يسوع “ماء” الحياة
تيلي لوميار/ نورسات
الماء… حاجة في كلّ المواسم والفصول، ولكن في فصل الصّيف يطلبه الجسم بشكل أكبر لكي يرطّبه ويعطيه الطّاقة مخفّفًا من آثار الحرّ على الإنسان.
هذا ويمنح البشرة نضارة ولمعانًا، يحافظ على بريق العينين، يجدّد خلايا الجسد وينظّم حرارته، يرطّب الجلد، يخلّص الدّمّ من السّموم والرّواسب، ينشّط الجهاز الهضميّ ووظائف الكلى ويعوّض عن السّوائل الّتي يخسرها الإنسان يوميًّا. ولكن مقابل هذا الماء الّذي لا يروي الظّمأ إلى الأبد، هناك “ماء الحياة” حاجة المؤمن في كلّ يوم، والّذي إن شربناه لن نعطش أبدًا، فهل ندرك كمسيحيّين مفاعيل هذا الماء؟
لنعد معًا إلى سفر التّكوين، وتحديدًا إلى الآية الثّانية من الإصحاح الأوّل: “وكانت الأرض خربة وخالية، وعلى وجه القمر ظلمة، وروح الله يرفّ على وجه المياه”، وفيها تظهر الأرض خاوية لا حياة فيها، مغمورة بالمياه، وإذا بالرّوح يرفّ على تلك المياه ليخلق منها الرّبّ عالمًا صالحًا وجميلًا؛ فالمياه هنا أعطت حياة.
وأسفار العهد القديم غنيّة كذلك بالآيات الّتي تشير إلى الله نبع الحياة: “وتستقون المياه من ينابيع الخلاص مبتهجين” (أشعيا 12/3)، “تركوني أنا ينبوع المياه الحيّة وحفروا لأنفسهم آبارًا مشقّقة لا تُمسك الماء” (إرميا 2/13)؛ وإلى الرّبّ ينبوع الحكمة: “لقد تركتَ ينبوع الحكمة ولو أنّك سلكت طريق الله لسكنتَ في السّلام للأبد” (باروك 3/12)؛ وتشير إليه كمصدر الرّوح “إنّي أفيض روحي على ذرّيّتك وبركتي على سلالتك فينبتون كما بين العشب كالصّفصاف على مجاري المياه” (أشعيا 44/3).
وكذلك لا يخلو العهد الجديد من الإشارة إلى مفاعيل المياه الرّوحيّة. ففي عرس قانا الجليل، كان الماء العنصر الأساسيّ في أوّل آية صنعها يسوع الّذي طلب من الخدم أن يملأوا الأجران ماء وحوّله “خمرة جيّدة”. وفي ذلك دلالة على أنّ الرّبّ قادر أن يملأ كلّ فراغات حياتنا بالنّعمة ويحوّل الماء الّذي قد يبدو من دون طعم إلى خمر لذيذ.
وكذلك في لقاء يسوع والسّامريّة، نرى يسوع يطلب الماء من المرأة الّتي تعجّبت كيف أنّ يهوديًّا يخالط سامريّة فأجابها: “لو كنتِ تعرفين عطاء الله ومن هو الّذي يقول لكِ: اسقيني، لسألته أنتِ فأعطاكِ ماءً حيًّا” (يو 4/10)، و”الّذي يشرب من الماء الّذي أعطيه إيّاه يصير فيه عين ماء يتفجّر حياة أبديّة” (يو 4/ 14).
الماء ينقّي إذًا ويطهّر، يمنح قلبًا جديدًا ويجعل فيه روحًا جديدة. هذه الولادة الجديدة تتجلّى أيضًا في المعموديّة. فيوحنّا المعمدان عمّد النّاس بالماء داعيًا إيّاهم إلى التّوبة، حتّى المسيح تعمّد من الماء والرّوح وصار العماد سرًّا ينقّي الإنسان بصورة أعمق فيزيل قذارة الخطيئة، ويجذّر المؤمن بالمسيح.
الأمثلة كثيرة، ولكن كلّها تقود إلى نتيجة واحدة فالحياة تبدأ من مصدر واحد: يسوع “ماء” الحياة.
ندوة توعية حول العنف القائم على النوع الاجتماعي في عكار برعاية كاريتاس وصندوق الأمم المتحدة للسكان
ندوة توعية حول العنف القائم على النوع الاجتماعي في عكار برعاية كاريتاس وصندوق الأمم المتحد…