فبراير 1, 2023

ماذا يقول البطريرك بيتسابالا عشيّة عيد تقدمة يسوع لله في الهيكل؟

ماذا يقول البطريرك بيتسابالا عشيّة عيد تقدمة يسوع لله في الهيكل؟

تيلي لوميار/ نورسات

عشيّة عيد تقدمة الرّبّ يسوع لله في الهيكل، يغوص بطريرك القدس للّاتين بييرباتيستا بيتسابالا في هذا الحدث الّذي تفرّد في سرد تفاصيله الإنجيليّ لوقا، فكتب بحسب “بطريركيّة القدس للّاتين” متأمّلاً:

“الإنجيليّ لوقا هو الوحيد الّذي يسرد رواية تقديم الرّبّ يسوع لله في الهيكل. وقد خصّص الفصول الأولى من بشارته لأحداث طفولة الرّبّ.

إنّ إطار الرّواية هو هيكل أورشليم، حيث يُرافق مريم ويوسف الطّفل من باب الطّاعة للشّريعة الموسويّة الّتي كانت تفرض افتداء الأبكار من بين الذّكور.

في واقع الأمر، يركّز الإنجيليّ هنا على سلسلة من الطّقوس المعمول بها في العهد القديم، ولكن، على ما يبدو، بقليل من الدّقّة، كما أنّه يترك بعض الأمور معلّقة. في الآية ٣٢، مثلا، يتحدّث عن “تطهيرهما”، أيّ تطهير الأمّ والطّفل، بينما كان الأمر يتعلّق بتطهير الأمّ فقط وليس الابن. ينتقل لوقا بعد ذلك مباشرة إلى طقوس أخرى: تقديم المولود الجديد إلى الرّبّ في الهيكل، وهي طقوس لم تعد مستخدمة في زمن يسوع، في حين أنّه يتجاهل طقس افتداء البكر، الّذي نصّت عليه الشّريعة (عدد ٨، ١٤–١٦)، والّذي، مع ذلك، كان القيام به ممكنًا في أيّ مكان، دون حاجة الذّهاب إلى الهيكل.

إنّ قصد الإنجيليّ هو سرد الحدث المركزيّ، أيّ الالتقاء بسمعان وحنّة، الشّيخين الأمينين للرّبّ واللّذين، بفضل طاعتهما للرّوح القدس، يتلقّيان الوحي بمجيء المسيح المنتظر وحضوره إلى الهيكل.

من جانب، تتمّ الطّاعة للشّريعة. ويتحدّث لوقا ثلاث مرّات (٢٢- ٢٤) عن طاعة مريم ويوسف لشريعة الرّبّ (“بحسب ما تنصّ عليه شريعة موسى… كما تقضي شريعة الرّبّ”).

ومن جانب آخر، نجد طاعة أخرى، وهي طاعة سمعان للرّوح القدس. في الآيات من ٢٥ إلى ٢٧، يتمّ ذكر الرّوح القدس ثلاث مرّات، وهو الّذي يحرّك خطوات سمعان للقاء المسيح المنتظر. إنّ البطل الحقيقيّ في هذا المقطع هو الرّوح القدس نفسه.

يمكننا القول بأنّ الطّاعة للشّريعة تُحرّك خطوات العائلة المقدّسة نحو الهيكل، والطّاعة للرّوح القدس تُحرّك خطوات سمعان. في تلك اللّحظة، وبمعنى ما، تلتقي الشّريعة القديمة بالرّوح القدس وبشريعته.

وها هو سمعان، الّذي يُحرّكه الرّوح القدس، يُقرّ بأنّ ذلك الطّفل هو المسيح المنتظر ويرفع صلاته إلى الرّبّ. يطلب منه أن يترك الحياة لأنّه أنهى رسالته والّتي كان عمادها انتظار الرّبّ. لقد أوحى الرّوح القدس إليه، في الواقع، بأنّه لن يرى الموت ما لم ير “مسيح الرّبّ” (الآية ٢٦). وحدث هذا بالفعل لتوّه، لأنّه انتهى زمن الانتظار.

لم يفعل سمعان شيئًا على وجه الخصوص، وليس لديه ما يتفاخر به، باستثناء قناعته بأنّ الرّبّ كان أمينًا لوعوده المجّانيّة. وقد رأى خلاص الرّبّ.

لم يرَ طفلاً وحسب، ولم يرَ مسيح الرّبّ وحسب؛ لقد رأى هذا الطّفل بعيون الرّوح القدس، رأى المسيح الّذي يُخلّص، لا بل رأى الخلاص بالذّات.

بعبارة أخرى، إنّ يسوع، الّذي أحضر إلى الهيكل كي يتمّ افتداؤه، يتمّ الاعتراف به بأنّه فادي شعبه وفادي جميع الأمم: إنّه المخلّص الأكيد والوحيد. وسيكون نورًا للجميع.  

الرّوح القدس هو الّذي أتاح لسمعان، ومن ثمّ لحنّة النّبيّة، رؤية الشّيء الّذي لم يتمكّن الحاضرون في الهيكل ملاحظته. والرّوح القدس هو الّذي يتيح لنا رؤية الخلاص الّذي يتمّ بالفعل، أيّ يسمح لنا تجاوز ما تراه عيون الجسد، لإدراك المعنى العميق للأحداث.

ويكتنف الغموض الطّريقة الّتي سيتمّ بها هذا الخلاص. وكأنّ بعض الظّلال تتقاطع مع هذه النّبوءة المشرقة. سوف يمرّ الخلاص عبر العداء والرّفض: وسوف يكون باهظ الثّمن.  

هذا الخلاص، المعلن للجميع، يصبح أيضًا علامة انقسام ومعارضة، وسببًا للرّفض. “ها إنّه جعل لسقوط كثير من النّاس وقيام كثير منهم في إسرائيل وآية معرّضة للرّفض- وأنت سينفذ سيف في نفسك لتنكشف الأفكار عن قلوب كثيرة” (لوقا ٢، ٣٤–٣٥)

وفي مواجهة هذا الخلاص، سيكون من الضّروريّ اتّخاذ موقف، والانحياز إلى طرف دون الآخر: بالنّسبة لأولئك الّذين لا يقبلونه سيكون حجر عثرة، وأمّا بالنّسبة لمن يقبلونه، سيكون قيامة وحياة.

في هذا العيد يُحتفل أيضًا باليوم العالميّ للحياة الرّهبانيّة، أيّ بأولئك الّذين يقضون حياتهم، مثل سمعان وحنّة، في انتظار اللّقاء مع الرّبّ، في الصّلاة وخدمة المحبّة. وعلى مثال الشّيخين الجليلين، يعلنون رؤية الخلاص بعيون الرّوح القدس، هذا الخلاص الّذي اختبروه وهو هبة للجميع.”

‫شاهد أيضًا‬

في خميس الأسرار…

تيلي لوميار – نورسات – مارلين صليبي هو خميس الأسرار المبارك الذي نتأمّل فيه كم…