ساكو: نحن مدعوّون لتحمّل مسؤوليّاتنا الدّينيّة والإنسانيّة والوطنيّة
“وحدة في الجوهر، وتنوّع في الشّكل”، هو الموضوع الّذي أضاء عليه بطريرك الكلدان مار لويس روفائيل ساكو في مقال جديد، محدّدًا مفهوم وحدة الكنائس وكيفيّة تحقيقها.
وفي التّفاصيل، كتب ساكو نقلاً عن إعلام البطريركيّة:
“تأسّست الكنائس في بيئة ذات ثقافات متنوّعة، ولغات لها عبقريّتها، وتقاليد وجغرافيّة مختلفة، لكنّها متّحدة بإيمان واحد في الجوهر.
الوحدة ليست تكتّلاً بشريًّا شكليًّا، ولا نظامًا على شكل برلمان، ولا تذويب الهويّات الخاصّة وصبّها في نمط واحد uniformity. الوحدة تعني الحفاظ على الإيمان الواحد المشترك، واحترام رئاسة كلّ كنيسة، وتقليدها وليتورجيَّتها وقوميَّتها ولغتها وعبقريَّتها. الوحدة تعني أن تتواصل الكنائس مع بعضها وتتكاتف بتناغم وتسير معًا في التّعاون…
الوحدة تنسجم مع طبيعة الكنيسة: “إحفظهم باسمك الّذين أعطيتني، ليكونوا واحدًا كما نحن واحد” (يوحنّا 17/ 11)، وتمنحها الشّعور بالانشراح والانتعاش والقوّة لحمل الرّسالة.
هذه الوحدة الجوهريّة موجودة في الحقيقة الموضوعيّة Objective Truth، وقد عبَّرت عنها البيانات الكريستولوجيّة بين الكنيسة الكاثوليكيّة ومعظم الكنائس الشّرقيّة الرّسوليّة. هذه الوحدة الإيمانيّة حقيقيّة وليست وهمّيّة fictional، والكلّ يقرّ بها. وحدة لاهوتيّة جوهريّة (في الدّاخل) تقوم على وحدة الثّالوث الأقدس وتحت كنفه: إله واحد في الجوهر وثلاثة أقانيم (الثّالوث) في التّجلّي والتّعبير. الوحدة ثمرة إيمان وصلاة. أمّا التّنوّع– الاختلاف فهو إداريّ (السّلطة– الرّئاسات) وثقافيّ وقوميّ، فهي “واحدة ومتنوّعة”.
ما يوحِّدنا أكبر بكثير ممّا يفرّقنا
في الكنائس الشّرقيّة والغربيّة الرّسوليّة، نجد التّواتر الرّسوليّ (الخلافة الرّسوليّة) بالنّسبة للرّسامات الكهنوتيّة. البطريرك في كنيسته هو الأب والرّأس pater et caput، ولديها نفس الأسرار المقدّسة، وليتورجيا خاصّة وتقاليد وقوانين لا تتقاطع مع بعضها في الجوهر.
مسكونيّة الوحدة تكمن في التّنوّع والتّعدّديّة. تبدأ داخل الرّعيّة الواحدة والأبرشيّة الواحدة والبطريركيّة الواحدة ثمّ بين الكنائس. وكما قال البابا فرنسيس في خطابه للإكليروس في كازاخستان يوم 15 أيلول 2022″تكمن قوّة شعبنا الكهنوتيّ والمقدّس بالتّحديد في أن نجعل من التّنوّع غنىً بالمشاركة، نتشارك في ما نحن وفي ما لنا: صِغَرُنا يتضاعف بالمشاركة”.
