ديسمبر 30, 2019

ساكو: ألم يحن الأوان لتشكيل تجمّع سياسيّ واحد لمسيحيّي العراق؟

ساكو: ألم يحن الأوان لتشكيل تجمّع سياسيّ واحد لمسيحيّي العراق؟

“ألم يحن الأوان لتشكيل تجمّع سياسيّ واحد لمسيحيّي العراق؟”

تساءل طرحه بطريرك بابل للكلدان مار لويس روفائيل ساكو “بعد تأمّل معمّق في الواقع العراقيّ، ليعرض كمجرّد فكرة، مستمدّةٍ من مبدأ أنّ حياة الفرد والجماعة تصنعها أفكار، يعرضها اشخاص بهاجس الضّمير والحرص، فتجتمع فوائدها لدى الكثير من المعنيّين، ومن ذلك الحديث عن الحضور المسيحيّ”، فوجّه “من هذا المنطلق، إلى المسيحيّين العراقيّين في الدّاخل والخارج، بعض الأفكار، على ضوء الأحداث المقلقة الّتي يعيشها العراق، وبمناسبة السّنة الجديدة 2020، راجيًا أن تجد آذانًا صاغيةَ وإرادةً طيّبة لتحقيق شيء ملموس للمّ شملهم”، وكتب بحسب موقع البطريركيّة الكلدانيّة:

“يمتاز المواطنون المسيحيّون باندماجهم الكامل، والمتواصل على مختلف الأزمان، في المجتمع العراقيّ. ولا غرابة فإنّ جذورهم ضاربة في هذه الأرض المباركة، منذ ما قبل المسيحيّة وبعدها.

ويُعدّون من أقدم المجتمعات المسيحيّة في العالم. مسيحيّتهم تعود إلى نهاية القرن الأوّل وبداية القرن الثّاني الميلاديّ. من المؤسف أنّه مرّت على العراق منذ 2003 تحوّلات عديدة، وفّرت فرصًا قلّما استثمرها المسيحيّون، وها هم اليوم أمام تحدٍّ كبير هو: كيف السّبيل لإبقاء المسيحيّين في العراق مع تحقيق الكرامة لهم،وتعزيز حضورهم ودورهم، وخصوصًا أنّ العراق مقبل على انتخابات مبكرة؟

أسأل مسيحيّينا وبخاصّة النّخبةَ منهم: أما حان الأوان أن يفكّروا مليًّا بمراجعة أنفسهم، وتحمّل المسؤوليّة للمّ شملهم، وهم يواجهون تحدّيات مصيريّة متمثّلةً بجملة عوامل من: تناقص العدد بسبب الهجرة والتّهميش في التّوظيف، وضعف التّمثيل السّياسيّ بسبب خطف الكوتا، وتشتّت الأحزاب الكلدانيّة والسّريانيّة والآشوريّة، وتغيير ديمغرافيّة مناطقهم التّاريخيّة، والتّشريعات المجحفة بحقّهم، وغيرها وصولاً إلى أهمّيّة تعديل الدّستور وإصلاح قوانين الأحوال الشّخصيّة.

إنّها مسائل أساسيّة لبقائهم وتواصلهم التّاريخيّ.

ويبقى التّساؤل الّذي يحزّ في النّفس: لماذا يا ترى تبقى الأحزاب المسيحيّة تحت رحمة الأحزاب الكبرى الّتي تستحوذ على أصوات المسيحيّين، وتجعلهم من دون تمثيل حقيقيّ، وقيادة سياسيّة موحّدة تدافع عنهم؟

ويرى أكثر من مراقب أنّ ثمّة فرصة ممتازة أن يفكّر المسيحيّون بتشكيل تحالف سياسيّ واحدٍ يضمّ كلّ الأحزاب والنّخب الفكريّة والاختصاصات والاقتدارات وبخاصّة الشّباب، ولنا متخصّصون وأكاديميّون بارزون في القانون والسّياسة وعلم الاجتماع والاقتصاد والإعلام، بدل تشتّت الأحزاب المسيحيّة والقوميّة وانشقاقها عموديًّا وأفقيًّا، وللنّقص في “الوجاهة” يدّعي كلّ طرف المرجعيّة.

ولعلّه أصبح لزامًا الآن قبل فوات الأوان، التّفكير والتّخطيط لاستراتيجيّة مسيحيّة موحّدة، تخرج منها وثيقة يلتزم بها الكلّ تحت اسم مثل “تجمّع الأحزاب المسيحيّة”، أو التّحالف المسيحيّ أوتحتأيّ مسمّى يتّفقون عليه، تنخرط فيه الأحزاب الموجودة والنّخب والكفاءات.

فالأحزاب الأكثر تباينًا، تتحالف أمام التّحدّيات، تحت مسمّيات مشتركة… ومثل هذا التّحالف يعطي دفعًا قويًّا للمسيحيّين في دوائر صنع القرار. ويدخلون في انتخابات مجلس نوّاب المركز وإقليم كردستان بقائمة واحدة مدروسة جيّدًا، من الكفاءات الّتي لها نفَس وطنيّ ومسيحيّ واضح وصريح، ومعروفة بالنّزاهة والشّجاعة، ممّن هم بمستوى المسؤوليّة الوطنيّة والمسيحيّة، ويعدّون ورقة بمطالبهم وحقوقهم.

