يونيو 25, 2019

لماذا نحتفل بالقداس نفسه أسبوع بعد أسبوع؟

لماذا نحتفل بالقداس نفسه أسبوع بعد أسبوع؟

خلال القداس نلتقي بالإله الحيّ لا كأفراد بل أعضاء في جسده

قد يشعر البعض بشيء من الملل بسبب تكرار الطقس نفسه كلّ يوم أو كلّ أسبوع كما وترك البعض

لكن الكاثوليك يستمرون في تقدير ليتورجيا القداس التي وإن فهمناها، نفهم لما التكرار.

إن الطقس نوع من أنواع العبادة الثابتة والمبنيّة على التكرار وهو في صلب الكاثوليكيّة لأنه يذكرنا بما قاله البابا بندكتس في ما يتعلق باللّه والإيمان “نحن لا نصنع الهديّة بل نتلقاها.”

ما من خليقة من نتاج البشر أو تعبير عن مشاعر قد يحاكي قوة وروعة القداس الكاثوليكي الذي هو هديّة قدمها لنا المسيح بنفسه لغاية معيّنة وهي أن يضع في متناول أيدينا الطريقة الأسمى لتكريم اللّه.

إن الإيمان موجود لأن اللّه انشأ علاقة معنا وبالتالي من المنطقي ان يكون اللّه قد أنشأ شكلا من أشكال العبادة يرغب في ان نقدمها له مستذكرين التضحيّة الإفخارستيّة التي أكد عليها في العشاء السري وعلى الصليب.

انبثق القداس وغيره من التقاليد الليتورجيّة المرتبطة بالأسرار من حياة يسوع ورسله، وتغيّرت الأشكال والكلمات عبر العصور لكن، وبغض النظر عن المكان واللغة، فإن أساس كلّ احتفال ليتورجي يبقى هو هو ويعيدنا الى مصدر وأساس الإيمان.

ويُفسر بندكتس ان الطقوس الليتورجيّة “لا تخضع لسيطرة أي فرد أو جماعة محليّة أو كنيسة اقليميّة. فجوهرها ليس عفوي. اكتشف في هذه الطقوس ان شيئا يقترب مني دون أن أصنع انا بنفسي وانني ادخل شيئا أسمى من نفسي نابع عن الوحي الإلهي.”

يُنير قرار دخول الليتورجيا الكاثوليكيّة دور المشاعر في العبادة ودور المؤمن الفردي في الكنيسة. يقول رومانو غوارديني ان الصلاة “هي دون أدنى شك تواصل مع الله من القلب لكن القلب يحتاج الى التوجيه والدعم وتنقيّة العقل… إن الصلاة مفيدة فقط عندما تستند الى ركيزة الحقيقة.”

لا يعني ذلك أن لا مكان للمشاعر في الليتورجيا لأن عبادة الكنيسة تستند الى مشاعر عميقة وأحاسيس قويّة.. لكنه مسيطر عليها. يتكلم القلب بقوة لكن من خلال قنوات محددة.”

حتى ولو كانت الليتورجيا تستعيد الكلمات نفسها يوماً بعد يوم وسنة بعد سنة وقرناً بعد قرن إلا انها تُحدث فينا مشاعر مختلفة. لكن ليست المشاعر هي ما يُشكل الليتورجيا بل عمل اللّه نفسه والتزامنا به عوض مشاعرنا له إذ هذا الالتزام هو جوهر الليتورجيا.

يُذكرنا غوارديني ان “الليتورجيا هي ليست مجرد الاحتفال بما كان بل هو أمر حيّ وحقيقي، وهي حياة يسوع الموجودة فينا وايماننا بالمسيح الإله والإنسان.”

جعلنا المسيح، من خلال المعموديّة، جزءً من جسده، الكنيسة، وبالتالي فنحن من خلال الليتورجيا نلتقي بالإله الحيّ لا كأفراد بل أعضاء في جسده. وعلى الفرد ان يرغب في أن يكون جزءاً من هذا الجسد وعليه بالتالي التمتع بالتواضع: “عليه ان يضع نفسه جانباً وان يعيش مع ومن أجل الآخرين فيضحي من أجل الجماعة بجزء من اكتفائه الذاتي واستقلاليته.”

ويسمح فعل التضحية بالذات هذا للفرد بأن يتخطى حدوده ليكون جزءا من شيء أهم وبهذه الطريقة، لا تبتلعه الأغلبيّة بل على العكس، يصبح أكثر استقلاليّة وغنى لأنه يقترب أكثر من منبع الحياة. يعني الصلاة كعضو من أعضاء الكنيسة تحقيق وعد يسوع: “فمن رفع نفسه وضع، ومن وضع نفسه رفع.” (متى ٢٣: ١٢).

‫شاهد أيضًا‬

في خميس الأسرار…

تيلي لوميار – نورسات – مارلين صليبي هو خميس الأسرار المبارك الذي نتأمّل فيه كم…