلى المسيح، وبعضهم إلى بعضٍ، في وحدة كنيسة الله.

وكون العائلة المسيحيَّة تُظهر الشَّركة الكنسيَّة وتحقّقها، فإنَّها تُدعى “كنيسة منزليَّة” (الدُّستور العاقائديّ، في الكنيسة، 11).

كلُّ عضوٍ في العائلة مدعوٌّ، بحسب مواهبه، وبالنّعمة، لواجب بناء شركة الأشخاص يومًا بعد يوم، بحيث تكون العائلة “مدرسةً أوفر إنسانيّة” (الكنيسة في عالم اليوم، 52). هذا يتمّ بإحاطة الأولاد والمرضى والمسنّين بالعناية والمحبَّة، وبتبادل الخدمات اليوميَّة، وبالمشاركة في الخيرات والأفراح والأحزان.

تقتضي الشَّركة العائليَّة من كلّ شخصٍ التَّضحية والتَّفاني، وإرادة سمحاء ميَّالة إلى الرِّفق والسَّماح والغفران والاتّفاق والمصالحة. لا أحد يجهل أنّ الأنانيَّة العمياء والخلافات والمشاحنات والخصومات تمزّق الشَّركة العائليَّة، وتقضي أحيانًا عليها.

لكنَّ الله يريد الزَّوجين واحدًا والعائلة موحَّدة. ممارسة سرّ التَّوبة وسرّ القربان هي الوسيلة الفضلى لشدّ أواصر الشَّركة العائليَّة.

‫شاهد أيضًا‬

البابا فرنسيس يكتب تأملات درب الصليب في الكولوسيوم لأول مرة

وكالة آكي الإيطالية للأنباء – البابا فرنسيس يكتب تأملات درب الصليب في الكولوسيوم لأو…