أكتوبر 14, 2020

لماذا تخصص الكنيسة عيد للمسبحة الورديّة وشهرًا كاملاً لتكريمها؟

KK10102020

إليكم الحدث الذي أوحى إلى الأحبار الأعظمين أن يكرّموا المسبحة الورديّة المقدسة، ويخصّصوا لها عيدًا كبيرًا في السابع من شهر اكتوبر تشرين الأول، والشهر كله لها:


في سنة 1571 كان الأسطول التركي يزحف على إيطاليا عبر البحر المتوسّط ليحتلّ أوروبا. فاستنجد البابا بيوس الخامس بالدول الأوروبيّة. وأتته النجدة من دول إيطاليا وإسبانيا وفرنسا وألمانيا والنمسا… ومشى الأسطول المسيحيّ لمجابهة الأسطول التركي، فالتقى الجيشان قرب جزيرة ليبانتيا (من جزر اليونان). وفي ٧ اكتوبر تشرين الأوّل سنة  1571، وصل الخبر إلى حاضرة الفاتيكان بأنّ المراكب المسيحيّة تتراجع وتتشتّت لأنّ الريح تعاكسها، وأنّ المراكب التركيّة تتقدّم بانتصار. فدبّ الرعب في قلوب الناس. ولجأووا إلى ساحة القديس بُطرس بالفاتيكان يبكون وينوحون أمام البابا القدّيس. فأطلّ عليهم من شرفته وقال لهم: “لا تخافوا. قوّوا إيمانكم. ليأخذ كلّ واحد مسبحته. وصلّوا الورديّة المقدسة”. ثمّ باركتم ودخل غرفته وركع أمام المصلوب وصلّى المسبحة الورديّة وطلبة العذراء. ثمّ خرج إلى الشرفة من جديد، وهتف بالمؤمنين المجتمعين في ساحة القديس بُطرس قائلاً لهم: “أُبشّركم بانتهاء الحرب وانتصار المسيحيّة”.

وبعد بضعة أيّام وصلت إلى الفاتيكان الأخبار بالتفصيل: ففي تلك الساعة، بينما كان قداسته راكعًا يصلّي المسبحة الورديّة، والمسيحيّون في طريق الإنكسار، إذا بالريح تنقلب مع مراكب المسيحيّين منعكسةً على الأعداء الذين أخذوا بالتراجع والإنهزام. فانتهت الحرب بانتصار المسيحيّين في ساعة غير منتظرة. وعلى أثر هذه الأعجوبة التاريخيّة، أضاف قداسة البابا بيوس الخامس إلى طلبة العذراء “يا معونة النصارى، صلّي لإجلنا”. وبعد سنتين تقريبًا، توفّي البابا القدّيس بيوس الخامس، وخلفه البابا غريغوريوس الثالث عشر. فأضاف البابا الجديد بدوره إلى الطلبة “يا سلطانة الورديّة المقدّسة، صلّي لأجلنا”، وعيّن يوم 7 اكتوبر تشرين الأوّل، عيد الورديّة. وكان المسيحيّون المحاربون في تلك الموقعة قد غنموا من العدو أعلامًا وبيارق كثيرة شأن كلّ الجيوش المنتصرة في الحروب. وبقيت هذه الأعلام محفوظة في متحف الفاتيكان إلى أن قام البابا بولس السادس بزيارة الجمهوريّة التركيّة في سنة 1965. فأخذ معه الأعلام والبارق كُلِّها هديّة لرئيسها.

ومرّ على هذه الحرب مئة سنة. فأعاد الأتراك الكرّة بغزو أوروبا الوسطى في البرّ. وحاصروا مدينة فـيينا في النمسا مدّة عشر سنين. وكان جان سوبيسكي، ملك بولونيا، يقود الجيوش الأوروبيّة المسيحيّة. فلمّا رأى الانتصار مستعصيًا والسلام لا يفيد شيئًا، صعد على تلّة وصرخ إلى العذراء صراخ النجدة، وهو يلوّح لها بمسبحته. وطاف المسيحيّون المحاصرون بالمدينة يصلّون المسبحة الورديّة، فإذا الذخيرة أخيرًا تنفد مع الأتراك فيفكّون الحصار عن المدينة ويتراجعون، وتنتهي الحرب. وكان ذلك في 13 سبتمبر أيلول 1683. وقبل ذلك التاريخ بقليل، كان البابا أينوشنسيوس الحادي عشر قد عمّم على العالم أجمع تخصيص شهر مايو أيّار لتكريم العذراء مريم. فطلب منه الملك جان سوبيسكي تخصيص شهر اكتوبر تشرين الأوّل بكامله لعبادة المسبحة الورديّة، واستجاب قداسة البابا الطلب.

يا سُلطانة الورية المقدسة، صلّي لأجلِنا، وانصرينا على أعدائنا المنظورين وغير المنظورين، وانشري السلام في العالم.

‫شاهد أيضًا‬

رسامة سبعة شمامسة جدد في القدس: ابقوا خدمًا مثل المسيح

حراسة الأراضي المقدسة – موقع أبونا يوم السبت 13 نيسان، وفي كنيسة دير المخلص، في بلدة…