‫‫‫‏‫3 أسابيع مضت‬

البابا لاوُن الرابع عشر يوجه رسالة إلى المشاركين في المؤتمر الصناعي الأرجنتيني

فاتيكان نيوز

العقيدة الاجتماعية للكنيسة، الرسالة العامة Rerum Novarum، الحق في الأجر العادل والعيش بكرامة، إمكانية وضرورة انطلاق قطاع الأعمال من محبة الله والقريب. كانت هذه من بين أهم النقاط التي تحدث عنها البابا لاوُن الرابع عشر في رسالة وجهها إلى المشاركين في المؤتمر الصناعي الأرجنتيني الحادي والثلاثين الذي يُعقد اليوم الخميس.

يُعقد اليوم الخميس ١٣ تشرين الثاني نوفمبر في بوينس أيرس المؤتمر الصناعي الأرجنتيني الحادي والثلاثون. ولهذه المناسبة وجه البابا لاوُن الرابع عشر رسالة بدأها بتحية المشاركين في هذا اللقاء وتوجيه الشكر إلى منظميه على دعوتهم قداسته إلى توجيه رسالة. وأضاف الأب الأقدس أن هذا الحدث يشكل فرصة للتأكيد على أن الاقتصاد وقطاع الأعمال حين يهتمان بالخير العام يمكنهما أن يكونا محركا للمستقبل والدمج والعدل.

عاد قداسة البابا بعد ذلك إلى الرسالة العامة Rerum Novarum للبابا لاوُن الثالث عشر من عام ١٨٩١، فقال إن هذه الوثيقة وفي استمرارية مع تدخلات أخرى للتعليم قد كانت حدثا مؤسِّسا للعقيدة الاجتماعية للكنيسة في شكلها الحالي، حيث سلطت هذه الرسالة العامة الضوء على الظروف غير العادلة للكثير من العاملين كما وشددت بقوة على أن ليس من العدل ولا من الإنسانية أن يُطلب من الإنسان عمل كثير بشكل يرهق العقل والجسد. وتتحدث الوثيقة من جهة أخرى عن الحق في الأجر العادل وتأسيس الجمعيات والعيش بكرامة. وأوضح قداسة البابا أن هذا التعليم الذي ظهر في فترة تغيرات صناعية كبيرة يتواصل في آنية مذهلة في العالم المعولَم الذي نعيش فيه، حيث يستمر في حالات كثيرة الانتقاص من كرامة العاملين.

وواصل قداسة البابا أن الكنيسة تُذكِّرنا بأن الاقتصاد ليس هدفا في حد ذاته، بل هو عنصر أساسي ولكن جزئي في النسيج الاجتماعي الذي يتطور فيه مشروع المحبة الذي لدى الله لكل كائن بشري. وأضاف الأب الأقدس أن الخير العام يقتضي ألا يسير الإنتاج والربح بشكل منعزل، بل أن يوجَّها لصالح التعزيز المتكامل لكل رجل وكل امرأة. ولهذا، قال البابا لاوُن الرابع عشر، فإن سلفي البابا لاوُن الثالث عشر قد أكد أن في حال حصول العاملين على أجور عادلة فإن هذا لا يمَكنهم فقط من إعالة أسرهم بل وأيضا من التطلع إلى ملكية صغيرة وأن يحبوا بشكل أكبر الأرض التي يزرعونها بأيديهم. وذكَّر الأب الأقدس بحديث سلفه من جهة أخرى عن أنه لا يمكن لمن لديهم وفرة مادية، أي للأغنياء، التأثير على المدخرات الصغيرة لمن هم أقل ثراءً، وأشار إلى أن هذا الكم الصغير هو مقدس بالنسبة لمن لديهم القليل لإنه مصدر عيشهم. وأضاف البابا لاوُن الرابع عشر أن كلمات سلفه هذه تبدو تحديا مستمرا لإنها تدعونا إلى ألا نقيس نتائج عمل الشركات بمقاييس اقتصادية فقط، بل وأيضا بمعيار القدرة على تحفيز التنمية البشرية والتلاحم الاجتماعي والعناية بالخليقة.

