رسالة البابا فرنسيس إلى المشاركين في المؤتمر الدولي الثاني حول الأخويات والتقوى الشعبية
“إنَّ “حمل” المسيح في التطواف، وحمل الصليب الذي يقترحه الرب علينا كل يوم أو حمل الأخ الذي نلتقيه مطروحًا على الطريق على أكتافنا، كما يفعل الراعي الصالح، هي المحبة عينها، إنها المحبة الخفية عينها التي نجدها في بيت القربان” هذا ما كتبه قداسة البابا فرنسيس في رسالته إلى المشاركين في المؤتمر الدولي الثاني “Hermandades y Piedad Popular”
بمناسبة المؤتمر الدولي الثاني “Hermandades y Piedad Popular” الذي يعقد في إشبيلية، إسبانيا وجّه البابا فرنسيس رسالة للمشاركين كتب فيها من خلال هذه السطور أود أن أنضمّ إلى أيام الدراسة هذه حول الأخويات والتقوى الشعبية التي تقيمونها في مدينة إشبيلية هذه، مهد القديسين وشعب يعيش بحماسة تعابير إيمانه لدرجة تجعله متماسكًا في نسيجه الاجتماعي.
تابع البابا فرنسيس يقول أودُّ أن أسلِّط الضوء على ثلاث تحديات في برنامجكم، وأقترحها كتريزاغيون، وتضرّع نرفعه إلى الله، طالبين من الآب الفعالية التبشيرية لجهودنا، ومن الابن جمال شهادتنا للحياة ومن الروح القدس قلبًا مليئًا بالمحبة الخفيّة التي تسمح لنا بأن نصل إلى الأشخاص حتى بطريقة صامتة. إن حياتنا هي حج ومحطة توبة متواصلة يمكننا أن نقترحها بتعبير القديس مانويل غونزاليس الرائع “رحلة ذهاب وإياب تبدأ، في الذهاب، بالمسيح وتنتهي عند الشعب، وتبدأ عند الشعب، في الإياب، وتنتهي بالمسيح”. إن الفعالية التبشيرية لاقتراحكم تكمن في هذه الولادة في المسيح، في الإيمان الذي نلتموه في العائلة، في خبرة عيش هذا الإيمان ومشاركته في الأخوية، وفي هذا الخروج متحدين مع كهنتكم، من الرعية، من كنيسة رعيتكم، نحو الكاتدرائية المقدسة، مع سائر الأخويات، مظهرين أنّكم شعب يسير نحو الله.
أضاف الأب الأقدس يقول جميعنا مختلفون وجميعنا متحدون، وهذا جمال سامٍ. ما أجمل أن نرى الأطفال بأزياء الأطفال، يقومون بعمل الأطفال: يحملون الماء وسلال البخور، يشعرون بأهميتهم فيما يقومون به، وفي الوقت عينه يتوقون إلى أن يتمكنوا من أن يكبروا ويرتدوا أزياء الكبار، وأن يتمكنوا من أن يحملوا الصليب، وأن يتمكنوا من أن يضعوا أنفسهم تحت حماية أمهم الكليّة القداسة. إنَّ جمال هذا التنوّع هو أيضاً مدرسة، وهو مسيرة: والقدّيس مانويل قد بدأ بالرقص كأحد الأطفال الستة الذين ينشدون في جوقة كاتدرائية إشبيلية أمام القربان المقدّس، وكرّس حياته كلها كأسقف وقدّيس لخدمته.
تابع الحبر الأعظم يقول من ناحية أخرى، يتجلى جماله في ذلك الاتحاد الكامل الذي يولد من مزيج من العديد من الخصائص والخدمات والأعمال التي تمتزج معًا بالمثابرة والصبر. إنَّ جمال المسيح بشكل خاص هو الذي يستدعينا ويدعونا لكي نكون إخوة وأخوات ويحثنا لكي نخرج بالمسيح إلى الشوارع ونحمله إلى الشعب لكي يتأمل الجميع في جماله. إنه لفرح كبير أن نرى الموكب يمشي يصحبه إيقاع الصلاة الصامتة ويغمر قلب كلَّ من يراها. سواء كان المرء حاملاً أو مجرد مرافق، سواء كان يرتدي ثوب التوبة، أو يحمل مسبحة، تبقى الحماسة عينها والمحبة عينها، نغمات مقطوعة واحدة لا يكتمل لحن التسبيح إلا باتحادها.
