فبراير 9, 2020

عظة البطريرك الراعي في قداس عيد مار مارون من روما

عظة البطريرك الراعي في قداس عيد مار مارون من روما

عظة البطريرك الراعي في قداس عيد مار مارون من روما
الأحد ٩ شباط ٢٠٢٠

“حبة الحنطة إن وقعت في الأرض وماتت، أتت بثمر كثير” (يو 12: 24).

1- أخواتي وإخوتي؛ إن صورة حبة الحنطة هي هوية يسوع المسيح الموحاة لليونانيّين القادمين من أورشليم من أجل الفصح اليهودي، وقد كان لديهم رغبة عميقة في رؤية يسوع، وسألوا لهذه الغاية وساطة فيليبوس. يسوع كشف لهم سرّه الكبير الذي من خلاله كلّ مؤمنٍ به يجد سرَّه الشّخصيّ.كشفَ لهم سرّ موته وقيامته، الذي منه ولدت البشرية الجديدة التي هي الكنيسة. إنّه السرّ الكبير الذي يُشبّه بـ”حبّة الحنطة التي تقع في الأرض إذا لم تمت تبقى وحيدة. أمّا إذا ماتت فتأتي بثمر كثير.”

  1. القديس مارون الذي مشى على خطى المسيح، قدّس ذاته ومن معه، بحياةٍ نسكية
وقد كان هو أيضـًا كحبة الحنطة التي ماتت في الأرض الطيبة فأنبتت الكنيسة المارونية
هذه الكنيسة نمت عبر العصور، منذ سنة ٤١٠ ،تاريخ موت القديس مارون، حتى يومنا هذا، وقد ترعرع فيها بنوها وبناتها على مثال أبيهم القديس مارون وقد كتبوا تاريخهم العريق السرياني الإنطاكي في الشرق والعالم كلّه.
  2. يسعدنا أن نحتفل بعيد أبينا القديس مارون، مع جميع أبناء كنيستنا المارونية، رعاة وإكليروسًا وعلمانيين في لبنان، الوطن الروحي الأم للموارنة وفي العالم كله. ونعرب لهم جميعًا ولكل المشاركين في احتفالات العيد، عن اخلص تهانينا وتمنياتنا القلبية.
    وهنا في روما، حيث نحتفل بالعيد، أعرب عن شكري لكم جميعًا مقدمًا التهاني والتمنيات، سائلين الله بشفاعة القديس مارون، أن يفيض عليهم المزيد من نعمه وبركاته.
  3. ونرفع صلاتنا إلى الله من أجل لبنان لكي يخرجه من ازماته الخانقة : السياسية والاقتصادية والمالية والاجتماعية، على يد ذوي الإرادة الصالحة، الذين يريدون حقًا خلاص لبنان وخير شعبه. ونصلي من أجل انتفاضة الشباب والشعب في كل المناطق اللبنانية، بحيث تبقى شعلةً متقدّة تخاطب ضمائر المسؤولين، وتحاسبهم على التقصير بواجباتهم، وتقيّم أعمالهم ؛ كما نصلي لكي تبقى هذه الإنتفاضة حضارية في مطالبها ووسائلها واحترامها للمؤسسات الدستورية. فلا تتخطى حدودها، ولا تسمح أن يندسّ فيها ذوو النيات السّيئة الذين يعتدون ويشوّهون بهاء وجهها.
  4. عيد أبينا القديس مارون هو بالنسبة لابنائه على الأخص، وقفة صلاة وفحص ضمير وفعل توبة لتنقية القلوب وتغيير الذهنيات والخروج من المواقف المتحجرة والأحكام المسبقة. “حبة الحنطة” هي النهج الذي يتركه لنا الرب يسوع والقديس مارون، وقوامه التضحية والموت عن الذات اللذين بدونهما لا ثمار تُرجى في الكنيسة والعائلة والمجتمع والدولة. بهذه القوة الروحية تمكّن الموارنة من الصمود بوجه والمحن والمصاعب على مرّ الأجيال، وصولاً إلى الحويك، واعلانه في أول أيلول سنة ١٩٢٠. وقد أراده وطنًا لجميع أبنائه، مسيحيين ومسلمين، على أن تكون طائفته واحدة هي لبنان، فيما الطوائف على اختلافها تشكّل مكوناته التي تغنيه بتراثاتها، وأن يكون الولاء له بالمواطن، لا بالانتماء الطائفي وقد أراده هكذا وطنًا يفصل بين الدين والدولة، يؤدي الاجلال له ويحترم جميع الأديان. وبقية آخر اراده “دولة مدنية” سمّاها القديس البابا يوحنا بولس الثاني”نموذجًا للشرق وللعرب”، “رسالة في محيطه” فيجب اليوم استعادتها واستكمالها وفقًا للدستور والميثاق ووثيقة “الوفاق الوطني”.
    وختم البطريرك الراعي: ” تقبّل الله صلاتنا، وكل الصلوات المرتفعة من جميع الكنائس، لمجد الثالوث القدوس، الآب والابن والروح القدس الآن والى الأبد. آمين.”

‫شاهد أيضًا‬

البابا فرنسيس يكتب توطئة كتاب جديد للكاهن لوتشو بونورا حول البابا بيوس العاشر

البابا فرنسيس يكتب توطئة كتاب جديد للكاهن لوتشو بونورا حول البابا بيوس العاشر – Vati…