أبريل 6, 2021

تابت في رسالة الفصح: إنّ التّمسّك بإيمان بيسوع القائم من الموت هو اللّقاح الوحيد الّذي ينقذنا!

وجّه راعي أبرشيّة كندا للموارنة المطران بول- مروان تابت الرّسالة السّادسة عشرة إلى أبناء الكنيسة المارونيّة في كندا، لمناسبة عيد الفصح، وقد جاء فيها بحسب “الوكالة الوطنيّة للإعلام”:

“إنقضى السّبت (مر 16/1) وأصبح بإمكان حاملات الطّيب أن يذهبن عند طلوع الفجر إلى القبر (لوقا 24/1). إنبلج فجر الخليقة المحرَّرة من الموت، فجر اليوم الّذي لا مساء له. المسيح قام، حقًّا قام! إنّه حيّ! ومن هنا بدأ كلّ شيء. إنّه اليوم الأوّل، يوم الأحد! في ذلك الصّباح، جاءت النّسوة إلى القبر لتتأكّدن من أنّ مسيرة يسوع قد انتهت؛ فعدن نحو الرّسل ليعلن الخبر الجديد والفرح لم يصدّق التّلاميذ وذهب بطرس إلى القبر وعاد متعجّبًا وتواصلت الدّهشة والحيرة! لقد عاش رسل يسوع اختبار الإيمان عندما شهدوا الموت الظّالم لمعلّمهم الّذي مات في النّهاية وحيدًا، لكن المسيح لم يعاتبهم على افتقارهم للإيمان البشريّ، بل نجح في استعادتهم من خلال انتصاره على الموت.

يصعب علينا أحيانًا أن نؤمن بأنّ الحياة أقوى من الموت، وأنّ الحبّ أقوى من الشّرّ. بينما يتمتم الرّوح فينا: لماذا تبحثون عن الحيّ بين الأموات؟ (لو 24/5). لقد أجبرتنا جائحة كورونا منذ سنة على الامتناع عن اللّقاء، حتّى مع أفراد العائلة أو الأقرباء، لأنّ معظمنا محجور في منازلنا والبعض الآخر مصاب بالفيروس. لن نجتمع كالعادة في كنائسنا للاحتفال بقيامة المسيح إذ نعيش أوقاتًا استثنائيّة. هذا الوباء يختبر تصوّراتنا الفرديّة والجماعيّة وعزمنا وقدراتنا. إنّه بالنّسبة للبعض منّا اختبار للإيمان.

لكن السّؤال الّذي يطرح نفسه في هذه المرحلة: أيّ إيمان نريد؟ أيّ إيمان نعيش؟ لا نعرض الموضوع من الجانب الفلسفيّ والوجودي ولا نجادل مسألة وجود الله وجوهره. إنّ جوهر الموضوع يكمن في التّفكير: أيّ إيمان نريد أن نشهد له أمام أولادنا الّذين سيتوقّف عليهم الحفاظ على هذه الوديعة في كلّ المواقف الّتي سيمرّون بها في حياتهم؟ فإذا كنّا نتغنّى بإيمان الأجداد وقوّتهم وبساطتهم، فيلزم أن يتحلّى إيماننا اليوم بالعمق الرّوحيّ والالتزام والشّهادة الحيّة ذاتها. فلا تبقى شهادتنا نظريّة، بل اختبار حياة وعيش في قلب الظّروف والأحداث اليوميّة، إيمان مطلق عميق يدفعنا إلى اكتشاف حضور الله في أصعب الظّروف ويتجلّى في النّتائج الّتي يخرج بها كلّ مؤمن من المحنة الّتي عاشها وحفّزت لديه الحماس للبدء من جديد. من هنا تبدأ القيامة وتتعمّق في المحبّة المنتصرة الّتي تتفجّر من روح المسيح الحيّ، تضفي نفحة إلهيّة وإنسانيّة على الإنسان وتبدّل وجه الأرض. تبدأ بالمحبّة الّتي نعيشها في يومنا. فعندما نحبّ نصبح شهود القيامة، ننتقل كلّ يوم من الموت إلى الحياة (1يوحنّا 3/14) ويدفعنا الرّوح إلى أن نحيا حياة جديدة فنجعل من هم حولنا يحيّون أيضًا. وتتجلّى بعض مظاهر القيامة: حين نرى كيف تولد الحياة حولنا من جديد، من خلال الفصول وتجدّد المكان والزّمان. حين نرى أناسًا ينهضون فيرفضون حتميّة الظّلم والعنف والشّرّ بكلّ أشكاله. حين نرى الجماعات المسيحيّة تشهد للغفران والمحبّة في وجه الاضطهاد.

حين نرى أناسًا تسكنهم قوّة داخليّة فتدفعهم إلى جعل الحياة تنتصر فيهم رغم المرض أو الفشل. حين نرى أناسًا يتقبّلون نور الرّبّ في فراغ قلوبهم ليجعلوه في بيوتهم وأماكن عملهم وحيث مرّوا. حين نرى أناسًا يزرعون السّلام والفرح في قلب الألم واليأس. كلّ هذا ممكن لأنّ المسيح حيّ، والكنيسة الّتي تنبع من قلب المسيح القائم من الموت ما تزال تشهد على ذلك في رسالتها.

يبقى يسوع القائم من الموت هو رجاؤنا الأكيد في دائرة القلق الّتي نمرّ بها. إنّ التّمسّك به بإيمان هو اللّقاح الوحيد الّذي يمكن أن ينقذنا من فيروس الخوف والألم والموت؛ وأن يحفظنا من فيروس الشّرّ الّذي أصاب إنسانيّتنا وتاريخنا، من فيروس حياة بلا معنى ودون هدف. اليوم، في الوقت الّذي لا يزال الوباء ينتقل من موجة إلى أخرى، يزرع الموت في أنحاء واسعة من العالم، تستمرّ دعوة يسوع لكلّ واحد منّا بأن يكون شاهدًا على مثال النّسوة عند القبر (متّى 28/10)… لا تخف، إذهب إلى إخوتي وأخبرهم أنّك قد قابلتني! أخبرهم أنّ قبري فارغ! أخبرهم أنّ الخوف والحزن واليأس والموت قد تمّ الانتصار عليها إلى الأبد! أخبرهم أنّني حيّ! أخبرهم أنّ الحياة لا تزال لها معنى، وأنّ البشريّة الجديدة قد ولدت هنا.

عسى أن يحافظ المسيح القائم عليكم في الرّجاء، ويعطيكم من نعم قيامته طمأنينة وسلامًا وفرحًا. المسيح قام حقًّا قام”.

‫شاهد أيضًا‬

في خميس الأسرار…

تيلي لوميار – نورسات – مارلين صليبي هو خميس الأسرار المبارك الذي نتأمّل فيه كم…