أضاف الأب الأقدس يقول كم من الدموع تُذرف في تلك اللحظات، “يبكون مع المسيح الذي يبكي، يرافقون المسيح المتروك، ويضعون قلوبهم قريبة جداً من قلب المسيح”، فيبدون، كما يقول القديس مانويل، “مجانين”، مجانين حب. وهكذا بالتأكيد يصفهم الكثيرون ممن يرونهم، معتقدين أنه لا فائدة من مثل هذا الجهد. لكنهم مجانين بمحبة الله، لدرجة أنهم يلمسون قلب شعبه لكي يقودوه إلى الله.
تابع الحبر الأعظم يقول رحلة عودة، من الناس الذين التقيناهم في الشارع، والذين أظهرنا لهم جمال يسوع، وجمال كنيسته، وجمال تلك المحبة “المجنونة”، لكي نعود إلى الله. ويؤكّد لنا القديس مانويل قائلاً: “آه، أيها السادة، إن الشعب […] جائع إلى الحقيقة، إلى المودة، إلى الخير، إلى العدالة، إلى السماء، وربما، بدون أن يدرك ذلك، إلى الله” و”دموع قلبه”، دموع روحه التي تدمي القلب، لا يمكنها أن تتركنا غير مبالين. وتستمر محطة توبتنا الخيالية في طريقها نحو الكاتدرائية المقدسة، نحو بيت القربان حيث ينتظرنا الرب، ونقدم أمامه تلك القلوب لكي ينمي الله الآب البذرة التي حاولنا أن نزرعها. هذا الخبز الحيّ هو الوحيد القادر على إشباع جوع مجتمعنا، خبز وُلد ليُعطي نفسه، ليُؤكل، ويدعونا من المذبح يدعونا لكي نتحاور معه، ليكون عزاءنا وراحتنا.
أضاف الأب الأقدس يقول ونحن كشعب يسير، في ترتيب شبه عسكري، سواء أكان يحمل صليبه، أم تحت حماية أمه المباركة، نشعر بأننا حقل الله، وبذار الملكوت، وفي حضرته نعود إلى بيوتنا، لكي نواصل إظهار هذا الفرح، وهذا الجمال، وهذا الحب الفائض، الذي ننقله إلى أبنائنا وعائلاتنا وأصدقائنا وجيراننا. وفي هذه اللحظة الحميمة نطلب من يسوع أن يعطيهم القوة لكي ينضمّوا إلينا في هذا الحج، في التطواف وفي الحياة، فنستمر معًا في حمل المسيح، ونخرجه إلى الشوارع لكي يدخل إلى جميع القلوب.
وختم البابا فرنسيس رسالته بالقول أيها الإخوة والأخوات الأعزاء، يجب أن أعترف لكم بشيء ما: إن النص الذي اقترحته لتأملكم للقديس مانويل غونزاليس لا يتحدث عن العبادة والاحتفالات الليتورجية أو الصلاة التأملية. في الواقع، هو يتحدث عن العمل الاجتماعي للكنيسة، عن الالتزام العلماني لتحويل العالم، عن ضرورة تقريب حنان الله من الأشخاص الذين يتألمون في الجسد والروح. لكن كلماته تعكس المحبة عينها، لأن “حمل” المسيح في التطواف، وحمل الصليب الذي يقترحه الرب علينا كل يوم أو حمل الأخ الذي نلتقيه مطروحًا على الطريق على أكتافنا، كما يفعل الراعي الصالح، هي المحبة عينها، إنها المحبة الخفية عينها التي نجدها في بيت القربان في الكاتدرائية المقدسة، وفي كنيسة رعيّتنا. هذه هي المحبة التي نأخذها من المسيح ونحملها إلى الشعب، والتي نعود بها إلى المسيح مع هذا الشعب، في رحلة ذهاب وإياب متواصلة تشكل حياتنا الأرضيّة. لتكن هذه رغبتنا وصلاتنا أمام الله القدوس. ليبارككم يسوع ولتحفظكم مريم العذراء القديسة ومن فضلكم لا تنسوا أن تصلوا من أجلي.
الأربعاء من أسبوع مولد يوحنّا
رسالة القدّيس بولس إلى أهل رومة 9 : 14 – 18 يا إِخوَتِي، مَاذَا نَقُول؟ أَيَكُونُ عِ…