أبريل 21, 2022

سويف: لبناننا اليوم يتوق إلى القيامة فكفى عبثًا بشعبه

سويف لبناننا اليوم يتوق إلى القيامة فكفى عبثًا بشعبه

من أجل قيامة لبنان وتجديده صلّى رئيس أساقفة أبرشيّة طرابلس المارونيّة المطران يوسف سويف خلال قدّاس عيد القيامة في كنيسة مار ميخائيل- طرابلس، ملقيًا عظة بعد الإنجيل المقدّس، قال فيها:

“القيامة هي الحدث المؤسّس لكون جديد وإنسانيّة جديدة، عتقت من عبوديّة الموت ونالت نعمة الحياة الأبديّة. نحن، كنيسة مقدّسة ورسوليّة نشهد للقائم من بين الأموات، والكنيسة هي واحدة وهي أيضًا جامعة أيّ منتشرة في العالم كلّه وفق الثّقافات المتنوّعة. والكنيسة جرحت في مسيرة التّاريخ من جرّاء انقسامات طالتها.

فشهادة القيامة تكون فاعلة في العالم بقدر ما نسعى للوحدة في المحبّة ونعمل معًا في راعويّة مشتركة تأتي بثمار روحيّة واجتماعيّة أفضل في قلب الجماعة المؤمنة. تشهد الكنيسة للقيامة بقدر ما تنفتح على جميع النّاس في مختلف ثقافاتهم وأديانهم انطلاقًا من الأخوّة الإنسانيّة والقضايا الاجتماعيّة المشتركة الّتي توحّد ذوي الإرادات الصّالحة في الدّفاع عن حقوق الإنسان وصون الكرامة البشريّة.

نشكر الرّبّ على اختبار القيامة الّذي تعيشه الكنيسة اليوم بالصّلاة والتّفكير والسّير معًا كـ”كنيسة أكثر سينودسيّة” بدعوة مباركة من قداسة البابا فرنسيس. إنّها العودة إلى مفهوم الكنيسة الشّركة والمشاركة والرّسالة. أشكر الرّبّ على المسيرة السّينودسيّة الّتي تقومون بها في الأبرشيّة من خلال اختبارات روحيّة وراعويّة واجتماعيّة، جميلة في بساطتها وعميقة في مضمونها، تساعدنا أن نكون “كنيسة حيّة” تعي لحضور المسيح القائم فيها ولرسالتها في المجتمع الإنسانيّ. فالكنيسة هي (جماعة)، هذه هي طبيعتها وهذا ما يحرّرها من نزعة الفرديّة والأنانيّة والكبرياء، وهي الخطيئة الكبرى الّتي تحوّل كلّ حياة إلى موت وكلّ جمال إلى قبح وظلام.

في الكنيسة- الجماعة نحن رفاق في الطّريق نحقّق دعوة يسوع الّذي أراد أن يرسلنا اثنين اثنين (لوقا 10: 1)؛ وها هما تلميذا عمّاوس (لوقا 24: 23-35)  في طريق اليأس والخيبة يلتقيان بالقائم فيتحوّل الموت فيهما إلى قوّة حبّ ورجاء. وأجمل صورة في مشهد عمّاوس هي أنّهما كانا يسيران معًا في الطّريق. كم نحن بحاجة اليوم أن نكتشف غنى رفقة الطّريق، فالرّبّ يبارك هذه المعيّة الّتي تعكس حقيقة الله الثّالوث.

في رفقة الطّريق يحتاج الإنسان إلى من يصغي إليه ويحاوره بحبّ، إلى من يحدّثه ويقبله باحترام دون أحكام مسبقة، والى من يرشده إلى اكتشاف رونق الحياة ومعناها الكامن في الخير والسّلام، وهذا ما فعله يسوع دومًا. ففي اختبار السّير معًا، نكتشف أنّ يسوع يسير معنا، يصغي إلينا ويحدّثنا ويعطينا كاختبار السّامريّة (يوحنّا 4: 4- 30) مياه ينابيع الحياة الأبديّة. المسيح هو المعلّم والمرافق، هومحرّر الإنسان من قيود الموت وهو الّذي يهبنا الرّوح القدس يعزّينا ويجدّدنا ويثبّتنا كأبناء وورثة في مشروع البشارة الجديدة. لقاء المسيح بالقربان هو ذروة الاحتفال بالقيامة. لقد (عرفاه عند كسر الخبز) أيّ في نهاية الطّريق وهذه النّهاية هي في الوقت عينه بداية.

فالإفخارستيّا هي ينبوع حياة الكنيسة وهدفها، بها نشترك في مائدة جسد الرّبّ ودمه لمغفرة الخطايا والحياة الأبديّة. ففي القدّاس تكتمل المعرفة ويكتمل الحبّ، وفي القدّاس تتحقّق الشّركة مع الله الثّالوث. إنّه الاتّحاد الفارح بالمسيح ومنه مع كلّ إنسان نلتقيه في طريق الحياة ونقاسمه خبز الأخوّة الإنسانيّة، خبز التّضامن والكرامة.

لبناننا اليوم يتوق إلى القيامة روحيًّا وإنسانيًّا ووطنيًّا. فكفى عبثًا بشعبه، كفى عذابًا للمواطنين وتجريدهم من حقوقهم الحياتيّة الأساسيّة وسرقة جنى عمرهم، وكفى نهج سياسة اللّامبالاة. لبناننا يحتاج إلى يوم جديد.

نصلّي لأجل قيامة لبنان وتجديده، ومن أجل الوعي لدى المواطنين حتّى يأخذوا العبر ويدركوا أهمّيّة مسؤوليّتهم في صنع لبنان متجدّد، فيسيروا معًا نحو الاستقرار، فالسّلطة هي خدمة الخير العامّ وليست استغلالاً وتسلّطًا لأجل المنفعة الشّخصيّة والمصالح الضّيّقة. نصلّي كي ينهض لبنان من هذا القبر المظلم ويتحرّر من الفساد الّذي قتل طموح الشّباب وهجر الأدمغة والكفاءات”.

‫شاهد أيضًا‬

البابا فرنسيس يكتب تأملات درب الصليب في الكولوسيوم لأول مرة

وكالة آكي الإيطالية للأنباء – البابا فرنسيس يكتب تأملات درب الصليب في الكولوسيوم لأو…