سويف: لنطلب من الرّبّ أن يمرّ بطريق الكنيسة والوطن ويعطيه الخلاص
على نيّة أيّام “أفضل من هذه الأيّام الّتي فيها الكثير من الوباء، جائحة كورونا، وفيها الأزمات والمشاكل والصّعوبات على مستوى المجتمع، وعلى مستوى الوطن”، صلّى راعي أبرشيّة طرابلس المارونيّة المطران يوسف سويف في عيد الدّنح في كنيسة سيّدة الخلاص- شكّا، خلال قدّاس إلهيّ عاونه فيه الكهنة فادي منصور ورولان معربس وجورج إسحاق.
في عظته، حيّا سويف أوّلاً المطران جورج بو جوده الّذي كان دومًا يحتفل ليلة عيد الدّنح في هذه الكنيسة، وطلب من الرّبّ أن يعطيه القوّة ونعمة الشّفاء، وشكر الرّبّ عليه وعلى خدمته. كما عبّر عن الامتنان للكنيسة الّتي تعيش دائمًا في نعمة الرّبّ في الأعياد المباركة، مبديًا سروره بمحافظتها على هذه التّقاليد الروحيّة الجميلة.
وأشار سويف إلى أنّ “الدّايم دايم، يعني أنّنا نطلب من الرّبّ بكلّ إيمان أن يمرّ بطريق كلّ شخص منّا، في رعايانا، وأبرشيّتنا، وأن يمرّ بطريق الكنيسة والوطن ويعطيه الخلاص.” ثمّ توقّف عندى معنى ليلة الدّنح المقدّسة بحسب التّقليد الشّعبيّ وعلى أهمّيّة العيد في حياتنا، واختبارنا الإيمانيّ. وأضاء على موضوع عدد “الرّسل الّذين كانوا 12، ومن بعدها أصبحوا 11 بسبب نكران يهوذا للرّبّ. ولكن من بعد قيامة الرّبّ يسوع من بين الأموات، قرّر جماعة الرّسل أن ينتخبوا شخصًا لكي يبقى العدد 12 إذ كانت إرادة يسوع وتوجيهاته، فهو دعا الرّسل الإثني عشر، وسلّمهم مشعل الرّسالة.
فلكي يختار الرّسل الشّخص المناسب، اعتمدوا معيارًا وهو أنّهم سينتقون شخصًا كان شاهدًا على معموديّة يسوع أيّ كان يعرف يسوع من معموديّته إلى موته فقيامته، وهو يعني بالنّسبة لنا لاهوتيًّا وكنسيًّا أنّ المعموديّة هي البداية الرّسميّة لحياة يسوع، هي ظهور يسوع العلنيّ وحياته بين النّاس، لهذا الإعلان الّذي جاء يسوع المسيح كلمة الله المتجسّد في بيت لحم لكي يُعلن الخبر السّارّ، لكي يُعلن ملكوت الله.
الإنسان الّذي كان يعيش في ملكوت الله، أخذ قرارًا بكامل إرادته ووعيه، وبكبريائه، وهنا بدأت الأزمة الحقيقيّة في البشريّة، أيّ بخطيئته، وهي الأنا الّتي يعيش فيها الإنسان. أخذ القرار بأن يبتعد عن ملكوت الله، أيّ قلب الله، هذا البيت الوالديّ، فكانت النّتيجة الموت.
عندما تجسّد يسوع كلمة الله وصار إنسانًا، ومن بعد المعموديّة، يسوع وهو كلمة الله أيّ الإله الإنسان، انطلق إلى العالم لكي يُخبر عن ملكوت الله، وكان هدفه أن يُخبر عن البيت الأساسيّ الّذي تركه الإنسان بإرادته والّذي جاء هو بملء الزّمن ليُرجع الإنسان إلى هذا البيت الوالديّ. لذلك في الرّسالة الّتي سمعناها إلى طيطس: ولمّا تجلّى لطف الله، أحيانًا بإبنه، أحيانًا بغسل الميلاد الثّاني الّذي هو المعموديّة.
