أبريل 26, 2021

الرّاعي من بعبدا: لا يوجد أيّ مبرّر أساسيّ لعدم تشكيل حكومة في ظلّ الواقع الحاليّ

زار البطريرك المارونيّ الكاردينال مار بشارة بطرس الرّاعي رئيس الجمهوريّة اللّبنانيّة ميشال عون في قصر بعبدا، وعرضا خلال لقاء دام نحو ساعة ونصف السّاعة الأوضاع العامّة في البلاد والتّطوّرات الأخيرة من مختلف جوانبها.

وبعد اللّقاء، أدلى الرّاعي بتصريح قال فيه نقلاً عن موقع رئاسة الجمهوريّة اللّبنانيّة: “نحن نستنكر الاعتداء على أي إعلاميّ، ولكن في المقابل، أنا أؤكّد ما أشارت إليه وزيرة الإعلام أيضًا أنّ على الإعلاميّين أن يعرفوا حدودهم، فالبعض منهم يتصرّف بطريقة غير لائقة والبعض الآخر يستعمل وسائل التّواصل الاجتماعيّ كما يناسبه ويسمح لنفسه بتوجيه الإساءة إلى النّاس. أنا أحيّيكم كإعلاميّين، لأنّ الكنيسة تقول إنّ الإعلام عطيّة من الله للبشريّة، فالإعلام جعل من الكرة الأرضيّة قرية واحدة.”

وأضاف البطريرك الرّاعي: “تشرّفت اليوم بلقاء رئيس الجمهوريّة، وجئت لأشكره على زيارته للتّهاني بمناسبة عيد الفصح المجيد، ونحن بدورنا اليوم نهنّئ بالفصح الأرثوذكسيّ. وتمّ خلال اللّقاء التّداول بالموضوع الأساسيّ وهو ضرورة تأليف حكومة، وتذليل الصّعوبات أمام هذا التّأليف، لأنّه لا يوجد أيّ مبرّر أساسيّ لعدم تشكيل حكومة في ظلّ الواقع الحاليّ. فالبلد ينهار يومًا بعد يوم، والحكومة هي العمود الفقريّ للبلد، وعندما ينهار العمود الفقريّ في الجسد تنهار جميع أعضائه وتخور. فلا يجب أن نتراشق بالمسؤوليّات، فذلك لا يؤدّي إلى تأليف حكومة بل يزيد من حدّة المشاكل.”

وقال: “تمّ خلال اللّقاء أيضًا التّطرّق إلى العديد من القضايا، ونتائج عدم تأليف الحكومة، مثل زيادة الفقر والجوع. فأكثر من نصف الشّعب اللّبنانيّ أصبح تحت خط الفقر، في وقت كانت نسبة الطّبقة المتوسّطة في لبنان حتّى عام 1980 80%. لذلك كان هناك استقرار، أمّا اليوم فقد غابت هذه الطّبقة وهذا دليل عل انهيار لبنان.”

وأشار البطريرك الرّاعي إلى أنّه تمّ البحث خلال اللّقاء بموضوع “القضاء واستقلاليته، وضرورة عدم حصول أيّ فراغ في هذا السّلك، وإجراء تشكيلات قضائيّة. وشدّدنا على كرامة القضاء وكرامة القاضي ونزاهته وحرّيّته، مع عدم انتماء هذا القاضي إلى أيّ فئة من الفئات، وضرورة عدم التّدخّل بشؤون القضاة، فيستطيع عند ذلك القاضي العمل بحسب ضميره والعدالة.”

