يونيو 23, 2024

“الخادم الحقيقيّ تغييريّ كالعاصفة التي هبّت قبل حلول الروح القدس”

المطران عودة

تيلي لوميار/ نورسات

إحتفل المطران الياس عوده راعي أبرشيّة بيروت للروم الأرثوذكس بالقدّاس الإلهيّ لنهار الأحد 23 حزيران/يونيو 2024 في كاتدرائيّة القدّيس جاورجيوس في وسط بيروت، بحضور فاعليّات دينيّة ومدنيّة وحشد من المؤمنين.

بعد قراءة الإنجيل، ألقى المطران عوده عظة تناول فيها الأمثولة الروحيّة حول عيد العنصرة ومن ثمّ تناول الشأن الوطنيّ، قال: “أحبّائي، تحتفل كنيستنا المقدّسة بعيد العنصرة، أي انحدار الروح القدس على التلاميذ بهيئة ألسنة ناريّة، وبعيد تأسيس الكنيسة الأرضيّة، كنيسة المجاهدين، الساعين إلى الفوز بالملكوت المعدّ لمحبّي الربّ والمؤمنين به. تهيّئنا الكنيسة، في الفترة الفصحيّة، لاستقبال الروح القدس فـ«إن لم يولد الإنسانُ من الماء والروح، فلا يقدر أن يدخل ملكوت السماوات» وهذا ما يجعلنا ندرك كيفيّة عمل الكنيسة، التي تعدّنا شيئا فشيئا لأيّ عمل خلاصيّ، حتّى نفهم ونتهيّأ ونحكّم حرّيّتنا في ما إذا كنّا نريد اقتبال النعمة الممنوحة لنا أم لا”.

تابع المطران عوده: “أسلوب التهيئة هذا استخدمَتْه الكنيسة عند اقتبال المقبلين إلى المعموديّة ويسمّون «موعوظين». هؤلاء يتمّ إعدادهم للاتّحاد في جسد المسيح، ليصيروا «مستنيرين» بنور النعمة الإلهيّة، من خلال ماء المعموديّة، وختم الروح القدس بالميرون المقدّس، الروح يحلّ على المعمّد وينيره. إذا عدنا إلى نصّ رسالة اليوم، نلاحظ أنّ ريحًا عاصفة سبقت حلول الروح القدس بشكل ألسنة ناريّة. يمكننا القول إنّ هذا تمّ لكي يعلّمنا الربّ كيف يكون خادمه الحقيقيّ تغييريّا كالريح العاصفة، التي إن هبّت غيّرت كلّ شيء، كما يكون كالنار مشتعلًا بالغيرة الإلهيّة ومنيرًا الجميع بنور المعرفة الإلهيّة ومحرقًا الخطايا من خلال عيشه وصايا الربّ، لأنّه يحترق هو نفسه بالطاعة والتواضع، وينشر أشعّة محرقة لمساوئ هذا العالم الشرّير من خلال إتمامه أعمال الخير والمحبّة والتسامح والتضحية تجاه إخوته البشر”.  

أضاف المطران عوده: “خادم المسيح الحقيقيّ كالشّمعة يحترق فيذوب لينير كلّ من هم حوله. لذا، واجبنا أن نحافظ على شعلة الروح القدس، الذي حلّ علينا في معموديّتنا، وألّا نخفي نورها بخطايانا وشهواتنا. الروح القدس يبقى دائما ساكنا فينا، إنّما علينا أن نفتح له المجال الأوسع لكي يعمل، فنسير بهدي نوره وناره. ومتى شعرنا أنّنا بدأنا نفقد هذا النور الإلهيّ نغتسل مجدّدا، لا بماء المعموديّة، بل بالدّموع الحارة، من خلال سرّ التوبة والاعتراف، لنشتعل مجدّدا بالحرارة الإلهيّة فنستنير وننير”.

ثمّ انتقل المطران عوده إلى الشقّ الوطنيّ من كلمته، قال ما معناه أنْ، هو أكثر من ضرورةٍ ملحّة، وجود رأسٍ للجمهوريّة، وحكومة حاكمة “وخطّة إنقاذيّة مبنيّة على رؤية واضحة لبناء دولة عصريّة ديموقراطيّة عادلة لا تفرّد فيها لفئة ولا أفضليّة لأخرى بل القانون فوق الجميع”.  

تابع المطران قال: “أوصل الفراغ البلد إلى التفكّك والتحلّل فوقع في الجمود الذي هو موتٌ. لذلك من الضروريّ إعادة الاعتبار للدستور، ومناصرة الممارسة الديمقراطيّة السليمة، ورفع راية الإصلاح، إصلاح العقليّة التي قادت هذا البلد منذ عقود، وإصلاح الرؤية التي أدّت إلى هذا التقهقر، وإصلاح النفوس من لوثات هذا العصر وعلى رأسها الفرديّة والماديّة والأنانيّة والنزعة إلى العنف، وما نشهده في عصرنا وفي محيطنا من عنف فرديّ وجماعيّ لم يعرف التاريخ مثله ويندى له الجبين. مدنٌ تدمّر وأطفالٌ تقتل وبشرٌ يتعذّبون، والإنسانيّة ضائعةٌ أو مدفونةٌ عمدًا كي لا تنتفض”….

دعوتنا اليوم أن نقبل روح الحقّ، الذي من الآب ينبثق، وبهديه نعمل، ونسعى إلى الخير والصلاح، إلى الحقّ والحقيقة، في عالم لا يسعى إلّا إلى طمسهما، آمين.

‫شاهد أيضًا‬

الرّجاء في زمن الحرب

الأب الياس كرم : يبقى الرّجاء السّمة الأساسية في قلوب وعقول اللبنانيين أمام هذه الضّيقة ال…