هذه المعموديّة بالتّأكيد بدأت على نهر الأردنّ باعتماد يسوع من يوحنّا المعمدان، ولكنّها اكتملت على الصّليب. لذلك كان يسوع يقول في إنجيله: لي صبغةٌ أخرى، صبغة أيّ المعموديّة، هناك صبغة، ختم، طابع، لي صبغة أخرى أشتهي أن أصطبغ بها والّتي هي موته على الصّليب وقيامته من بين الأموات.
لذلك عندما وضع الرّسل المقياس حتّى يكون هناك رسول عوضًا عن يهوذا، أرادوا شخصًا شهد، أيّ عاش واختبر معموديّة يسوع من الأردنّ إلى الجلجلة، إلى الموت وإلى القيامة.
ماذا يعني هذا في حياتنا كمسيحيّين وكمؤمنين ومؤمنات وكمعمّدين ومعمّدات؟ إنّه أجمل نعمة وعطيّة نلناها وهي نعمة المعموديّة، نعمة أن نكون شهودًا ليسوع من اعتماده على الأردنّ إلى موته وقيامته من بين الأموات. لذلك عندما نتعمّد نحن نشارك بموت يسوع وحياته. نحن عندما نتعمّد ندخل في مشروع ملكوت الحياة الأبديّة، وننال أجمل عطيّة.
وهكذا يهب الأهل أولادهم إضافة إلى الاهتمام بهم على كافّة الأصعدة، عطيّة المعموديّة، أيّ يجعلونهم من خلال هذه النّعمة يعيشون مع المسيح وفيه، فيلبسون المسيح لأنّه كما قال لنا مار بولس: أنتم الّذين اعتمدتم في المسيح قد لبستم المسيح، فالمعموديّة هي اللّباس، وهي آدم الجديد. فآدم الأوّل بخطيئته وكبريائه خلع عنه الثّوب الأوّل، وجاء آدم الجديد أيّ يسوع المسيح الّذي عاد وألبسنا ثوب الحبّ والكرامة، ثوب حقيقة الحياة الّتي عدنا واستعدناها بفضل يسوع المسيح.”
ثمّ شرح المطران سويف معنى رتبة تبريك الماء “الّتي فيها رمز جميل جدًّا وهو الجمرات الثّلاثة: الجمرات الّتي تنزل وتتّحد بالماء، وهي تدلّ على الأُلوهة، الجمر يدلّ على الأُلوهة الّتي اتّحدت بالكون وبالإنسانيّة وبالبشريّة، يعني أنّ يسوع نزل على أرضنا وبشريّتنا وقدّسها، فأهمّ ما في هذه الرّتبة هو أن نعرف كيف نُحافظ على نعمة القداسة، وأن نُنمّيها. لذلك يجب أن نساعد بعضنا البعض لكي نعيش في نعمة المعموديّة ولكي نكون شهودًا ليسوع المسيح من خلال حياتنا على هذه الأرض.”
وفي الختام تمنّى للجميع أن يكون عيد الدّنح مباركًا، داعيًا الجميع إلى شكر الرّبّ على عطاياه وعلى إشراكنا بحياته من خلال المعموديّة، حاثًّا إيّاهم على تجديد مواعيد المعموديّة، والقول: “يا ربّ ساعدنا لكي نعرف هذه القيمة ونعيشها في حياتنا اليوميّة بالرّغم من كلّ ضعفنا البشريّ، بالرّغم من كلّ خطيئتنا، بالرّغم من كلّ محدوديّتنا، تكفينا نعمتك، نعمة المعموديّة الّتي تُجدّد حياتنا لأنّنا نحن بهذه المعموديّة أصبحنا هياكل لكَ، هياكل للرّوح القدس. آمين.”
هيئة الإذاعة والتلفزة البريطانية تبث تأملاً للبابا فرنسيس تحت عنوان “رجاء ولطف”
موقع الفاتيكان نيوز بثت هيئة الإذاعة والتلفزة البريطانية “بي بي سي” صباح اليوم…