ابراهيم في عيد دخول المسيح إلى الهيكل: دع انتظارك يكون سمعانيًّا في هيكل صلاة وقداسة وثقة وتسليم
ترأّس راعي أبرشيّة الفرزل وزحلة والبقاع للرّوم الملكيّين الكاثوليك المطران ابراهيم مخايل ابراهيم صلاة الغروب والقدّاس الإلهيّ ورتبة تبريك الشّموع، لمناسبة عيد دخول السّيّد المسيح إلى الهيكل، في كاتدرائيّة سيّدة النّجاة- زحلة، بمشاركة المطران عصام يوحنّا درويش، النّائب الأسقفيّ العامّ الأرشمندريت نقولا حكيم، الأرشمندريت عبدالله عاصي والآباء طوني رزق والياس ابراهيم، بحضور المؤمنين.
بعد الإنجيل المقدّس، ألقى ابراهيم عظة تناولت معاني العيد فقال: “اليوم عيد دخول السّيّد المسيح إلى الهيكل. دعونا معًا في هذه الكاتدرائيّة نتأمّل ببعض معاني العيد. لمّا صار عمر يسوع 40 يومًا حملوه يوسف ومريم وأخذوه إلى أورشليم ليطبّقا الشّريعة الّتي بحسبها على كلّ ابن بكر أن يتكرّس لله (يُدعا قدّوسًا للرّبّ) ويُقدّم عنه ذبيحة عنه (يعني مثل النّذر) بحسب ناموس الرّبّ زوج حمام أو فرخي يمام.
لهذا العيد أيقونة اسمها أيقونة اللّقاء لأنّه هالعيد عيد اللّقاء أيضًا. لقاء سمعان الشّيخ مع الطّفل يسوع.
فلمّا حمل سمعان يسوع على يديه، انتهى زمنان: زمن الهيكل وزمن الانتظار.
أوّل زمن انتهى هو زمن هيكل سليمان: لمّا سمعان الشّيخ حمل يسوع بالهيكل على يديه، ما عاد بحاجة لهيكل سليمان لأنّ المسيح المخلّص ظهر وهو الهيكل الحقيقيّ. المسيح هو الهيكل الّذي فيه يلتقي الإنسان بالله. من رآني فقد رأى الآب يقول يسوع. أنا والآب واحد. وفي مكان ثان يقول “اأُنقضوا هذا الهيكل، وفي ثلاثة أيّام أُقيمه” (يوحنّا 2: 19). وأيضًا في مكان آخر يسوع يقول: سَتَأْتِي ساعَةُ وهي الآن حاضرة الَّتِي فِيهَا تَعْبُدُونَ الآبَ لَا فِي هَذَا الْجَبَلِ وَلا فِي أُورُشَلِيمَ. … حِينَ يَعْبُدُ الْعَابِدُونَ الصَّادِقُونَ الآبَ بِالرُّوحِ وَالْحَقِّ. (يوحنّا 4).
سمعان الشّيخ أدرك هذه الحقيقة وأعلن أنّ الطّفل الّذي بين يديه هو المخلّص. المسيح المنتظر. “فإنّ عيني قد أبصرتا خلاصك، نورًا ينجلي للأمم ومجدًا لشعبك”.
ولما حمل سمعان يسوع على يديه، انتهى زمن ثان وهو زمن الانتظار.
سمعان رأى بحلم أحدًا يقول له: “إنك لن تعاين الموت حتّى ترى عمّانوئيل هذا مولودًا من عذراء. لما كبر خسر نظره لكن لمّا حمل السّيّد المسيح على ذراعيه أبصر. وأنشد مثل ما سمعنا بالإنجيل: ٱلآنَ تُطلِقُ عَبدَكَ أَيُّها ٱلسَّيِّدُ عَلى حَسَبِ قَولِكَ بِسَلامٍ، فَإِنَّ عَينَيَّ قَد أَبصَرَتا خَلاصَكَ، ٱلَّذي أَعدَدتَهُ أَمامَ وُجوهِ ٱلشُّعوبِ كُلِّها، نورًا يَنجَلي لِلأُمَمِ، وَمَجدًا لِشَعبِكَ إِسرائيل.
