فبراير 15, 2022

يوحنّا العاشر: مشكلة المشاكل في حياتنا هي عندما يستكبر الإنسان ويتعالى

تيلي لوميار/ نورسات

يوحنّا العاشر مشكلة المشاكل في حياتنا هي عندما يستكبر الإنسان ويتعالى

في عظة ألقاها في نهاية قدّاس أحد الفرّيسيّ والعشّار الّذي أقيم افي دير سيّدة البلمند البطريركيّ وترأّسه رئيس الدّير الأرشمندريت رومانوس الحنّاة، بمشاركة عميد معهد القدّيس يوحنّا الدّمشقيّ اللّاهوتيّ في جامعة البلمند الأرشمندريت يعقوب خليل ولفيف من الكهنة والشّمامسة، أشار بطريرك الرّوم الأرثوذكس يوحنّا العاشر إلى أنّ مشكلة المشاكل اليوم هي تعالي الإنسان.

وفي هذا السّياق، قال البطريرك يوحنّا العاشر وفقًا لإعلام البطريركيّة الرّسميّ: “التّرتيلة اللّافتة، اليوم، في كتاب التريودي، في هذا الأحد الأوّل من آحاد التّهيئة للصّوم الكبير، تقول: “لا نُصَلِّيَنَّ، يا إخوةُ، فَرِّيسِيًّا…”، أيّ: لا نُصَلِّيَنَّ كالفرّيسيّ الّذي استكبر وترفّع واستصغر الآخرين الّذين هم أمامه؛ بل، فلنتّضعْ أمام الله، ولنصرخْ هاتفين: “أللّهمّ، ارحمْني أنا الخاطئ!”؛ لأنّ هذا الكلامُ يفترض أنّ الإنسانَ يرجع إلى ذاته، ويعرف نفسه، ويُقِرُّ بخطئه وبضعفه وبنواقصه، ويطلب رحمة الرّبّ.

هذا الكلام هو طريق السّلام والخلاص لنا جميعًا، سواءٌ أكان على الصّعيد الفرديّ، أو الجماعيّ، أم على صعيد بَلدِنا، أو حتّى كنيستنا.

العشّار اتّضع وتذلّل أمام الله وطلب رحمته. وبالإتّعاظ من هذا الموقف، فإنّ مشكلتنا نحن البشر، مع ذاتِنا، في بيوتنا، في عائلاتنا، في مجتمعاتنا، في بلادنا، وأينما كنّا، هي عندما يترفّع الواحدُ منّا ويستعلي. نعم، المشكلة الأساسيّة، في حياة كلٍّ منّا، عندما يستصغر الآخرين الّذين أمامه، ويرى نفسه أحسن منهم كلّهم، ولا يتّضع.

نقول بالعامّيّة: “الإنسان ما بِحِطّها ع الواطي”. مشكلة المشاكل في حياتنا هي عندما يستكبر الإنسان ويتعالى. عندما تسمعون ببعض الإشكالات الّتي تحصل، فرديّة وعامّة- وهناك أمورٌ عديدة مطروحة علينا وتحدّيات كثيرة حتّى في الكنيسة- المشكلة هي الاستكبار. الإنسان عندما يرفع رأسه، ولا يقبل أن يُخفضَه أمام الرّبّ، حينئذ، عليه أن يتوقّع الشّرّ بدلاً من انتظار الخير.

تلاحظون أنّنا نواجه تحدّيات وصعوبات في حياتنا، وفي مجتمعاتنا. أنظروا الوضع المعيشيّ: لا يستطيع النّاس أن يأكلوا، ولا يفكّروا سوى بكيفيّة تأمين الخبز والكهرباء والمازوت… إلى هذا الحدّ بات الوضع صعبًا، في منطقتنا، من النّواحي الحياتيّة والمعيشيّة. وللأسف، فوق كلّ هذا، هناك بعض القضايا الكنسيّة، الدّاخليّة والعالميّة، تُسبّبُ العثرةَ للنّاس.

العثراتُ لا تَليق! الخصوماتُ لا تَليق! مِنْ غيرِ المقبول أن يكون هناك- لا سمح الله- فسادٌ في الكنيسة، أو أخطاءٌ غيرُ مقبولة. دعونا نفكّر ونحلّل: ما هو سبب هذا الفساد؟ ما هو سبب هذه البلبلات؟ السّبب هو الإنسان الّذي يرفع رأسه، ولا يُخفض رأسه؛ وهذا أكبرُ خطيئة.

في أحيان كثيرة، يخطئ الإنسان، والرّبّ يسامحه، ويقوم الإنسان ويتوب، ويمشي إلى الأمام ويتجدّد، ولا تُحسَب عليه خطيئتُهُ؛ لأنّ ربَّنا رحيمٌ ورؤوف؛ ولهذا وُضع سرّ التّوبة. لكنّ المشكلة في العناد، عندما لا يقرّ الإنسان بخطيئته، ويبقى معاندًا نفسه ومعاندًا ربّه ومعاندًا النّاس أجمعين؛ فهذه هي الخطيئة الكبيرة.

كلّ إنسان يُخطئ: “من منكم بلا خطيئة فليرجمْها أوّلًا بحجر!” (يوحنّا 8: 7). القضيّة أن نتوب، وأن نتّضع. أن نُخفض رأسنا ونقول: “يا ربّ رحمتك!”. لأنّه عندما تكون قاسيَ القلب وعنيدًا ومترفّعًا، ولا تقول: “يا ربّ ارحمني أنا الخاطئ”، فهذا هو التّجديف على الرّوح القدس؛ وهذا فعلُ عدمِ الرّجاء؛ ونحن نعيش على الرّجاء.

نحن نعيش على طلب رحمة الرّبّ، وعلى التّجديد الدّائم، على التّوبة عن الخطيئة، على نسيان الماضي، وعلى أن نسير نحو الأمام ونحو النّور. فليُعْطِنا الرّبُّ، جميعًا، هذه النّعمة كي نعودَ إلى أنفسِنا، ونُدركَ، في داخلنا، أنّ علينا أن نتّضع. هذه هي مسيرةُ الخلاص أينما كنّا: في الكنيسة، في المجتمع، في البلد، في لبنان، في سوريا، في كلّ الشرق الأوسط وفي العالم…

نحن نصلّي من أجل أوضاعنا، ونصلّي من أجل أوكرانيا، بسبب التوتّر الكبير الحاصل هناك، حيث النّاس خائفون من حربٍ..

ونحن نصلّي من أجل السّلام، ومن أجل الاطمئنان، ومن أجل الرّاحة والهدوء، ومن أجل أن يتواضع الإنسان؛ وخصوصًا أصحاب القرار والمعنيّين، في هذا العالم، لكي يَسُوسُوه من أجل خَيْرِ العِبَاد.

أَلا أَعطانا الرّبُّ، في هذه الفترةِ المقبلة، فترةِ التّهيئةِ للصّوم، أن تتحقّق هذه العودةُ للنّفس. وأن يتّضعَ كلُّ واحدٍ منّا، وأن يعرف- مهما كان قويًّا وجبّارًا- أنّ عليه أن يطلب رحمات الرّبّ، ويصرخ: “أللّهم، ارحمْني أنا الخاطئ”.”

‫شاهد أيضًا‬

بطاركة ورؤساء كنائس القدس يجدّدون النداء من أجل السلام في الأرض المقدّسة

بطاركة ورؤساء كنائس القدس يجدّدون النداء من أجل السلام في الأرض المقدّسة | Abouna جدّد الب…