يناير 24, 2021

“لحقني يا خليل ما قادرة آخذ نفس”… ميشلين رحلت بغمضة عين وما جرى معها صادم

غلبَها الفيروس، هي التي كانت تصارعه بكل قواها، استسلمت لكل شيء مخلفةً وراءها فراغاً، ووجعاً لا يُضاهى.

حاولت التماسك والبقاء إلا أن قلبها خذلها وتوقف عن الخفقان، هل هو القدر أم جسدها الذي لم يصمد كثيراً أمام هذا الفيروس، اسئلة كثيرة يطرحها زوجها خليل ويتمنى أن يجد لها أجوبة تشفي غليله.  أرقام الوفيات صادمة ومقلقة في لبنان، بالأمس توفي 61 مريضاً، المعركة مع هذا الفيروس ما زالت مستمرة ومعركتنا مع الحياة في أوجها.

اليوم يُشاركنا خليل أبو راشد قصته، لديه الكثير ليقوله، هو الذي خسر شريكته ونصفه الآخر، يعيش مع وجعه وألم الموت والفراق.  يعود إلى البداية عندما التقط الفيروس منذ حوالى شهرين ونصف الشهر تقريباً وعزل نفسه في أحد الفنادق لمدة 23 يوماً قبل أن يعود إلى منزله. آنذاك كان وحده المصاب ولكن عانت ميشلين بعد ليلة من عيد الميلاد وفق ما يروي خليل قائلاً: “بدأت تظهر عليها الأعراض، وبدأنا نذهب إلى المستشفى “يوم ايه ويوم لأ” لإجراء الفحوصات ومتابعة حالتها لأنها كانت تعاني من السكري. أعطيت لها مجموعة أدوية بعد مراجعة طبيب رئة وطبيبة السكري، ولم تكن حالتها تستدعي دخول المستشفى لأن ذلك سيعرضها لالتقاط البكتيريا”.  

أجرت ميشا كما يناديها زوجها خليل صورة للرئة CT –Scan التي كشفت عن وجود التهاب في الرئة بنسبة 10 في المئة، ومع ذلك لم تكن هناك حاجة إلى إدخالها إلى المستشفى حسب الأطباء.  ولكن في اليوم التالي، استيقظت ميشلين منزعجة وغير مرتاحة، كانت الساعة الرابعة فجراً. ومنذ تلك الساعة و حتى العاشرة والنصف صباحاً لم نكن نجد لها سريراً في المستشفى إلا بعد تدخل الوساطات والاتصالات وتدخل شخصي من وزير الصحة الذي أعطى أمر بنقلها إلى أقرب مستشفى.  ويضيف خليل أنه “برغم من معرفتي بالإسعافات الأولية لأني كنت عضواً سابقاً بالصليب الأحمر كما أنني عضو في جمعية القلب الأميركية، وبرغم من وجود آلة أوكسجين على الكهرباء في المنزل، إلا أن ما شاهدتُه مع زوجتي لم أره مع اي شخص آخر.  استغرق الصليب الأحمر حوالى 3 ساعات ونصف الساعة للوصول إلينا، لم يكن التأخير بيدهم وانما تطبيقاً لقرار بعدم نقل أي مريض قبل تأمين سرير في المستشفى.  عندما وصلت ميشلين إلى المستشفى كانت بحالة شبه إغماء، قالوا لنا في مستشفى ضهر الباشق: “يمكن استقبالها ولكن لا سرير لها. وضعوا لها الأوكسجين ولم تكن تردد سوى “يلا باي يلا باي”. رددت هذه العبارة لأكثر من 20 مرة، ولأن حالتها كانت سيئة وصعبة تمّ حقنها بإبرة لتنام”. 

غدرها قلبها ورحلت

ويشرح خليل: “أجريت لها الفحوصات وتم تمييلها، وتبين من خلال فحص الدم أن معدل السكري لديها مرتفع حيث وصل إلى 400. برأي طبيبها أنه حتى لو ارتفع السكري فهذا لن يؤدي إلى تدهور حالتها بهذا الشكل”.  بالإستناد إلى الفحوصات، كانت ميشلين تعاني من التهابات قوية في الرئة، وبعد وضع جهاز التنفس الاصطناعي تحسنت حالتها. ويؤكد زوجها “لقد رأيتها في اليوم التالي وكانت قادرة على التنفس بفردها ولكن بعد ساعتين تدهورت حالتها بشكل كبير ومفاجئ ولم تفلح كل الجهود والبروتوكولات العلاحية في إنقاذها”.  

وقبل 10 دقائق من وفاتها، “دخلتُ إلى غرفتها وصلينا سوياً قبل أن يتوقف قلبها وتغادرنا. حاول الأطباء إجراء الإنعاش ولم تستجيب، وبعد أن قمت بإنعاشها تجاوبت لمدة 3 دقائق إلا أن ضعف عضلة قلبها منع إنقاذها”. يشدد خليل على أن “ما جرى ليس تقصيراً من طبيب أو مريض، لكنّ هناك نقصاً في التجهيزات والمعدات الطبية في المستشفيات، وخصوصاً الحكومية. حتى CT Scan كانت معطلة في المستشفى عندما كانت زوجتي موجودة هناك وكنا بحاجة لإجراء صورة لمعرفة نسبة الإلتهابات في الرئة. لقد رأيت رجلاً يموت أمامنا في المستشفى بعد قدومه كحالة طارئة نتيجة ألم في القلب، وتوفي قبل أن يتلقى الإسعافات الأولية.

الله اختار ميشلين لتكون بجانبه باكراً، ولكن يومياً نخسر 20 و30 و40 ميشلين بالكورونا”. ويروي بأسى: “عندما وقع انفجار مرفأ بيروت، نزلنا أنا وميشلين لمساعدة الناس، واليوم خسرتها بغمضة عين. يصعب عليّ تصديق هذه الحقيقة، خصوصاً أن هناك حالات نعرفها كانت تعاني من أمراض مزمنة وعمرها أكبر ولم تعانِ ما عانته ميشلين مع كورونا.

لماذا حصل كل هذا مع زوجتي، لا أعرف. لذلك قررتُ جمع كل المستندات الطبية والفحوص وأقوم باستشارة مجموعة أطباء لمعرفة ما إذا كان هناك تقصير أو خطأ طبّي أو أنها ارادة الله وخلص عمرها”. 

وتعاني مستشفيات لبنان نقصاً حاداً في المعدات وغرف العناية الفائقة، ما ساهم في رفع أعداد الوفيات، كما يرى مختصون. وتعوّل السلطات على خطة الاغلاق التام التي دخلت أسبوعها الثاني للحدّ من أعداد الاصابات. 

‫شاهد أيضًا‬

رئيس الأساقفة غالاغر يتحدث عن الاعتداء الأخير في موسكو وعن الوضع في أوكرانيا والشرق الأوسط

رئيس الأساقفة غالاغر يتحدث عن الاعتداء الأخير في موسكو وعن الوضع في أوكرانيا والشرق الأوسط…