يناير 21, 2023

ساكو: للتّثقيف الذّاتيّ المستدام للإكليروس

ساكو للتّثقيف الذّاتيّ المستدام للإكليروس

تيلي لوميار/ نورسات

شدّد بطريرك الكلدان الكاردينال لويس روفائيل ساكو على أهمّيّة مواصلة الإكليروس تثقيف ذاتهم كضرورة لرسالتهم الإنسانيّة والرّوحيّة.

كلام ساكو جاء في مقال جديد نشره موقع البطريركيّة الرّسميّ، كتب فيه: “إنّ رسالة  الكاهن وكم بالأحرى الأسقف، لأهمّيّتها الإنسانيّة والرّوحيّة، تلزمه على الاستمرار في تثقيف الذّات، لأنّ الثّقافة  ضروريّة لرسالته الإنسانيّة والرّوحيّة. لا يمكن أن يكتفي الكاهن بما تلقّاه أيّام الدّراسة كأنّه صالح لكلّ زمان ومكان. التّثقيف الشّخصيّ المتواصل علامة النّضج والمسؤوليّة. الثّقافة ركيزة  لمدّ الجسور بين الماضي والحاضر، والعالم العامّ مع عالمنا الخاصّ… عليه أن يستمرّ في تثقيف ذاته فلسفيًّا ولاهوتيًّا ومسكونيًّا وليتورجيًّا وكتابيًّا واجتماعيًّا وعلى أساليب التّربية وعلم النّفس والإدراة، ويطلع على الاقتصاد والسّياسة حتّى لا يكون خارج زمانه. كنت قد اقترحت قبل ثلاث سنوات في الجمعيّة العامّة لمجمع الأساقفة بروما ألّا يرسم المرشحّون قبل التّأكّد من صحّتهم النّفسيّة.

عالمنا تغيّر. وفي زمن التّواصل الاجتماعيّ الّذي لا حدود له، يحتاج الكاهن إلى الفكر النّقديّ ليفهم ما جرى في الماضي، ويبحث عن تعبير مناسب لإيصال المعنى الحقيقيّ إلى المتلقّي الحاضر. بمعنى آخر عليه أن يبحث عن الكلام المناسب اليوم ليفضي إلى الجواب المناسب عند المتلقّي. إبن الضّيعة  يختلف عن ابن المدينة، والإنسان البسيط عن الأستاذ الجامعيّ، والمسيحي العراقيّ عن المسيحيّ العائش في بلدان الانتشار. عليه أن يتعلّم لغة البلد ويندمج في ثقافته وفي المجتمع الخ.

ربط الحاضر بالماضي،  يجب أن يفهم الكاهن بشكل معمّق ما جرى في الماضي ولماذا، ويبحث عن تعبير  مقبول ومفهوم لإيصال المعنى إلى المتلقّي الحاضر، ويمنحه فرصة العودة إلى النّصّ الأصيل أو الجذور الصّحيحة.

لكلّ زمن فكره ولغته وتعبيره (ثقافته). قراءة الماضي بعقليّة نقديّة منفتحة هي لتعلّم العبر لمستقبل أفضل.  يفقد الكاهن هويّته إن تعصّب أو تحزّب لفكر ما و لطقس ما وعادة ما وكأنّها ثابتة أبدًا. أرى بين حين وآخر  بعض أفراد إكليروسنا يرتدون الشّاش (العمامة)، أسأل هل يعرفون لماذا استعمل ومتّى استعمل وكيف كانت في البداية، أم مجرّد  حنين إلى الماضي. أذكّرهم بالمثل الفرنسيّ: الثّوب لا يصنع الرّاهبl’habit ne fait pas le moine. قبل أيّام نشر على موقع البطريركيّة مقال علميّ مترجم لمتخصّص فرنسيّ عن سفر يونان وحقيقته ورسالته. الهدف من نشره هو تثقيف الإكليروس والمؤمنين عن حقيقة صوم باعوثا نينوى، لا أعلم كم كاهنًا قرأه !

الثّقافة طاقة فكريّة حياتيّة يتطلّبها المجتمع. تفتح أمامنا آفاقًا جديدة، وتُنقذنا من الجهل الّذي هو أحد أسباب التّعصّب والجمود والرّتابة… الثّقافة الرّصينة رسالة أمل ونور أمام بقعة الظّلام الّتي تزداد في عالمنا.  

لا إصلاح حقيقيّ من دون تنشئة رجال الإكليروس، تنشئة كهنوتيّة شاملة، بثقافة دينيّة راسخة، وعامّة سليمة، تمكّنهم من القيام برسالتهم الرّاعويّة على أحسن وجه، لاسيّما في هذه الأوقات الصّعبة والحرجة.

كان يفرض سابقًا في بعض المدارس والجامعات على المدرّس حتّى يترقّى أن يقدّم دلائل على أنّه حضر ندوات واستمع إلى محاضرات وطالع كتبًا أو مقالات دراسيّة وقدم علميّة..  لربّما نحتاج في الكنيسة إلى نظام مشابه!! من هذا المنطلق تنظّم البطريركيّة سنويًّا رياضة روحيّة لكهنة العراق وموضوعًا ثقافيًّا لمواصلة تنشئتهم الفكريّة. إنّي شخصيًّا أقرأ يوميًّا بين ساعة أو اثنتين، ويوم لم أتمكّن من القراءة أشعر أنّي ضيّعت جزءًا منّي!”.

‫شاهد أيضًا‬

بطاركة ورؤساء كنائس القدس يجدّدون النداء من أجل السلام في الأرض المقدّسة

بطاركة ورؤساء كنائس القدس يجدّدون النداء من أجل السلام في الأرض المقدّسة | Abouna جدّد الب…