أغسطس 7, 2021

ماذا يقول البطريرك ساكو في الذّكرى السّابعة لغزو داعش الموصل وسهل نينوى؟

في الذّكرى السّابعة لغزو داعش لمدينة الموصل وبلدات سهل نينوى، توقّف بطريرك بابل للكلدان مار لويس روفائيل ساكو وقفة أمل أمام ذاكرة جريحة ومخاوف المسيحيّين والأقلّيّات، فكتب بحسب إعلام البطريركيّة:

“تمرّ في هذه الأيّام الذّكرى السّابعة على احتلال عصابات داعش، تحت اسم “تنظيم الدّولة الإسلاميّة” لمدينة الموصل وبلدات سهل نينوى، وتهجير المسيحيّين منها. وبعد سنوات من زوال هذا الكابوس، بهمّة العراقيّين وعون المجتمع الدّوليّ، لا يزال المسيحيّون يستعيدون هذه الذّكرى بألم ومرارة. وهذا استقراء لواقع الحال، يظهر مخاوف الأقلّيّات وينشد أمل التّمسّك بالأرض والجذور.

ففي الوقت عينه، يواجه المسيحيّون، هاجس الخوف والقلق تجاه المستقبل خصوصًا أمام مؤشّرات مريبة: محاولات تغيير ديمغرافيّ لمناطقهم، عجز الحكومات المتعاقبة بالرّغم من امتلاكها المال، في معالجة خراب البنى التّحتيّة لبلداتهم: من الكنائس والمدارس والمنازل والأملاك والبطالة، وتوفير أبسط مسلتزمات معيشتهم.  ولولا الكنيسة الّتي قامت بمرافقتهم في تشريدهم مادّيًّا وإنسانيًّا وروحيًّا، وعمّرت بيوتهم، وساعدتهم على عدم فقدان الأمل بالمستقبل، لما بقي أحد منهم في العراق. لذا ونحن في الذّكرى السّابعة لنكبتهم ونكبة الإيزيديّين والأقلّيّات الأخرى، نطالب الحكومة الموقّرة أن تنظر بجدّيّة إذا كانت تريد حقًّا بقاء المسيحيّين والأقلّيّات الأخرى في العراق بالأفعال وليس بالخطابات، واستعادة حقوقهم وممتلكاتهم، لأنّ إذا ظلَّ الوضع على ما هو عليه فمستقبلهم نحو الهجرة.

هذه بعض افكار تدعم بقاء العراقيّين وبخاصّة الأقلّيّات وتواصلهم في أرضهم، أرض المحبّة والإخاء والفيسفساء الجميل والعيش المشترك:

  1. إرساء مفهوم الدّولة الحقيقيّة والقويّة (الدّولة الضّعيفة لا تخدم أحدًا)، لذا يقتضي وثبة ضمير تستجيب للحراك الشّعبيّ، وتمنح الدّولة ما تستحقه من مكانة داخليّة وعالميّة، وتتميّز بجملة ثوابت: الالتزام بالقانون، احترام المال العامّ، تطوير مؤسّسات الدّولة، العمل الجادّ لجهة رفاهيّة الشّعب، وإصلاح مسؤول لكلّ ما فعله بعض السّياسيّين من قوانين وتفسيرات على مقاس رغباتهم ومصالحهم. ومفهوم الدّولة هذا يتمخّض عنه  جملة محاوار نذكر منها:
  2. العمل على تأسيس دولة مدنيّة، دولة المواطنة، تطبّق القانون على الجميع بدون استثناء، واحترام كلّ مواطن كما يستحقّ، دون النّظر إلى دينه وعرقه، بل كونه فقط مواطنا عراقيًّا. وهذا كعلاج جذريّ للتّراجع الّذي حصل في القيم، عبر المؤسّسات الرّسميّة والمدنيّة التّربويّة والثّقافيّة والإعلاميّة ومنابر المساجد والكنائس.
  3. جمع السّلاح مقابل تعويض ماليّ منصف، والعمل لبناء جيش قويّ وقوى أمنيّة تحت قيادة موحّدة، ولاؤها للعراق والعراقيّين وهذا هو التّحدّي الأكبر.
  4. قوّة العدالة لمحاسبة الفاسدين مهما كانت درجاتهم، ومطالبتهم باسترجاع المال العامّ مع ضمان عدم محاكمتهم كما يحصل حاليًّا في تونس!
  5. إعتبار الدّين، كلّ الأديان مسألة خاصّة بين الإنسان وربّه، مع الحقّ في ممارسة الشّعائر الدّينيّة بحرّيّة وأمان. إعتبار يقرّ بأنّ هناك أمور عقائديّة ثابتة في الأديان، إزاء أمور اجتماعيّة يتحتّم على المرجعيّات الدّينيّة تجديدها وإصلاحها لتتلاءم مع الزّمن الحاضر، ولا تفرض مترتّباتهم على عموم المواطنين.
  6. مواجهة التّطرّف والإرهاب، بمنع خطابات الكراهيّة و تجريم ومحاسبة من يتبنّاها ويروج لها، وتجديد مناهج التّربية ونشر ثقافة الحرّيّة، والعقل والتّنوير، والاختلاف، عبر عمل ميدانيّ على أرض الواقع.

أخيرًا وليس آخرًا، إنّي كبطريرك على الكنيسة الكلدانيّة، في العراق والعالم، متعاضدًا مع تطلّعات سائر الكنائس في العراق، وبصفتي كردينالاً في الكنيسة الكاثوليكيّة الجامعة، أؤكّد أنّي لا أكتفي بالمناشدات محلّيًّا، بل أبلّغ صوتي عبر المنابر العالميّة، أسوة بأصوات معروفة في ظروف مماثلة.

حفظ الله عراقنا والعالم بسلام وأمان وعدالة”.

‫شاهد أيضًا‬

بطريرك الأقباط الكاثوليك يهنئ الأمين العام المساعد الجديد لدائرة الكنائس الشرقية بالفاتيكان

بطريرك الأقباط الكاثوليك يهنئ الأمين العام المساعد الجديد لدائرة الكنائس الشرقية بالفاتيكا…