فبراير 1, 2022

المطران غالاغير: البابا يريد أن يأتي إلى لبنان قريبًا وهو قلق عليه وعلى شعبه ويعتبر أنّ هذا البلد يجب أن يبقى مشروع سلام

تيلي لوميار/ نورسات

البابا يريد أن يأتي إلى لبنان قريبًا وهو قلق عليه وعلى شعبه ويعتبر أنّ هذا البلد يجب أن يبقى مشروع سلام

أكّد رئيس الجمهوريّة اللّبنانيّة العماد ميشال عون أنّه يبذل كافّة جهوده لكي يبقى لبنان وطن الرّسالة للشّرق كما للغرب، وفق ما أراده البابا يوحنّا بولس الثّاني، مشدّدًا على “أنّنا كلبنانيّين مؤمنون بأنّ وطننا رسالة، ونسعى للحفاظ عليه وفق هذه الرّؤية على الرّغم من الصّعوبات العديدة الّتي يمرّ بها.”

كلام الرّئيس عون جاء خلال استقباله قبل ظهر اليوم في قصر بعبدا، أمين سرّ الكرسيّ الرّسوليّ للعلاقات بين الدّول المونسنيور ريتشارد بول غالاغير، الّذي يزور لبنان، “بطلب من الحبر الأعظم البابا فرنسيس حاملاً قرب الأب الأقدس من الشّعب اللّبنانيّ بكافّة طوائفه، في الظّروف الصّعبة الّتي يمرّ بها.”

وحضر اللّقاء عن الجانب الفاتيكانيّ إلى جانب المونسنيور غالاغير، السّفير البابويّ لدى لبنان المونسنيور جوزف سبيتري، والقائم بالأعمال في السّفارة البابويّة المونسنيور جيوزيبي فرانكوني والمونسنيور ماركو فورميكا. وعن الجانب اللّبنانيّ الوزير السّابق سليم جريصاتي ومدير عامّ رئاسة الجمهوريّة الدّكتور أنطوان شقير والمستشارون رفيق شلالا وأنطوان قسطنطين وأسامة خشاب.

وكان المونسنيور غالاغير استهلّ اللّقاء، ناقلاً تحيّات البابا فرنسيس إلى الرّئيس عون، ومن خلاله إلى اللّبنانيّين، مؤكّدًا “متابعته بدقّة لتطوّرات الأوضاع في هذا البلد”، قائلاً “إنّ لبنان يستحقّ عناية استثنائيّة، لأنّ كلّ الشّرق الأوسط يتطلّع إليه كرسالة للمستقبل، من هنا وجوب الحفاظ على الهويّة الوطنيّة لهذا البلد، الّذي إذا ما تطوّرت الأوضاع فيه إيجابيًّا فإنّ الأمر سينعكس على المنطقة. وأضاف: “إنّ لبنان القويّ والمتضامن يمكن أن يشكّل مثالاً لكلّ الشّرق الأوسط، بمسيحيّيه ومسلميه وذلك في خدمة الخير العامّ للجميع، وهذه هي حقيقة دعوة لبنان. ونحن نأمل أن يلعب هذا الدّور في المستقبل من جديد”، مشيرًا إلى “أنّه من السّهل أن نقول إنّ لبنان رسالة، ولكن علينا العمل معًا من أجل أن تصبح هذه الرّسالة حقيقة ملموسة.”

وإذ شدّد المونسنيور غالاغير على “أنّ الحبر الأعظم البابا فرنسيس أعرب عن رغبته في زيارة لبنان”، قال: “قداسته سيأتي قريبًا. ولكن علينا تحديد معنى كلمة قريبًا”، متمنّيًا على الرّئيس عون أن يقوم بزيارة إلى الكرسيّ الرّسوليّ.”

وردّ الرّئيس عون بكلمة شكر فيها البابا فرنسيس على عمق محبّته للبنان وقربه من اللّبنانيّين، في أكثر من مناسبة، متمنّيًا على المونسنيور غالاغير أن ينقل محبّة اللّبنانيّين من مختلف الطّوائف لقداسته، وتعلّقهم بالكرسيّ الرّسوليّ وبالأهمّيّة الّتي يوليها للبنان وشعبه. وقال: “نحن نشكر الكرسيّ الرّسوليّ بكافّة دوائره على العناية الّتي يوليها للبنان، وعلى دوره في بلسمة جراح اللّبنانيّين من خلال المساعدات الّتي يقدّمها لهم على أكثر من صعيد، لاسيّما في خلال الظّروف الصّعبة الّتي يجتازها.”