لماذا التّسميّة المسيحيّة؟لأنّ بصراحة، ولأسباب متباينة لا مجال للخوض فيها، فشلت كلّ المحاولات لتوحيد المسيحيّين في تسمية قوميّة واحدة مقبولة من الجميع. والتّسمية المركّبة غير موفّقة ولا توحّدنا. 

أما يجدر بالأحرى أن نترك اختلافاتنا، وليتبع كلّ واحد قوميّته وتقاليده وكنيسته:

الكلدانيّ والسّريانيّ والآشوريّ والأرمنيّ، وهذا ليس مشكلة، لكن ليكون له وعي وجدّيّة في انتمائه وانفتاحه على التّوحيد والعمل الجماعيّ، وتحمّل مسؤوليّته تجاه العراق والمسيحيّين.

الأولويّات في المركز وإقليم كردستان:

1 الدّولة الوطنيّة المدنيّة والدّيمقراطيّة، هي المعيار الأساسيّ لحماية المواطنين وضمان الحقوق المتساوية للجميع عبر الدّستور والقوانين، لذا من الضّروريّ تشكيل لجنة من المتخصّصين في القانون والسّياسة يعرفون الجوانب القانونيّة، للعمل مع الآخرين على أداة صياغة الدّستور والقوانين، في المركز وإقليم كردستان، وتثبيت حقوق المسيحيّين في الدّستور، كتعديل قوانين الأحوال الشّخصيّة المتعلّقة بالمسيحيّين من خطبة وزواج ونفقة وبطلان زواج ومهر وحضانة وإرث وسواها (قانون الأحوال الشّخصيّة رقم 188 لسنة 1959)، وتثبيت عيد الميلاد وعيد الفصح كعيدين لكلّ العراقيّين، أسوة بعشرات أعياد المواطنين المسلمين، وخصوصًا أنّ بعض البلدان أقرّتهما عطلة رسميّة وآخرها كان السّودان!

وهنا أشير إلى سهولة العمل مع المجتمعات الكرديّة الّتي بمجملها منفتحة، فالتّميّز هناك هو أنّ الجانب القوميّ يطغى على جانبها الدّينيّ.

2- بناء المناهج التّعليميّة لترسيخ الوحدة الوطنيّة وإدراج تراثنا فيها بشكل صحيح بكونه جزءٌ من التّراث الوطنيّ العراقيّ. وعلى سبيل المثال لا الحصر إنّ الدّستور العراقي لعام 2005 أهمل دورنا في صنع حضارة بين النّهرين وما قام به أجدادنا في نقل المعرفة والعلوم إلى اللّغة العربيّة.

3- تغيير ديموغرافيّة مناطقنا، والاستيلاء على أراضي، وهنا ينبغي التّركيز على بلدات سهل نينوى، فمستقبل مسيحيّي العراق يمرّ بسهل نينوى.

4- الحدّ من الهجرة بإيجاد أموال بكلّ السّبل لبناء المرافق الأساسيّة في مناطقنا وتطويرها وإيجاد فرص عمل للعاطلين، وتشجيع مغتربين على الاستثمار أو الإسهام في المشاريع.

5- الحاجة إلى وسائل إعلام مستقلّة، ومؤسّسات في الدّاخل والخارج.

6- تشكيل فريق متابعة شؤون المسيحيّين في دوائر الدّولة، لأنّ هنالك خللاً كبيرًا في المتابعة، ولولا كنائسنا لضاع شعبنا وحقوقنا!! ولا بدّ أن نبدي ارتياحنا، إلى توجّهات تمضي في هذا الشّأن من لدن الرّئاسات الثّلاث في المركز والإقليم.

7- تقوية العلاقات مع مواطنينا العرب والأكراد والتّركمان والإيزيديّين والصّابئة المندائيّين، وتطويرها وتوضيحها، والسّعي للاتّفاق معهم على مفاهيم دستوريّة مشتركة للدّولة والمواطنة، ولمكانة الأقلّيّات الأصيلة في الدّولة والمجتمع، وحفظ حقوقهم سواسيّة من خلال تأسيس دولة مدنيّة عادلة، دولة حقّ وقانون.

وأخيرًا، من طرفنا ككنيسة، نحن مستعدّون أن ندعم تحقيق كذا لقاء شامل إذا كانت ثمّة إرادة صادقة وجهات أو أشخاص جدّيّين ورزينين راغبين في انعقاده.

سنة مباركة، سنة سلام وأمان واستقرار”.

‫شاهد أيضًا‬

بطريرك الأقباط الكاثوليك يهنئ الأمين العام المساعد الجديد لدائرة الكنائس الشرقية بالفاتيكان

بطريرك الأقباط الكاثوليك يهنئ الأمين العام المساعد الجديد لدائرة الكنائس الشرقية بالفاتيكا…