للمسؤولين والقادة… تعلّموا معنى الخدمة من القائد الأوحد يسوع المسيح!
في مثل هذا اليوم، أسّس يسوع لسرّيّ الإفخارستيّا والكهنوت في العشاء الأخير قبل الآلام. في مثل هذا اليوم، أحيا قدّاسه التّأسيسيّ الأوّل وقدّم أمثولة في الخدمة والتّواضع.
اليوم، وفيما تتحضّر الكنيسة لإحياء خميس الأسرار أو خميس الغسل مع توجّه إلى إلغاء رتبة الغسل تماشيًا مع التّدابير الوقائيّة للحدّ من تفشّي كورونا، نتوقّف عند الرّموز المقدّسة لهذا الخميس على ضوء الأناجيل الّتي تسرد وقائع العشاء السّرّيّ الّذي احتفل به يسوع مع تلاميذه في العلّيّة، فنكتشف روعة النّعمة الّتي عهدها الرّبّ إلينا عشيّة صلبه، ونشارك في الرّتبة المقدّسة بقلب منفتح على صوت الله.
في هذا العشاء، كان سرّ القربان. فيه أعلن الرّبّ حضوره الدّائم معنا في الذّبيحة الإلهيّة. فيه كانت وصيّته. فـ”بينما هم يأكلون، أخذ يسوع خبزًا وبارك ثمّ كسره وناوله لتلاميذه وقال: “خذوا كلوا، هذا هو جسدي”. ثمّ أخذ كأسًا وشكر وناولهم إيّاها قائلاً: “إشربوا منها كلّكم فهذا هو دمي، دم العهد يُراق من أجل جماعة النّاس لغفران الخطايا.” (متّى 26/ 26- 28). هكذا من على مائدة الرّبّ، مُنحنا سرّ الإفخارستيّا “منبع الحياة المسيحيّة كلّها وقمّتها”، هي ذكرى تجعل الذّبيحة الّتي قدّمها يسوع على الصّليب لأجل خلاصنا، تجعلها حاضرة معنا بشكل دائم وآنيّ، من خلالها، تمتلئ النّفس بالنّعمة وتُعطى عربون الحياة الأبديّة، فنعبر بالفصح من الموت إلى الحياة.
وفي أثناء العشاء أيضًا، “قام يسوع عن العشاء فخلع ثيابه وأخذ منديلاً فائتزر به، ثمّ صبّ ماء في مطهرة وأخذ يغسل أقدام التّلاميذ، ويمسحها بالمنديل الّذي ائتزر به.” (يوحنّا 13/ 4- 5)، فغسل هو “الرّبّ والمعلّم” خطاياهم وطهّرهم ونقّاهم ودعاهم إلى التّمثّل به وغسل بعضهم أقدام بعض، إذ “ما كان الخادم أعظم من سيّده ولا كان الرّسول أعظم من مرسله، وأمّا وقد علمتم به فطوبى لكم إذا عملتم به.” (يوحنّا 13/ 16- 17)، فمنح السّلطة معناها الحقيقيّ: خدمة غايتها بنيان الذّات والآخر.
في تلك اللّيلة، أنبأ يسوع بخيانة يهوذا الإسخريوطيّ له: “الحقّ الحقّ أقول لكم: إنّ واحدًا منكم سيسلّمني” (يوحنّا 13/ 21)، “”هو الّذي أناوله اللّقمة الّتي أغمسها”. فغمس اللّقمة ورفعها وناولها يهوذا بن سمعان الإسخريوطيّ. فما أن أخذ اللّقمة حتّى دخل فيه الشّيطان. فقال له يسوع: “إفعل ما أنت فاعل وعجّل”.” (يوحنّا 13/ 26- 27). وكما أنبأ بإنكار بطرس له ثلاث مرّات قبل صياح الدّيك. هو كان عالم بكلّ شيء، يعرف أنّ ساعته قد حانت وأنّ درب الآلام ليس ببعيد إلّا لساعات قليلة فقط.
اليوم، في خميس الأسرار، لنفتح قلوبنا لله ولنسمح له أن يغسلها ويطهّر أفكارنا وينقّي شفاهنا فنستحقّ أن نكون من بين تلاميذه ونعلن قيامته في كلّ حين وحال.
اليوم، نصلّي لكي يعي المسؤولون معنى السّلطة الحقيقيّ، فيسعون إلى البنيان لا الهدم، إلى الجمع لا التّفرقة، إلى إنقاذ الوطن لا إحراقه؛ نصلّي ليعوا أنّ السّلطة خدمة.
اليوم، ندعو الله لكي ينزع من أرضنا، وبخاصّة من لبناننا كلّ خائن يسعى إلى تسليم الوطن بدافع مصالحه الخاصّة وأطماعه السّياسيّة.
اللّيلة، وفيما يُصمد القربان المقدّس في الكنائس، نسهر ونصلّي مع يسوع عشيّة آلامه، مقدّمين آلام كلّ مريض، لاسيّما مرضى كورونا، وأزمات كلّ العالم بخاصّة لبنان، سائلين أن يكون النّور وشيكًا فتتحقّق القيامة مع قيامه المجيدة، آمين.
الخميس من أسبوع البيان ليوسف
رسالة القدّيس بولس إلى أهل رومة 11 : 25 – 36 يا إخوَتِي، لا أُرِيدُ، أَيُّهَا الإِخْ…