وإذ استذكر اللّقاء الخاصّ الّذي جمعه والبابا فرنسيس وكبار المسؤولين في حاضرة الفاتيكان في بداية عهده، قال الرّئيس عون: “إنّنا نتطلّع بشوق إلى الزّيارة الّتي وعدنا قداسته بالقيام بها  للبنان، آملين أن تكون بداية لقيامة هذا البلد معافى من أزماته”، مضيفًا: “إنّ الدّور الّذي يقوم به الكرسيّ الرّسوليّ هو لمصلحة جميع اللّبنانيّين، من هنا التّقدير الكبير الّذي يكنّه الجميع له، متطلّعين إلى الحبر الأعظم كضامن لأهمّيّة لبنان وحضوره في محيطه والعالم”. وقال: “إنّنا نتطلّع إلى مواصلة هذا الدّعم بالنّظر إلى جسامة التّحدّيات الّتي تواجهنا وهي غير مسبوقة في تاريخ لبنان الحديث، ونأمل أنّنا، ومن خلال هذا الدّعم إلى جانب دعم آخرين من أصدقاء لبنان في العالم، أن نتجاوز الانعكاسات السّلبيّة للأزمات والصّراعات الإقليميّة.”

وبعد اللّقاء، أدلى المونسنيور غالاغير بالتّصريح التّالي إلى الصّحافيّين: “لقد أتيت إلى بيروت في الذّكرى الخامسة والسّبعين لإقامة العلاقات الدّبلوماسيّة بين الكرسيّ الرّسوليّ ولبنان، وفي الذّكرى الخامسة والعشرين للزّيارة الرّسوليّة الّتي قام بها قداسة البابا القديس يوحنّا بولس الثّاني إليه لمناسبة توقيع الإرشاد الرّسوليّ: “رجاء جديد للبنان”. كما نستذكر أيضًا في هذه المناسبة الذّكرى العاشرة للزّيارة الرّسوليّة الّتي قام بها قداسة البابا بنديكتوس السّادس عشر للبنان.”

 أضاف: “إنّ الأب الأقدس أوصاني أن أنقل إلى الشّعب اللّبنانيّ قربه منه وقلقه عليه وعلى لبنان جرّاء الأزمة الاقتصاديّة والاجتماعيّة السّياسيّة العميقة الّتي يمرّ بها هذا البلد. عندما توجّه الأب الأقدس إلى أعضاء السّلك الدّبلوماسيّ منذ عدّة أيّام، لمناسبة التّهاني بحلول العام الجديد، قال عن لبنان ما يلي: “أعتقد أنّ الإصلاحات الضّروريّة إضافة إلى دعم المجتمع الدّوليّ سيساعدانه في الاستمرار بهويّته الخاصّة، كمثال للتّعايش السّلميّ والأخوّة بين مختلف الأديان. وفي هذه المناسبة أحضّ المجتمع الدّوليّ على مواصلة تقديم الدّعم والمساعدة للبنان لبلوغ طريق القيامة. وآمل أن يستمرّ هذا البلد في لعب دور النّموذج والمثال كمجتمع مفعم بالتّسامح والتّعدّديّة في الشّرق الأوسط، حيث بإمكان الطّائفة المسيحيّة أن تقدّم مساهمتها.”

أضاف: “وفي كلمته إلى السّلك الدّبلوماسيّ العام 2021، قال الحبر الأعظم البابا فرنسيس عن لبنان ما يلي: “إنّ المسيحيّين بعملهم التّربويّ والصّحّيّ والإنسانيّ، يشكّلون جزءًا لا يتجزّأ من النّسيج الاجتماعيّ والتّاريخيّ للبنان. ومن الواجب ضمان إمكانيّة مواصلة المسيحيّين لجهودهم من أجل مصلحة البلد الّذي كانوا من مؤسّسيه. وأيّ إضعاف للحضور المسيحيّ من شأنه أن يدمّر التّوازن الدّاخليّ وهويّة لبنان.”

وتابع: “أودّ أن أنتهز هذه الفرصة لأعبّر عن قربي وتعاطفي مع ضحايا الانفجار المروّع الّذي ضرب مرفأ بيروت في الرّابع من آب 2020 وعائلاتهم. عسى أن يحظى جميع اللّبنانيّين وأهالي الضّحايا بالتّعزية في إيمانهم وفي تحقيق العدالة. وأخيرًا اسمحوا لي أن أذكّركم بما قاله الحبر الأعظم البابا فرنسيس في الأوّل من تمّوز 2021 حين جمع رؤساء الكنائس في الفاتيكان: “في هذه الأيّام المفعمة بالأمل نودّ أن نؤكّد على أنّ لبنان كان ولا يزال ويجب أن يبقى مشروع سلام. إنّ دعوته هي أن يكون أرضًا للتّسامح والتّعدّديّة وواحة للأبديّة حيث يلتقي جميع الطّوائف والأديان، وتعيش الطّوائف معًا، واضعة المصلحة العامّة والخير العامّ فوق مصالحها الخاصّة. وهنا أودّ أن أعيد التّأكيد على ضرورة أن يتّخذ من هم في السّلطة القرار الحاسم بالعمل من أجل السّلام وليس من أجل مصالحهم الخاصّة. ولتكن هذه الفرصة بمثابة نهاية للّذين يستفيدون من معاناة الجميع. من غير المسموح أن تبقى نصف الحقيقة محبطة لآمال الشّعب،  وتوقّفوا عن استخدام لبنان والشّرق الأوسط من أجل المصالح الخارجيّة. يجب أن يحظى الشّعب اللّبنانيّ بفرصة لأن يكون بأبنائه مهندسًا لمستقبل أفضل على أرضه بعيدًا من أيّ تدخّل خارجيّ.”

