بيتسابالا: يسوع يلغي كلّ التّصنيفات، فالجميع مدعوّون لأن يكونوا إخوة
تيلي لوميار/ نورسات
عشيّة الأحد الرّابع والعشرين من الزّمن العاديّ، يؤكّد بطريرك القدس للّاتين بييرباتيستا بيتسابالا أنّ يسوع لا يصنّف البشر، بل بالنّسبة إليه الجميع متساوون وهو مدعوّون إلى الأخوّة.
ولشرح هذه الفكرة أكثر، تأمّل بيتسابالا بإنجيل لوقا 15، 10- 32، فكتب بحسب الموقع الإلكترونيّ لبطريركيّة القدس للّاتين:
“يمكننا قراءة المقطع الإنجيليّ لهذا الأحد (لوقا ١٥، ١–٣٢) في ضوء الآية الأولى منه: “وكان العشّارون والخطأة يدنون منه جميعهم ليسمعوه”.
وبالتّالي، فإنّ المقطع يُفتتح بشكل يجعلنا نرى أنّه حيث يتواجد يسوع، يكون العشّارون والخطأة أيضًا، وهم يدنون منه كي يسمعوه.
نتوقّف، ضمن هذه الآية القصيرة، عند صفة مُستخدمة، تُشير إلى هذه الفئة من الأشخاص الّذين يدعوهم الإنجيليّ “عشّارون وخطأة”، قائلاً بأنّهم جميعًا يقتربون من يسوع: “جميعًا”.
ويمكننا القول إنّ كلمة “الجميع” هي الّتي يشكّك فئة ثانية من الأشخاص الحاضرين في المشهد، تتكوّن من الفرّيسيّين والكتبة: وما يشكّكهم هو هذا بالتّحديد، أيّ أنّ يسوع يرحّب بالخطأة، لأنّ يسوع يرحّب “بالجميع”.
ويعبّر يسوع عن هذا التّرحيب بثلاثة أمثال يرويها يسوع ببراعة.
نجد، في المثل الأوّل، رجلاً لديه مائة خروف ويفقد واحدًا منها. ومن ثمّ يترك التّسعة والتّسعين للبحث عن الخروف الوحيد الضّالّ. يجده، ويعيده إلى البيت، يعيده بمعيّة الخرفان الأخرى؛ يبدو أنّه لا يهدأ له بال إلى أن يستعيد الجميع من جديد.
ويدور المثل الثّاني حول إمرأة لديها عشرة دراهم، تفقد واحدًا منها؛ هي أيضًا تمضي بحثًا عن الدّرهم المفقود ولا يهدأ لها بال إلى أن يكون معها الدّراهم العشرة من جديد، إلى أن تحصل عليها جميعها.
في المثل الثّالث هناك أب. ولهذا الأب ابنان، يذهب أحدهما إلى بلد بعيد. وبعد أن عاش مختلف ألوان الحياة، يعود؛ ولكن في هذه المرحلة يغادر الابن الآخر البيت، لا يريد أن يبقى في البيت بمعيّة الأخ الّذي عاد لتوّه. ولا ينعم والد هذين الإبنين بالسّلام، إلى أن يكون كلاهما معه مرّة أخرى.
بإستخدام مفتاح القراءة هذا، يصبح من الواضح لنا أنّ المشكلة موجودة هنا، في كلمة “الجميع”.
من ناحية، هناك الرّبّ الّذي يحمل في قلبه الرّغبة في الخلاص، الخلاص للجميع.
لقد سمعنا ذلك يُدوّي ابتداءً من الصّفحات الأولى لبشارة لوقا: عندما يتمّ تقديم يسوع للرّبّ في الهيكل من قبل أبويه، أيّام قليلة بعد ولادته، يراه شيخ ممتلئ من الرّوح القدس، ويرى فيه تلك الهبة الّتي يُقدّمها الرّبّ للبشر من أجل خلاص جميع الأمم (لوقا ٢، ٣١).
ومن الجانب الآخر، هناك الرّجل المنقسم بين اتّجاهين متعارضين في الظّاهر: فهناك الرّجل الضّائع، مثل الابن الأصغر؛ وهناك الإبن المتعثّر الّذي يرفض اعتباره من بين الأشخاص الضّالّين. إنّه أحد أولئك الّذين يعتقدون بأنّهم يستحقّون الخلاص، مثل الفرّيسيّين الّذين نجدهم في الآية الأولى.
كلاهما يخطآن، خطأً جليًّا للعيان.
يعتقد أصحاب الفريق الأوّل أنّه لم يعد لهم الحقّ في العودة إلى البيت؛ ويعتقد الفريق الآخر أنّهم الوحيدون الّذين لديهم هذا الحقّ. وكلاهما يُخطئان لأنّه ليس لأيّ منهم الحقّ، ولكن هذا البقاء في البيت هو عبارة عن نعمة وحياة.
وبالتّالي، فإنّ رغبة الرّبّ في الخلاص هذه لا يمكن تحقيقها سوى ضمن مسيرة يعود الإنسان فيها للعيش في أخوّة لا تستثنى أيّ أحد منها، وهي مسيرة يتخلّى الإنسان فيها عن تحديد من لديه الحقّ في أن يخلص، ومن ليس لديه هذا الحقّ.
ولهذا يُلغي يسوع كلّ التّصنيفات: بالنّسبة له لا يوجد فرّيسيّون، وعشّارون، وخطأة، بل جميعهم أبناء على قدم المساواة، ضالّون وموجودون، مدعوّون لأن يكونوا إخوة، وإلى تشكيل هذه العائلة الجديدة، الّتي يوجد فيها مكان للجميع.
في رحلته إلى أورشليم، يتّخذ يسوع اليوم خطوة أخرى، ويضيء معنى مسيرته مرّة أخرى: في أورشليم، سوف يبذل حياته من أجل الجميع، بحيث يتمّ جمع البشريّة المشتّتة والمنقسمة مرّة أخرى في عائلة واحدة، بدون تقسيمات وتصنيفات وفروقات.
ولكن لقبول هذه التّجديد المشكّك هناك الباب الضّيّق الّذي يتمّ اجتيازه للدّخول إلى البيت: كما رأينا في الآحاد الماضية (راجع الأحد الحادي والعشرين، السّنة ج)، الّذي يبقى في الخارج ليس هو من قد أخطأ، بل من يعتقد أنّه متقدّم ومميّز على الآخرين، وأنّه يستحقّ شيئًا أكثر، ومن يشعر بالغيرة والحسد من ذلك الأخ الّذي رحّب به الأب في البيت مجّانًا وبشكل احتفاليّ فريد.”
أبو كسم تعليقاً على فيديو كاهن مزرعة يشوع: السلاح الحقيقي للكنيسة هو الصلاة
أبو كسم تعليقاً على فيديو كاهن مزرعة يشوع: السلاح الحقيقي للكنيسة هو الصلاة اوضح رئيس المر…