يناير 18, 2022

المطران ابراهيم في عيد مار أنطونيوس الكبير: على كلّ واحد منّا أن يكون أنطونيوس جديدًا وينتصر بالإيمان على كلّ التجارب

إحتفل رئيس أساقفة الفرزل وزحلة والبقاع للرّوم الملكيّين الكاثوليك المطران ابراهيم مخايل ابراهيم بعيد القدّيس أنطونيوس الكبير بقدّاس احتفاليّ في كنيسة مار أنطونيوس في زحلة، بمشاركة النّائب الأسقفيّ العامّ الأرشمندريت نقولا حكيم، الأرشمندريت عبدالله عاصي والأب طوني الفحل، بحضور المطران عصام يوحنّا درويش، ورئيس دير مار أنطونيوس الأب موسى عقيقي، والمدير العامّ لوزارة الزّراعة المهندس لويس لحّود وحشد من المؤمنين.

بعد الإنجيل المقدّس، كان للمطران ابراهيم عظة توجّه فيها بالتّهنئة إلى كلّ من يحمل إسم القدّيس أنطونيوس أو يحتفل بالعيد وقال :

“أرحّب بسيادة المطران عصام يوحنّا درويش أبي وأستاذي منذ أن كنت في السّادسة عشرة من عمري، وهو مرشد لي وأخ وصديق. أنا سعيد بحضوره وبحضوركم جميعًا، رسميّين وآباء وكهنة، مكرّسين في خدمة النّفوس والكنيسة. هذه الكنيسة الّتي نحن فيها اليوم تابعة لرهبنة أحبّها جدًّا، الرّهبنة اللّبنانيّة المارونيّة الّتي اعتبرها أيضًا رهبانيّتي لأنّني تلميذ جامعة الرّوح القدس الّتي لم تكن مكانًا نأخذ منه المعرفة وحسب بل كانت فعلاً مكانًا لعمل الرّوح القدس فينا ليحضّرنا لرسالة الكهنوت العظيمة. أتمنّى لهذه الرّهبنة المزيد من الإشعاع ونحن بحاجة لها أكثر من أيّ وقت مضى في هذا الظّرف الصّعب في لبنان لأنّها رهبانيّة شاهدة رهبانيّة أعطت قدّيسين وستعطي أيضًا للكنيسة المزيد من القدّيسين.

بصلواتكم الكنيسة تستمرّ لأنّ الكنيسة هي الجماعة المصلّية وليست فقط بناء من حجر، البناء مهمّ لأنّ فيه نجتمع وهو يتقدّس منّا أكثر ممّا نتقدّس منه لأنّ المؤمن الّذي لبس المسيح تحوّل إلى هيكل حيّ للرّوح القدس، لذلك مار أنطونيوس هرب من المدينة إلى الصّحراء حيث لم يكن هناك كنائس كبيرة، هل يا ترى كان خارج الكنيسة؟ بالتّأكيد لا لأنّه كان كنيسة حيّة متحرّكة أينما حلّ هناك كانت الكنيسة، ونحن أيضًا أينما نكون تكون الكنيسة. الكنيسة لن تقوى عليها أبواب الجحيم هذا وعد إلهيّ، لسنا نحن من نقرّر أن تستمرّ أو لا تستمرّ لأنّها وعد إلهيّ، إرادة الله هي أن تستمرّ الكنيسة، والكنيسة هي مجموعة مواهب، وفي الرّهبانيّة اللّبنانيّة لدينا قدّيسين تقدّسوا بالنّسك وعلى رأسهم القدّيس شربل لكن لدينا أيضًا قدّيسين تقدّسوا بالتّعاطي مع النّاس، بالرّسالة كالقدّيس نعمة الله الحردينيّ والقدّيسة رفقا. مواهب الكنيسة كثيرة وإحداها كانت الحياة الرّهبانيّة في النّسك وعلى رأسها مؤسّس الحياة الرّهبانية مار أنطونيوس الكبير.  