بعد ذلك، دار حوار بين الصّحافيّين والمونسنيور غالاغير، فسئل: هل سيحضر الحبر الأعظم بيننا خلال هذا العام، وهو الّذي كرّر بالأمس نيّته زيارة وطننا؟  

أجاب: “لقد أكد لي البابا قبل أن استهل هذه الزيارة، بأنه يرغب ويريد ان يأتي الى لبنان، قريبا جدا. لكن يبقى ان نحدد معنى كلمة قريبا. هو يريد ان يأتي وسيأتي.”

سئل: نحن كلبنانيين نعرف ان وطننا هو أكثر من بلد، أنه رسالة بالنسبة الى البابا القديس يوحنا بولس الثاني، وهو قلب العالم وعقله بالنسبة الى البابا بنديكتوس، وها هو البابا فرنسيس يردد انه وطن-رسالة. ولكن البابا يوحنا بولس الثاني عبر منذ العام 1989 عن خشيته من ان يزول هذا اللبنان، معتبرا ان زواله هو “أكبر ندم للعالم”، هل تخشون في الكرسي الرسولي زوال هذا اللبنان؟  

أجاب: “هذا امر بديهي عندما نلاحظ ما يجري ليس فقط في لبنان، بل أيضا في المنطقة. نعم اننا نخشى الا يكون مستقبل هذا الوطن مضمونا. ونحن ندعو الجميع، وكافة القادة سواء محليا او دوليا، للحفاظ على لبنان كرسالة للعيش معا والاخوة والرجاء بين الأديان.”

سئل: “اننا نعاني من أزمة متعددة الجوانب، ضاعف من وقعها وجود نحو ثلاثة ملايين بين نازح سوري ولاجىء فلسطيني. هل الكرسي الرسولي مستعد لمساعدتنا في حل هذا الجانب، لا سيما وان مناطق عديدة في سوريا باتت آمنة؟

أجاب: “اننا ملتزمون بهذا الامر من خلال محادثاتنا مع ممثلي دول المنطقة والمنظمات الدولية. ونحن نشاطركم الرغبة في عودة النازحين . لكن هناك اختلاف في الأفكار بالنسبة الى الوضع الأمني للنازحين السوريين. ونحن نحاول العمل على هذا الموضوع ولقد أجرينا محادثات بهذا الشأن في بغداد ومع الاتحاد الأوروبي حول إعادة الاعمار في سوريا، ومع المفوضية الأوروبية للاجئين.  هذه المشاورات لم تكن مثمرة جدا، لكننا ملتزمون هذا الموضوع وسوف نواصل هذا الجهد.”

سئل: تحدثتم عن تثبيت الهوية الخاصة للبنان، هل يمكن ان تدعوا القيادات الى حوار وطني لتثبيت هذه الهوية الخاصة؟ وهل الفاتيكان الذي لعب دورا حاسما في انهاء الحرب الأهلية جاهز لرعاية هكذا حوار؟  

أجاب: “في الواقع ان النشاط الدبلوماسي هو عبارة عن حوار ومخاطبة بين ممثلين عن كيانات معترف بها دوليا. وفي هذه الحال نتحدث عن لبنان وحكومته من جهة، وعن الكرسي الرسولي من جهة أخرى. في أي حوار لا يمكن التنبؤ بما ستكون عليه النتيجة ولكن بشكل بديهي سوف نشجع  بصورة ضمنية وصريحة الزعماء السياسيين والمجتمع المدني على ذلك وفق الدرجة التي سنكون على تواصل معها. وعندما نتحدث عن دور المسهّل او الوسيط بين لاعبين سياسيين، من الممكن ان نلعب هذا الدور وذلك اذا ما توفرت دعوة الى الكرسي الرسولي من جميع الأطراف المعنيين للقيام بهذا الدور. إذاً إذا ما توفرت هذه الرغبة او الدعوة الجماعية، نحن مستعدون للقيام بهذا الدور.”  

سجل التشريفات

وكان المونسنيور غالاغير دون في سجل تشريفات القصر الجمهوري العبارة التالية: “احمل الى لبنان صلوات الاب الاقدس البابا فرنسيس واطيب تمنياته لشعبه  الذي يواجه تحديات جمة، راجيا من الرب القدير ان يثبت خطوات لبنان على طريق التعافي والتعاون والمحبة”.

‫شاهد أيضًا‬

بطريرك الأقباط الكاثوليك يهنئ الأمين العام المساعد الجديد لدائرة الكنائس الشرقية بالفاتيكان

بطريرك الأقباط الكاثوليك يهنئ الأمين العام المساعد الجديد لدائرة الكنائس الشرقية بالفاتيكا…