بلحظة لقاء سمعان مع يسوع انتهى زمن انتظاره. والإنتظار أصعب من الموت. كلّنا يخنقنا الانتظار. كلّنا ننتظر شيئًا. الصّغير يركض ليكبر والكبير يتمنّى أن يرجع صغيرًا. “ما حدا راضي بحاضرو بسبب خوفو من اللّي جايي”. الإنتظار يسرقنا من فرحنا ويغرّبنا عن ذاتنا. حتّى لو كان الحاضر حلوًا يصير مرًّا لأنّ الاهتمام بالغد يتحوّ إلى همّ. هذا سرّ وسبب سعادتنا الضّائعة وهو أنّنا لا نعرف كيف ننتظر. نحن نقضي العمر منتظرين وغير عالمين بما ينتظرنا ولا ما ننتظره. الطّفولة انتظار الشّباب، والشّباب انتظار النّجاح، والكهولة انتظار الرّاحة، والشّيخوخة أصعب وأطول الانتظارات. كلّما زاد في العمر الانتظار الحزين، الانتظار السّلبيّ، الانتظار المرّ، كلّما قصر العمر وقصرت إيّامنا. هل تريد عمرًا ملئيًا، طويلًا ولو سنينه قليلة، بجب أن تتعلّم معنى الانتظار الإيجابيّ ومعنى الفرح.
إذا فهمت الانتظار وعشت جماله تجد مفتاح السّعادة. لا يعود الانتظار صعبًا عندما تعيش مسبقًا طعم اللّقاء. سمعان قال “الآن تطلق عبدك أيّها السّيّد…” تُطلق، إطلاق، كلمة تُقال عن سجين، عن أسير، عن مخطوف. ويمكن أن ينطبق هذا الأمر علينا جميعًا إلى حدّ كبير. فكلّنا أسرى ننتظر أن تنفتح لنا أبواب الفرج. يمكن الفرق بيننا وبين سمعان أنّه كان يعلم ماذا ينتظر.
كان سجين وعد إلهيّ وسجن الله قضبانه نسمة طريّة. اللّقاء مع ألله إذا ما أطلقنا وما حرّرنا يكون وهمًا.
نطوّر بإيمان لأنّ الله لا ينكس بوعده. لماذا السّرعة؟ كلّ ساعة تقابلها ساعة ومهما تأخّر الوقت ستدقّ السّاعة. كن سمعان ولا تموت قبل أن تحمل الله على يديك، يعني بقلبك وفكرك ولسانك ووجدانك. كن سمعان ولا تموت قبل أن ترى عيناك الخلاص بيسوع المسيح وقبل أن ترى النّور المتجلّي في زواياك المعتّمة. لا تترك فراغًا يقتلك. دع انتظارك يكون سمعانيًّا في هيكل صلاة وقداسة وثقة وتسليم. سمعان كان بالإيمان يلتقي بيسوع كلّ يوم. لم يكن لديه فراغ. الشّوق ملأ قلبه. لم يملّ ولم ييئس ولم يكفر بل صبر بالأمل والرّجاء.
نحن اليوم نستطيع أن نلتقي بيسوع أكتر من سمعان. بالإيمان. لقاؤنا معه تمّ بالمعموديّة ويتمّ كلّ ما تناولنا جسده ودمه. لقاؤنا مع يسوع يتمّ عندما نعيش حياتنا حسب إرادته ويكون ضميرنا طاهرًا ومنزّهًا عن الأحقاد، عندها يكون دخول السّيّد إلى الهيكل دخوله إلى كلّ قلب من قلوبنا لتكون بدورها هياكل لله.”
وفي نهاية القدّاس أقيمت رتبة تبريك الشّموع.
ندوة توعية حول العنف القائم على النوع الاجتماعي في عكار برعاية كاريتاس وصندوق الأمم المتحدة للسكان
ندوة توعية حول العنف القائم على النوع الاجتماعي في عكار برعاية كاريتاس وصندوق الأمم المتحد…