الكاردينال بارولين يقول إن تعددية الأطراف تواجه اليوم أزمة ويدعو إلى إيجاد صيغ للتوصل إلى السلام
استضافت الجامعة الغريغورية الحبرية بروما مؤتمراً بعنوان “الوساطة البابوية كآلية لتعزيز السلام” وذلك لمناسبة مرور أربعين عاماً على التوقيع على معاهدة السلام بين الأرجنتين وتشيلي بشأن قناة بيغل. من بين المشاركين في اللقاء أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان الكاردينال بيترو بارولين الذي سلط الضوء على الحاجة لإعادة اكتشاف الثقة المتبادلة والعمل معاً من أجل الصالح العام. كما حضرت المؤتمر شخصيات عملت على التوصل إلى الاتفاق المذكور.
يقول منظمو المؤتمر إن الهدف من انعقاده يتمثل في التفكير بالإنجازات التي تحققت، ونتائجها الدائمة، بفضل الوساطة البابوية، لأربعة عقود خلت، في وقت كان يوجد فيه البلدان الأمريكيان الجنوبيان على شفير الحرب، وقد أفلحت الجهود في التوقيع على معاهدة سلام وصداقة بين بوينوس أيريس وسانتياغو. وجاء تنظيم المؤتمر في الجامعة الحبرية بعد لقاء عُقد في تلك المناسبة في القصر الرسولي بالفاتيكان وشارك فيه البابا فرنسيس، بالإضافة إلى وفدين من البلدين الجارين، قادهما سفير الأرجنتين لدى الكرسي الرسولي لويس بابلو بيلترامينو ووزير الشؤون الخارجية في تشيلي ألبرتو فان كلافرين. وقد شارك المسؤولان أيضا في المؤتمر الذي عُقد في الجامعة الغريغورية، بحضور الكاردينال بارولين وأمين سر دولة حاضرة الفاتيكان للعلاقات مع الدول والمنظمات الدولية رئيس الأساقفة بول ريتشارد غالاغر، وممثلين عن السلطات المدنية والدينية في البلدين.
تخللت الأعمال مداخلة للكاردينال بارولين سلط فيها الضوء على أهمية جهود الوساطة التي يقوم بها الكرسي الرسولي على صعيد حل النزاعات وذلك من خلال العمل الدبلوماسي. وقال إن هذا النشاط تم بصمت في بلدان وأزمنة مختلفة. وأكد نيافته أن ثمة أبعاداً ثلاثة هامة من أجل حل الصراعات: تعزيز الحوار، ممارسة تعددية الأطراف، والبحث عن أدوات تساعد على بلوغ السلام. واعتبر أن اللقاء المنعقد لمناسبة مرور أربعين عاماً على التوقيع على معاهدة السلام والصداقة بين الأرجنتين وتشيلي لا يهدف فقط إلى إحياء هذه الذكرى بل إلى تسليط الضوء على التعاليم التي تركها لنا هذا الاتفاق بالنسبة للحاضر والمستقبل.
بعدها لفت المسؤول الفاتيكاني إلى أن الدرس الأول الذي تعلمناه من هذا الاتفاق هو أنه تفادى حرباً كانت ممكنة بين الأرجنتين وتشيلي وأدى إلى قيام تعاون مشترك بين البلدين، مضيفا أن هذا التعاون نما وما يزال ينمو وقد شمل قطاعات عدة. والمعاهدة تشكل مثالاً على حل النزاعات، خصوصا في عالمنا اليوم، حيث تكاثرت الحروب ولا بد من البحث عن صيغٍ تسمح بالتوصل إلى حلول. من هذا المنطلق قال بارولين إن للاتفاق المذكور بعداً حاضراً ومستقبلياً، وتوقف عند الأزمة التي تواجه اليوم مبدأ تعددية الأطراف.
وأشار نيافته إلى أنه توجد في العالم اليوم مشاكل عالمية كثيرة، وهي تتطلب حلولاً عالمية، وهذا الأمر لن يتحقق بدون تعاون الجميع. وذكّر هنا نيافته بكلمات البابا فرنسيس الذي قال إن مبدأ تعددية الأطراف يواجه اليوم أزمة، مضيفا أن الأشخاص والبلدان تعتبر أنفسها منافسة وصولا إلى حد العداوة. لذا – أضاف بارولين – لا بد من تخطي هذه المواقف وإعادة اكتشاف الثقة المتبادلة والعمل معاً من أجل المصالح المشتركة. وعاد ليؤكد أنه مع غياب الثقة والتعاون وتعددية الأطراف ومشاركة الجميع لا يمكن التوصل إلى حلول للمشاكل الراهنة في عالمنا اليوم.
من بين المشاركين في المؤتمر وزير الخارجية التشيلي فان كلافرين الذي اعتبر أن عملية الوساطة التي تمت لأربعين سنة خلت تشكل بالنسبة لنا اليوم مثالاً لفضائل العمل الدبلوماسي. وذكّر الحاضرين بأن الكرسي الرسولي تصرف آنذاك كعنصر محايد ومتجذر في قيم السلام والاحترام المتبادل، وقدّم فسحة للبلدين يجدان فيها نقاطاً للتلاقي من أجل تخطي اختلافاتهما.
واعتبر رئيس الدبلوماسية التشيلي أن الوساطة البابوية التي تمت عام ١٩٨٤ سلطت الضوء على القوة المبدِّلة للدبلوماسية، وتذكّرنا بأنه حتى في الأزمنة الأشد ظلاماً يمكن التوصل إلى حلول سلمية وعادلة. ورأى أن النتائج الصلبة التي حققها الاتفاق جعلت من هذا النشاط الذي قام به الكرسي الرسولي الوساطة الأنجح خلال القرن العشرين. وختم فان كلافرين حديثه لافتا إلى أنه في هذا السياق العالمي المطبوع بالتحديات الكثيرة تُطلق هذه المناسبةُ رسالة سلام إلى العالم وتذكّر جميع الدول، كبيرةً كانت أم صغيرة، بأن الدبلوماسية هي أداة قوية وبأن السلام هو هدف ممكن عندما توجد الإرادة السياسية ويوجد الالتزام من قبل جميع الأطراف المعنية.
شهد المؤتمر أيضا مشاركة الدبلوماسي التشيلي ميلينكو سكونيك الذي شارك في عملية التفاوض آنذاك وقال إن ذلك الإنجاز عكس الدعوة إلى السلام التي تشكل عنصراً أساسياً لنشاط الكرسي الرسولي والكنيسة الكاثوليكية. ولفت إلى أن عملية الوساطة استمرت بين عامي ١٩٧٨ و١٩٨٤، ولم يفقد أي طرف الثقة على الرغم من الصعوبات، وأكد أن إيمان الكاردينال ساموري، ثم الكاردينال كاسّارولي شكل حافزاً للجميع وعرض عليهم الدرب الواجب سلوكه.
الكاردينال زيناري يعلق على التطورات في حلب ويدعو إلى تحييد المدنيين
موقع الفاتيكان نيوز مع تجدد القتال في مدينة حلب السورية أجرت وكالة ADNKRONOS الإيطالية للأ…