إن هذه الرؤية تشهد في الأرجنتين، حسبما تابع قداسة البابا، مثالا منيرا في المُكرَّم خادم الله إنريكي شو الذي كان رجل أعمال واعيا بكون قطاع الأعمال ليس مجرد سلسلة إنتاجية أو وسيلة لجمع رأس المال، بل جماعة من أشخاص مدعوين إلى النمو معا. وقد تميزت إدارته بالشفافية والقدرة على الإصغاء والالتزام من أجل أن يتمكن كل عامل من الشعور بأنه جزء من مشروع مشترك. وأضاف البابا لاوُن الرابع عشر ان في خادم الله إنريكي شو اجتمع الإيمان بإدارة الشركات بشكل متناغم ما أكد أن العقيدة الاجتماعية للكنيسة ليست نظرية مجردة أو يوتوبيا غير قابلة للتحقيق، بل هي مسيرة ممكنة تُبَدِّل حياة الأشخاص والمؤسسات من خلال جعل المسيح في مركز كل نشاط بشري.

وتابع قداسة البابا مذكِّرا بأن رجل الأعمال الأرجنتيني هذا قد عزز الأجور العادلة وأطلق مشاريع تكوينية، هذا إلى جانب اهتمامه بالأوضاع الصحية للعاملين والاحتياجات الملموسة لهم ولعائلاتهم. ولم يكن العائد بالنسبة لخادم الله إنريكي شو هدفا مطلقا، بل عاملا هاما لدعم شركة إنسانية وعادلة وتضامنية، قال البابا لاوُن الرابع عشر وأضاف أن في كتابات وقرارات خادم الله يمكن أن نلمس بوضوح الاستلهام من الرسالة العامة Rerum Novarum والتي تطالب رجال الأعمال بألا يعتبروا الفقراء عبيدا، بل عليهم أن يحترموا فيهم كرامة الشخص التي تسمو بها المسيحية. وتابع قداسة البابا أن التزام خادم الله إنريكي شو لم يقتصر على ممارسته لعمله، بل لقد عرف الاضطهاد بسبب البِر الذي تحدث عنه المسيح (راجع متى ٥، ١٠)، حيث سُجن خلال فترة التوتر السياسي وقد قبل هذه الخبرة بسلام وسكينة. ثم واجه في فترة لاحقة المرض لكنه لم يتوقف عن العمل ومساعدة الآخرين. لقد وهب معاناته لله كفعل محبة وظل رغم مرضه قريبا من العاملين لديه.

وواصل البابا لاوُن الرابع عشر حديثه عن خادم الله إنريكي شو قائلا إن معاناته من أجل المحبة والعدالة وفي أمانة لمبادئ الخدمة والتقدم البشري، والتي وصفها في كتاب له بواجبات على مَن يدير شركة، قد جعلته مثالا آنيا للجميع في دنيا العمل. كما وتثبت حياته أن بالإمكان الكون رجل أعمال وقديسا وأن الفعالية الاقتصادية والأمانة للإنجيل لا يستبعدان إحداهما الأخرى وأن المحبة يمكنها أن تتغلغل أيضا داخل البنى الصناعية والمالية.

وفي نهاية رسالته إلى المشاركين في المؤتمر الصناعي الأرجنتيني الحادي والثلاثين، الذي يًعقد اليوم الخميس ١٣ تشرين الثاني نوفمبر في العاصمة بوينس أيرس، قال البابا لاوُن الرابع عشر إن القداسة يجب أن تزهر تحديدا أينما تُتخذ قرارات تؤثر على حياة الآلاف من العائلات. وواصل أن العالم يحتاج بشكل ملح إلى رجال أعمال ومدراء يعملون، انطلاقا من محبة الله والقريب، لصالح اقتصاد في خدمة الخير العام. ثم أعرب قداسة البابا في رسالته عن الرجاء أن يكون هذا المؤتمر الصناعي فسحة لتجديد الالتزام من أجل صناعة إنسانية في المقام الأول، قادرة على دعم تنمية شعوبنا بدون ترك أحد في الخلف.  وختم البابا موكلا الجميع إلى شفاعة القديس يوسف العامل ثم منحهم البركة الرسولية.

‫شاهد أيضًا‬

نشاط البطريرك الرّاعي لليوم الجمعة في بكركي

تيلي لوميار/ نورسات إستقبل البطريرك المارونيّ الكاردينال مار بشارة بطرس الرّاعي في الصّرح …