رأي شخصيّ
لقد درستُ عن كثب تراثنا المشرقيّ الأصيل وكتابات الآباء، لا أرى أبدًا ما يمنع اندماج الكنيسة الكلدانيّة وكنيسة المشرق الآشوريّة تحت اسم كنيسة المشرق، كذلك كنيسة السّريان الكاثوليك وكنيسة السّريان الأرثوذكس تحت اسم الكنيسة السّريانيّة الأنطاكيّة وهكذا الحال مع الكنائس الأخرى حيث الأرض واللّيتورجيا مشتركة واللّغة والتّراث والتّاريخ… لا ضير إن أبقى كلدانيًّا أو آشوريًّا أو سريانيًّا أو عربيًّا بالنّسبة للقوميّة. هذه الكنائس كانت تحتضن عددًا من الشّعوب والقوميّات واللّغات. وتتمّ دراسة هذا المشروع الوحدويّ من كلّ الجوانب عبر حوار شجاع، حتّى يكون لنا مستقبل وحضور مؤثّر في مجتمعاتنا، خصوصًا أنّنا تناثرنا اليوم في العالم وغَدَونا أقلّيّة في هذا الشّرق بسبب الظّلم والهجرة، بينما كنّا الغالبيّة العظمى في القرون السّبعة الأولى للميلاد! أبهجني الاسم الّذي رُفِع في أربيل (12 أيلول 2022) في احتفاليّة افتتاح بطريركيّة كنيسة المشرق الآشوريّة Holy Apostolic Catholic Assyrian Church of the East.
الوحدة في الاعتناء بالنّاس وهمومهم
نحن مدعوّون لتحمّل مسؤوليّاتنا الدّينيّة والإنسانيّة والوطنيّة، لذا لا يكفي أن تتكلّم الكنائس عن مواضيع لاهوتيّة فحسب، بل عن الخير العامّ Res publica. هذه الوحدة في الايمان والمحبّة ينبغي أن تبرز في علاقاتنا العامّة والاعتناء بالطّبيعة والنّاس ومشاكلهم ومخاوفهم وتطلّعاتِهم، والوقوف إلى جانبهم في الدّفاع عن العدالة والتّكافوء الاجتماعيّ والمساواة والسّلام والعيش بحرّيّة وكرامة.
لا يمكن ان نخاف من مواجهة التّحدّيات… البعض ينتقدني على التّدخّل في السياسة. إنّي لا أتدخّل في السّياسة، إنّما أدافع عن المظلومين والمواطنة وبناء نظام مدنيّ. إنّي لست متحزّبًا لجهة حزبيّة معيّنة، ولا أستلم مالاً من أحد.
يتعيّن علينا أن نتدرّب على فهم الجانب الإنسانيّ والاجتماعيّ والسّياسيّ وتطوير مهاراتنا للعب دورنا ككنائس كما فعل المسيح “أتيتُ لتكون لهم الحياة وبوَفرة” (يوحنّا 10/ 10). علينا أن نخاطب قلب المسيحيّ وغير المسيحيّ كما حدَّثهم المسيح… هذه الشّهادة فيما بيننا تُعطي المصداقيّة لخطابنا وسلوكنا.
تحدّيات العمل المسكونيّ:
1. الكنائس بحاجة إلى رؤية جديدة، وخطّة جديدة للتّعامل مع المسيحيّين وغير المسيحيّين، لأنّ العالم تغيّر. إنّ تنشئة الإكليروس والمؤمنين على الانفتاح وتأوين التّعليم اللّاهوتيّ والرّوحيّ والوحدة وخدمة الشّركة والرّسالة سوف تخلق رابطة قويّة جدًّا بين الكنائس.
2. الإيمان المسيحيّ يريدنا أن ننفتح على الحاضر ونميّز علامات حضور الله وننطلق للمضيّ إلى الأمام في وحدتنا ومحبّتنا وخدمتنا وشهادتنا وتعزيز الحضور المسيحيّ في هذا الشّرق المضطرب ومواجهة التّحدّيات برجاء. لذلك ثمّة حاجّة للتّخلّص من عقدة التّعصّب الكنسيّ والقوميّ والتّمحور حول الذّات… من لا يقبل الانفتاح والتّغيير يحنّط” نفسه!.
“دقّوا أجراس!” ريسيتال ميلادي في بلدة بقرزلا العكارية
ريسيتال ميلادي مميز في بقرزلا العكارية: احتفالاً بميلاد الطفل يسوع شهدت بلدة بقرزلا العكار…