أغسطس 9, 2021

عبد السّاتر: لا يمكن للشّرّ أن ينتصر في لبنان فهو بلد القداسة والعيش المشترك

ترأّس راعي أبرشيّة بيروت المارونيّة المطران بولس عبد السّاتر قدّاس عيد تجلّي الرّبّ، في رعيّة نبع الصّفا- زحلتا، والّذي احتفل به خادم الرّعيّة الخوري يوسف عون وعاونه فيه الخوري داني درغم والأب الياس صيّاح، بمشاركة كهنة الجوار، وبحضور جمع من المؤمنين والفعاليّات.

بعد الإنجيل المقدّس، ألقى عبد السّاتر عظة قال فيها: “بدأ الرّسل يقلقون بعد أن تبعوا يسوع بهدف تحقيق أحلامهم ومشاريعهم، بخاصّةٍ عندما رأوا عددًا كبيرًا من النّاس الّذين كانوا يضطهدونه، فمنهم من راوده الشّكّ ومنهم من تزعزعت ثقته، ومنهم من فكّر بالانسحاب والتّراجع. وعندها جاء حدث التّجلّي الّذي اختبره وعاشه ثلاثة رسل من بينهم، وكان هذا الحدث كافيًا ليفهموا بأنّه هو حقًّا يسوع النّاصريّ، ابن الله الحبيب، المخلّص، واهب الحياة والحرّيّة الحقيقيَّة. لم يتلاشَ الخوف، وهذا أمر طبيعيّ، ووجودنا معًا اليوم هنا هو خير دليل على اتّحادنا وتضامننا مع بعضنا البعض لمواجهة القلق والخوف لأنّ يسوع المسيح إلهنا تجسَّد فتحقَّق الخلاص بعد أن عُلّق على الصّليب وقُتل ووُضع في القبر، إلَّا أنّه انتصر على الموت، فمنحنا نحن المعمَّدين الحياة الأبديَّة.

كما أنّنا مجتمعون في هذا المساء لنؤكّد على محبَّة الله لنا، وعلى حضوره بيننا، وعلى أنَّه حيٌّ في كلّ واحدٍ منّا. فلنتخطَّ حساباتنا البشريَّة، ولنمشِ على درب يسوع المسيح الّذي خلَّصنا والّذي يدعونا إلى العمل معه من أجل خلاص العالم كلّه بالمحبّة والغفران والخدمة المجّانيّة، وإلى بناء ملكوت السّماء. ويقول بولس الرّسول: إذا كان الله معنا فمن علينا؟ وهذا واقع، شهدناه عبر التّاريخ بالقيامة الحقيقيَّة لله القائم من بين الأموات والحاضر معنا. وإذا عدنا إلى تاريخ وجودنا على هذه الأرض، ندرك أنّنا مدعوّون إلى أن نكون رسل محبّة، لمحاربة الشّرَّ الّذي فينا أوَّلًا، والمنتشر في العالم، ولن تكون الكلمة الأخيرة للشّرّ أبدًا.

بعد مرور سنة على انفجار الرّابع من آب، الّذي راح ضحيَّته قتلى أبرياء وجرحى والّذي سبَّب دمارًا كبيرًا، اعتقد البعض بأنَّ الشّرَّ تغلَّب على المحبَّة وأنَّ لبنان أصبح بلد الشّرّ والقتل والإجرام والأنانيَّة، ولكنَّ هذا الكلام غير دقيق، وسكَّان بيروت يدركون تمامًا، ومنذ تلك اللّيلة، وبعد ساعات قليلة على الانفجار، وعلى الرّغم من الألم والخوف والقلق، أنَّ المحبَّة انتصرت، لحظة تعاون المواطنون وتضامنوا مع بعضهم البعض، حملوا الجرحى على أكتافهم وفي سيّاراتهم لإنقاذهم وتجنيبهم خطرًا وموتًا محتَّمًا، قدَّموا بيوتهم لمن تشرَّدوا وأصبحوا بلا مأوى. لا يمكن للشّرّ أن ينتصر في لبنان، فهو بلد القداسة والمحبّة والغفران والعيش المشترك، ولن ينتصر الشّرّ لأنّنا راسخون في أرضنا وسننتصر على الشّرّ بالخير، وعلى الحقد بالغفران، وعلى الغضب بالتّسامح حتّى ولو كان البعض لا يستحقّ هذا التّسامح وهذا الغفران. وهذا منطقنا الّذي يميّزنا عن منطق الآخرين. أيّها الإخوة، أنا حاضرٌ معكم لنصمّم على متابعة مسيرة المحبّة حتّى النّهاية، على خطى الرّبّ، ابن الله المتجسّد الّذي سار طريق المحبّة حتّى النّهاية على الرّغم من حمله الصّليب، ونحن جميعًا ندرك أّنّ طريق المحبّة لا تخلو من الصّعاب والعذاب وحمل الصّليب.

في عيد التّجلّي، عيد ظهور إلهنا ومخلّصنا على حقيقته أمام الرّسل الثّلاثة، نجدّد وعدنا له، وعدنا بأنّنا سنتابع معه مسيرة المحبّة حتّى النّهاية، سنكون ملح الأرض ونور العالم. فليكن كلامنا واحدًا، كلام محبّة وصدق وحقّ، وإنْ حمل في بعض الأحيان للمتخلّفين عن مسؤوليّاتهم تأنيبًا أو عتابًا، بعيدًا عن منطق العين بالعين والسّنّ بالسّنّ.”

‫شاهد أيضًا‬

بطريرك الأقباط الكاثوليك يهنئ الأمين العام المساعد الجديد لدائرة الكنائس الشرقية بالفاتيكان

بطريرك الأقباط الكاثوليك يهنئ الأمين العام المساعد الجديد لدائرة الكنائس الشرقية بالفاتيكا…