وأكّد أنّ موضوع التّهريب الّذي يشوّه وجه لبنان كان من المواضيع الّتي طرحت خلال اللّقاء، “لاسيّما وأنّ لبنان أصبح معبرًا للمخدّرات ولتهريب حبوب الكبتاغون إلى الخليج عبر السّعوديّة الّتي أقفلت الباب بوجهنا. ونحن نعلم أنّ 80% من منتوجاتنا الزّراعيّة تصدّر إلى الخليج، وسيعقد اليوم اجتماع في قصر بعبدا حول هذا الموضوع برئاسة فخامة الرّئيس، ولكن نحن لا يمكننا تحمّل الخسارة، فأجهزة الدّولة مسؤولة، ولكن أين هي أجهزة الرّقابة؟ لا يمكن أن يشكّل لبنان مركزًا للتّهريب وتبقى حدوده الشّرقيّة والشّماليّة مفتوحة دخولاً وخروجًا لذلك. فلا يمكن للبنان ان يكون معبرًا، كما رأينا بالأمس إلى السّعوديّة وبعدها إلى اليونان. فليس هذا هو وجهه الحضاريّ. أنا أعلم أنّ كلّ هذه الأمور يحملها الرّئيس عون في قلبه، ولكن علينا القول إنّ كلّ هذا يمسّ بكرامة اللّبنانيّين. والضّحيّة الكبيرة هم المزارعون الّذين يعانون حينًا من العوامل الطّبيعيّة، وأحيانًا أخرى من الأمراض، ثمّ الجراد، واليوم زادت المعاناة جرّاء التّهريب. فعنصر الزّراعة هو عنصر أساسيّ في الاقتصاد اللّبنانيّ. وأنا أشدّد هنا على أنّه لا يجب عند تناول أيّ مشكلة إداريّة أو قضائيّة أو مؤسّساتيّة أن نلبسها وجهًا طائفيًّا، فهذا أمر غير مقبول. نحن نريد أن نعيش مجتمعًا متنوّعًا متعدّدًا ونحترم بعضنا البعض وهذا التّنوّع. وللإعلام دور كبير في هذا الاطار، عبر التّوقّف عن الشّحن. نحن نريد أن نعيش براحة بعيدًا عن هذه التّوتّرات. وعليكم كإعلاميّين المساهمة بذلك، بإطفاء النّار وعدم تغذيتها بالوقود.”

وكان بعد التّصريح حوار مع الإعلاميّين، وسئل بحسب ما أورد الموقع: “بعد هذا اللّقاء مع الرّئيس عون الّذي تمّ خلاله التّشديد على تأليف الحكومة، هل من الممكن أن تتواصلوا مع الأفرقاء المعنيّين من بينهم رئيس الحكومة المكلّف؟”

فأجاب: “أنا لا أقوم بالوساطة مع أحد، إنّ حديثي يكون مع جميع النّاس والمسؤولين الّذين أطالبهم بتأليف الحكومة من دون الدّخول بأيّ وساطة مع أحد أو تقديم أيّ حلول، فنحن نمارس عملنا ضمن حدود، ولكن أهمّيّتنا وأهمّيّة الكنيسة عامّة أن نبقى على تواصل مع الجميع.”

سئل: “هل هناك من بوادر حلحلة قريبة في إطار تأليف الحكومة؟”، أجاب: “يجب أن تكون هناك حلول قريبة، خصوصًا أنّ هناك تحرّك على أكثر من صعيد، فرئيس الحكومة المكلّف زار مؤخّرًا الفاتيكان، وقبلها روسيا، إنّ هذا التّحرّك يدلّ على أنّ هناك متابعة لهذا الموضوع.”

سئل: “بغضّ النّظر عن موضوع تهريب المخدّرات، هناك وجهة نظر تقول إنّ زيادة حدّة الحصار أدّت إلى حصول المزيد من التّهريب، وهناك من يقول إنّكم تدافعون عن تجّار الهيكل. ماذا تقولون في هذا المجال؟”

أجاب:” حيث يوجد فقر، يوجد إرهاب. وعندما تزيد حدّة الفقر، تفتح المجالات أمام النّاس إلى الانخراط في الإرهاب والعمل مع الإرهابيّين، والفقر يؤدّي إلى السّرقة والقتل. ومن المعروف أنّ الفقر هو باب كلّ الإرهاب وكلّ المشاكل في الدّولة. قلت لكم إنّه حتّى العام 1980 كان 80% من اللّبنانيّين من الطّبقة المتوسّطة، وكنّا ننعم بالاستقرار في تلك الفترة. والجوع يؤدّي إلى الاعتداء. فالموضوع اليوم، أيّ حصول التّهريب عبر لبنان، وأجهزة الرّقابة “مغمضة عيونها”  أو أنّها غير مدركة، أو أنّ هناك من يغطّي هذا الأمر، وهذا موضوع آخر، وغير مسموح.”

وردًّا على سؤال، أكّد البطريرك الرّاعي أنّ “الفاتيكان وبكركي لا يهاجمان أحدًا، بل هم يهاجموننا.”

البطريرك الراعي زار رئيس الجمهورية العماد ميشال عون
بعبدا – الاثنين ٢٦ نيسان ٢٠٢١

زار غبطة البطريرك الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي صباح اليوم الإثنين ٢٦ نيسان ٢٠٢١، فخامة رئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشال عون في قصر بعبدا، حيث جرى بحث في ابرز القضايا المطروحة على الساحة اللبنانية.
بعد اللقاء قال غبطته في تصريح أمام الاعلاميين: ” أحيّي الاعلاميين الأحباء وأستنكر الاعتداء على أي إعلامي ولكن أؤكد على كلام وزيرة الاعلام التي قالت أن الاعلاميين أيضاً يجب أن يعرفوا حدودهم، وأنا لا أقصدكم، بل أتحدث عمن يستعمل السوشيل ميديا بطريقة تسيء للآخرين، ولكن أحيّيكم أنتم الموجودون هنا لأن الكنيسة تقول في المجمع الفاتيكاني الثاني “الاعلام هو عطيّة الله للبشرية وقد جعل من الكرة الأرضية قرية صغيرة واحدة”.

