‫‫‫‏‫4 أيام مضت‬

بكت… بكت بصدق الفقير الذي لم يعتد أن يطلب شيئًا لنفسه، بل يطلب للآخرين

ميشال حايك

في لحظةٍ امتزج فيها الضعف بالقوّة، والدمعة بالرجاء، وقفت الراهبة ماري مخلوف أمام البابا لاوُن الرابع عشر، حاملةً صوت الذين لا صوت لهم، وصلاة الذين لا يعرفون حتى لفظ أسمائهم. من مستشفى الصليب للأمراض العقليّة، خرجت كلمتها كنبض وطنٍ جريح، وكصرخة مستشفى لا تزال تُمسك يد الإنسان حين يتخلّى عنه الجميع

“السلام يبدأ من يدٍ تُمسِك بيدٍ… من قلب يقترب من قلب، ولو كان هذا القلب لا يعرف أن يعبّر أو يتكلّم.”

رسمت الراهبة ماري مملوف اليوم في كلمتها صورة الكنيسة الحقيقية: كنيسة الأب يعقوب، التي لا تقف عند حدود اللغة أو القدرة، بل عند حدود المحبّة وحدها.

وتوّجهت إلى البابا وإلى لبنان كلّه لتقول إن المنسيين في مستشفى الصليب ليسوا عبئًا… إنّهم كنز الكنيسة.

ثمّ بكت… بكت بصدق الفقير الذي لم يعتد أن يطلب شيئًا لنفسه، بل يطلب للآخرين. قالت:
“هذه المؤسسة الفقيرة… لا تملك شيئًا سوى قلبها. كيف نستمرّ بلا دعم؟ كيف تبقى رسالة مستشفى الصليب حيّة في بلدٍ تنهار فيه مؤسسات الدولة؟”

ومع ذلك، لم تتحدّث بروح الانكسار، بل بروح العهد:
مستشفى الصليب على طريق أبونا يعقوب… ورسالتها مستمرّة. كلّ باب يُغلَق بوجه مستشفى الصليب، يفتحه الله لهم أقوى، وأوسع، وأغنى بالحب.
الله يرسل لهم فيضانه… فيضان حبّ، لا يُوقفه فقر، ولا يُطفئه يأس.

كانت كلماتها أمام البابا لاوُن أشبه بإنجيل صغير عن الرحمة، يكتبه فقير ليذكّر الأغنياء بمعنى العطاء، ويكتبه ضعيف ليذكّر الأقوياء بأن القوّة وحدها لا تكفي.

وفي تلك اللحظة، لم تكن الراهبة ماري مخلوف وحدها التي تبكي… كان لبنان كلّه يبكي معها، لأنه رأى في دمعتها آخر ما تبقّى من نور في هذا البلد.

‫شاهد أيضًا‬

نشاط البطريرك الرّاعي لليوم الجمعة في بكركي

تيلي لوميار/ نورسات إستقبل البطريرك المارونيّ الكاردينال مار بشارة بطرس الرّاعي في الصّرح …