يونيو 29, 2024

كلمة الأباتي إدمون رزق في عيد مار بطرس وبولس

كلمة الأباتي إدمون رزق في عيد مار بطرس وبولس
كريم التين، 28 حزيران 2024

“أَنْتَ هُوَ المـَسِيحُ ٱبْنُ اللهِ الحَيّ!”
قدس النائب العام الاباتي بيار نجم
آبائي المدبرين الأجلاّء،
حضرة رئيس الدير الاب سليم الريس،
ابائي، إخوتي وأخواتي الأعزّاء،

​إنَّ صرخةَ بطرس هي صرخةُ كلِّ قلبٍ مسيحيّ مؤمنٍ، تعمّدَ بالروحِ القدس. ونحن على إيمانِ بطرسَ وبولسَ نشأنا، وبشهادتهِما أبصرنا وتذوّقنا حُبَّ الله غيرَ المحدود، حُبَّ الله الّذي يختارُنا بالرغم من ضعفِنا، بالرغمِ من تردُّدِنا، بالرغمِ من خيانتِنا ونكرانِنا!

في عيدِ القدّيسَين العظيمَين، بطرسَ وبولسَ، عامودَي الكنيسة، نتأمّلُ بعظمةِ حبِّ لله الّذي لا يتوقّفُ عند ضعفِ الإنسان ولا عندَ خوفِهِ، ولا حتّى يتراجعُ أمامَ تصلُّبِ قلب الإنسان، بل يدعوهُ دعوةً إلهيّة للعملِ من أجلِ خلاصِ النفوس وانتصارِ الملكوت. فالله يقرأ في القلوبِ، ويعملُ في النفوسِ الحاضرة من أجلِ بنيانِ الكنيسةِ وخلاصِ البشر. فسمعانُ بطرس، صيّادُ السَمَكِ، أصبحَ الصخرةَ الّتي بُنيت عليها كنيسةُ المسيح والّتي لن تقوى عليها أبوابُ الجحيم. أمّا بولسَ الفيلسوفَ والمتعلّم الكبير، والفرّيسيّ صاحبَ الشأنِ، المضطهدَ للمسيحِ والكنيسة، فقد أصبحَ هو نفسهُ، مُضطَهَدًا من أجلِ المسيح، أسيرًا لحُبّهِ، رسولاً مُبشِّرًا بالإنجيل حتّى أقاصي الأرض. لم تكن شخصيّاتاهما متطابقتَين، لكنّهما تكاملا في سبيلِ مشروع الله الخلاصي، متّفقَين على الهدفِ، متفانيَين في سبيلِه، همُّهما الأوّلُ والأخير : التبشيرُ بالإنجيل، خلاصُ النفوسِ وانتصارُ الملكوتِ السماويّ!

دعونا نتأمّل بهذا الهدف السّامي الّذي يجمعُ القلوبَ ويوحّدُها، ويُعطيها الطاقةَ للإنطلاقِ في المجهول نحو الحُبِّ الأعظم! أليست هذه دعوة المسيحيّين: أن نتوحّدَ في الإيمانِ لننجو من مكايد الشرير؟ ألا نرى هنا أيضًا دعوةً رُهبانيّة في السعيِّ إلى التكاملِ من أجلِ الهدفِ الواحد؟ ما هي أهدافُنا اليوم وعلى ماذا نرتكز للتقدّمِ في حياتِنا؟

لربما الحياةُ قد تغيّرت منذ أيّامِ القدّيسَين بطرس وبولس حتّى اليوم، ولكنَّ اللهَ لم يتغيّر، هو هو الأمسِ واليومَ وغدًا. ولا دعوةُ الحُبِّ ضعُفَت، ولا خُتِمَ المشروعُ لخلاصي لأنَّهُ يشملُ جيميعَ الأجيال. وهذا الديرُ الّذي يحملُ اسمَ القديسّين بطرس وبولس، يشهدُ لهذا الحُبّ والتفاني في سبيلِهِ والتجرُّدِ من العالمِ لأجلِ عيشِ الحياةِ مع الربّ. لا يسعني إلاّ أن أذكرَ أنَّ هذا الديرَ قد مرَّ على تأسيسِهِ 324 سنةً على يدِ المطران حَنّا حبقوق، الذي وهبه في العام 1712 للرهبانيَّة، وأعاد الرهبان تشييدَه وهذه السنة يُعيّدُ الـ300 سنة لانتهاءِ الرهبان من البناء وجعلِهِ مسكنًا شرعيًا وبيتًا للابتداء.

رهبانٌ ونُسّاكٌ عاشوا هنا، زاهدينَ في الدّنيا وما فيها، ناذرينَ نفوسهم للربِّ، مُكتفينَ به. مثلَ بولس، كانوا أسيرين حُبِّ المسيح، ومثل بطرس جعلوا للربِّ مسكنًا في بيتِهم، فكان يقصدهم كلُّ من هو بحاجةٍ ليلتمسَ نعمةً من الربّ. نذكرُ الحُبساءَ ونطلبُ شفاعتهم:
الأب أنطونيوسُ البطحاوي، الأب افرام باسيل الإهْدِنيّ، الأب حَنانيا القلَيْعاني، الأب لورنسيوس حيمري الدّيرانيّ، الأب مبارَك العِلْماوي، الأب عبد المسيح كرم الشَبابي، والأب سرابيون العِكّاري …

في عشيّة عيد هذا الدير، نذكرهم ليذكرونا هم أيضًا في ملكوتِ الربِّ ويطلبوا لنا النِّعَمَ، ويتشفَّعوا بنا، رهبانيّةُ وأهلاً وبلدةً، لنكونَ ثابتين في الإيمانِ، نثبّتُ إخوتنا معنا، مُبَّشرين بالكلمة حيثما حللنا، منطلقينَ إلى أبعد الحدود، وصانعي السلام… كلَّ عيدٍ وأنتم بالإيمان، والرجاءٍ والمحبّة.

‫شاهد أيضًا‬

الكاردينال زيناري يعلق على التطورات في حلب ويدعو إلى تحييد المدنيين

موقع الفاتيكان نيوز مع تجدد القتال في مدينة حلب السورية أجرت وكالة ADNKRONOS الإيطالية للأ…