القدّيس أنطونيوس كان من عائلة غنيّة، سمع في يوم من الأيّام الكاهن يقرأ الإنجيل في الكنيسة ويعلن كلمة الله الّتي تقول من أراد أن يتبعني فليكفر بنفسه ويحمل صليبه ويتبعني، ولأنّه كان غنيّ جدًّا لم يدع هذا الكلام يبقى كلامًا فذهب وباع كلّ ما يملك ووزّعه على الفقراء ولجأ إلى الصّحراء لكي يعيش فقط للرّبّ ويغتني فقط من الرّبّ وهذا الغنى الحقيقيّ. عاش هذه المواهب الجميلة في الصّحراء، لماذا لجأ إلى الصّحراء؟ لأنّه في الصّحراء يعيش وحده مع المسيح ولا أحد يشتّت انتباهه. نحن اليوم مشتّتو الانتباه بشكل غير مألوف في عصرنا الحاليّ، كلّ لحظة لدينا اهتمام مختلف، ننتقل من فكرة إلى فكرة ومن اهتمام إلى اهتمام وآخر اهتمامنا يكون الجوهر مع الأسف. مار أنطونيوس أراد أن يكون الجوهر في صلب اهتمامه والجوهر هو أن يمتلئ من الرّبّ. في الصّحراء الحياة ليست سهلة، حياة تقشّف فيها مخاطر دائمة، فيها تجارب. والصّحراء بالنّسبة لمار أنطونيوس هي المكان الأفضل والأسمى للقاء الرّبّ.

مع الأسف نحن في هذا البلد الصّحراء أتت إلينا، المخاطر أتت إلينا، التّجارب أتت إلينا أصبحنا نعيش في جفاف ويباس ويأس وكأنّ الصّحراء تغلّبت علينا بينما مار أنطونيوس تغلّب عليها، لذلك علينا اليوم أن نقطع وعدًا بأن نكون على مثال مار أنطونيوس ونتغلّب على هذه الصّحراء، نتغلّب على هذا الوضع ولكن كيف؟ بالإيمان، أجدادنا قهروا ممالك وانتصروا على الأعداء. نحن مدعوّون إلى الانتصار على هذه الصّحراء الّتي تجتاحنا من كلّ الاتّجاهات وفي نفس الوقت: أزمة اقتصاديّة، أزمة كورونا، أزمة سياسيّة، فقر، انقسامات في البلد وهجرة تسرق من شبابنا. علينا الانتصار على هذه الصّحراء بالصّلاة والتّقشّف والمحبّة وعمل الخير بالتّحمّل والصّبر، بالإيمان العميق بأنّ الله عندما يكون معنا لا تستطيع أيّ صحراء الانتصار علينا، بالإيمان العميق بأنّ بلدنا الّذي مرّ بصعاب كثيرة سيقوم من جديد وسيزدهر من جديد من خلال الإيمان والمحبّة.

صلاتي معكم اليوم أن يصير كلّ واحد منّا أنطونيوس جديد وينتصر بالإيمان على كلّ التّجارب بنعمة الرّبّ يسوع آمين.”  

وفي نهاية القدّاس كانت كلمة لرئيس دير مار أنطونيوس الكبير في زحلة الأب موسى عقيقي رحّب فيها بالمطران ابراهيم في زحلة متمنّيًا له رسالة مقدّسة في زحلة، وشكره على تلبية الدّعوة للاحتفال بعيد القدّيس أنطونيوس، وقدّم له مجموعة “أضواء رهبانيّة” الّتي تضمّ مجلّدات عن تاريخ الرّهبانيّة اللّبنانيّة المارونيّة.

كما رحّب الأب عقيق بالمطران درويش وشكره على محبّته وعمله الرّسوليّ في زحلة، وقدّم له مجموعة كتب عن تاريخ الكنيسة.

‫شاهد أيضًا‬

بيان صادر من إدارة مزار سيدة لبنان

صدر عن إدارة مزار سيدة لبنان حريصا البيان التوضيحي التالي:بعد انتشار بعض الفيديوهات عبر وس…