وتابع: “تشرفت اليوم بزيارة فخامة رئيس الجمهورية لأردّ له الزيارة التي قام بها لمناسبة عيد الفصح المجيد، وبهذه المناسبة أتمنى عيد فصح مجيد لإخوتنا في الكنيسة الأورثوذوكسية، واليوم تحدثت مع رئيس الجمهورية عن ضرورة وجود حكومة ووجوب تذليل العقبات، وأن لا مبرر أساسياً لعدم وجود حكومة أمام بلد يتهدّم، فهذا هو العامود الفقري الحيوي للوطن وبدونه تخور الأعضاء في الجسد، ولا يكفي أن نتراشق المسؤوليات ونزيد المشاكل. كما تحدثنا عن مواضيع الساعة والساحة”.
وتابع غبطته:” تحدثنا عن الفقر والجوع، وكلّكم يعلم أن 50 بالمئة من الشعب اللبناني بات تحت مستوى الفقر بعد ان كانت الطبقة المتوسطة تشكل 80% قبل سنة 1980، واليوم باتت هذه الطبقة شبه مضمحلّة.

وأضاف غبطته:” ناقشت مع الرئيس عون أهمية استقلالية القضاء، وضرورة عدم السماح بالفراغ في القضاء اللبناني والعمل على تشكيلات جديدة فيه وعن كرامة القضاء والقاضي ونزاهته وحريته من الانتماء لأي فئة من الفئات وعدم تدخّل الناس في شؤون القضاة كي يستطيع القاضي أن يحكم حسب ضميره وحسب القانون. كما وتحدثنا عن موضوع تهريب المخدرات الى السعودية الذي شوّه وجه لبنان، فمشهد الكابتاغون في السعودية ومناطق الخليج يجعلنا نخسر مصدر رزق ثمانين في المئة من اللبنانيين وأعني بذلك منتوجنا الزراعي، وهذا ما يؤكد لنا أن تفعيل أجهزة الرقابة له الدور الأساس في منع إبقاء الحدود مفتوحة للتهريب دخولا وخروجاً وعدم السماح بجعل لبنان معبراً للمخالفات، يوم في السعودية ويوم في اليونان، ما يشوّه صورة لبنان الحضارة. هذه الأمور كلها تمسّ بكرامة كل اللبنانيين ولكن الضحية الكبرى من هذه الفضيحة هم المزارعون وكأنها لا تكفيهم عوامل الطبيعة التي تفتك بمزروعاتهم كما الجراد اليوم، فكيف يعيش هؤلاء وعنصر الزراعة أساسي في إقتصادنا اللبناني.”
وتابع البطريرك الراعي: “لا يجوز تحويل أي مشكل في البلد الى أزمة طائفية، فنحن مجتمع تعددي وعلينا احترام بعضنا البعض وأدعو الإعلام الى المساعدة في إطفاء هذه النيران”.

ولفت غبطته الى أن “الفقر يجرّ الإرهاب، من هنا ضرب الطبقة الوسطى زعزع الأوضاع الأمنية في البلاد ولن نقف متفرجين”.
وردّاً على أسئلة الاعلاميين حول موضوع الحكومة، قال البطريرك الراعي:” أنا لا أقوم بوساطة بل أتحدث مع الجميع إنطلاقا من دوري ودور الكنيسة، ومن موقعي الوطني ألتقي مع جميع اللبنانيين للوصول الى حلّ في ملف تشكيل الحكومة وما زيارة الحريري الى الدول الخارجية وبخاصة الى الفاتيكان، الاّ متابعة واهتماماً بالملفّ اللبناني”.
وختم غبطته ردّاَ على سؤال عن هجوم الفاتيكان على طرف سياسي: ” الفاتيكان لا يهاجم أحداً، وبكركي لا تهاجم أحداً بل هم يهاجموننا”.

#البطريركية_المارونية #البطريرك_الراعي #شركة_ومحبة #حياد_لبنان #لبنان_الكبير #الراعي #بكركي

‫شاهد أيضًا‬

البابا فرنسيس يكتب تأملات درب الصليب في الكولوسيوم لأول مرة

وكالة آكي الإيطالية للأنباء – البابا فرنسيس يكتب تأملات درب الصليب في الكولوسيوم لأو…