البابا فرنسيس: السعادة ليست في تكديس الثروة بل في تطبيق التطويبات
التطويبات، وتحديدا “طوبى لِفُقراءِ الرُّوح فإِنَّ لَهم مَلكوتَ السَّمَوات”،
كانت محور رسالة وجهها البابا فرنسيس إلى المشاركين في لقاء تنظمه الأكاديمية الحبرية للعلوم الاجتماعية.
تنظم الأكاديمية الحبرية للعلوم الاجتماعية يومَي ٣ و٤ تشرين الأول أكتوبر لقاءً بعنوان “المحبة، الصداقة الاجتماعية والقضاء على الفقر. علوم وأخلاقيات السعادة”. وإلى المشاركين في هذا اللقاء وجه قداسة البابا فرنسيس رسالة ذكَّر في بدايتها بحديث القديس أغسطينوس عن أن كل كمال حياتنا يوجد في عظة يسوع على الجبل والتي يتحدث فيها عن الهدف الذي يقودنا إليه، أي وعد السعادة والتي هي أكثر ما يتطلع إليه الكائن البشري.
وتابع البابا أن الرب يعد بالسعادة مَن يريدون العيش بأسلوبه، إلا أن البشر يختلفون في أحكامهم حول السعادة، فيرغب البعض في شيء ما ويرغب آخرون في أشياء أخرى. وأضاف أننا اليوم نواجه نموذجا ينشره الفكر الأوحد يَعتبر السعادة هي المنفعة، ووصف الأب الأقدس هذا بشكل من استعمار إيديولوجي حيث تُفرض إيديولوجية ترى أن السعادة هي فقط فيما هو مفيد، في الأشياء والخيور ووفرتها، في التعطش إلى المال، إيديولوجية تستغل خوف الأشخاص من افتقادهم لما هو ضروري لتصبح هناك رغبة مبالغ فيها لامتلاك الثروة، وهو ما يسيمه القديس بولس الجشع. وأضاف البابا فرنسيس أن هذا الجشع يمكن أن نجده لدى الأشخاص أو العائلات أو الدول وخاصة الأكثر غنى، وتحدث بالتالي عما يسببه هذا الوضع من معاناة كبيرة وما يشكل من تهديد لكرامة الأشخاص وكوكبنا، بيتنا المشترك.
توقف الأب الأقدس بعد ذلك عند ما يميز عالم اليوم من غنى لم نشهده من قبل، ومع ذلك يستمر الفقر واللامساواة بل وينموان. وقال إن سلطات هذا الفكر الأوحد، وفي زمن يمكن فيه القضاء على الفقر، لا تقول شيئا عن الفقراء ولا عن المسنين والمرضى والذين هم غير مرئيين غالبا ويعامَلون كأشياء يُلقى بها، وحين يبرز هؤلاء تتم الإشارة إليهم كعبء. ووصف الأب الأقدس هذا بجريمة وتحدث عما يسببه هذا النموذج الجشع والأناني السائد من استغلال من خلال العبودية الجديدة المتمثلة في الاتجار بالبشر والعمل القسري، الدعارة وبيع الأعضاء البشرية.
وتابع قداسة البابا مشيرا إلى أن احتياجنا الأكبر ليس مواصلة تكديس الثروات والمزيد من الغنى والتكنولوجيا، بل هو تطبيق النموذج الجديد والثوري الذي نجده في تطويبات يسوع بدءً من أولها “طوبى لِفُقراءِ الرُّوح فإِنَّ لَهم مَلكوتَ السَّمَوات” (راجع متى ٥، ٣). وتابع البابا أن روح الفقر هي التي تفتح أمامنا درب السعادة حيث تجعلنا، وأمام الروح الدنيوية، نستخدم ثراءنا وتقنياتنا، خيورنا ومواهبنا لصالح التنمية البشرية المتكاملة، الخير العام، العدالة الاجتماعية والعناية ببيتنا المشترك وحمايته. وذكَّر قداسته بكلمات يسوع: “ما أَعسَرَ دُخولَ مَلَكوتِ اللهِ على ذَوِي المال” (لوقا (١٨، ٢٤).
وأراد البابا فرنسيس لفت الأنظار إلى أن يسوع لا يتحدث في التطويبات عن الفقر المادي بمعنى الحرمان مما هو ضروري للعيش بكرامة، مثل الغذاء والعمل والصحة والتربية وغيرها. فهذا الفقر هو في أغلب الحالات ثمرة اللاعدالة والجشع. شدد الأب الأقدس بالتالي على ضرورة أن تتم مواجهة الفقر كحرمان للأشخاص مما هو ضروري وتبعات هذا على حريتهم، وذلك من قِبل الجميع، الحكومات، الشركات متعددة الجنسيات والوطنية، المجتمع المدني والجماعات الدينية. وتابع البابا أن كلمات يسوع “طوبى لِفُقراءِ الرُّوح فإِنَّ لَهم مَلكوتَ السَّمَوات” هي دعوة إلى الحرية. كما وذكَّر قداسته بأن يسوع قد أعلن أن المقياس في الدينونة العظمى سيكون ما نقدم من مساعدات للمعوزين،
“كُلَّما صَنعتُم شَيئاً مِن ذلك لِواحِدٍ مِن إِخوتي هؤُلاءِ الصِّغار، فلي قد صَنَعتُموه” (متى ٢٥، ٤٠(.
وفي حديثه عن غنى فقراء الروح بالأخوّة وتطلعهم إلى الصداقة الاجتماعية أعطى قداسة البابا مثلا القديس فرنسيس والقديسة الأم تيريزا. وتابع متحدثا عن تراجع الأخوّة والصداقة الاجتماعية والوفاق والثقة والاحترام بسبب التبعات السلبية للامساواة. وشدد قداسته على أن روح الفقر تتطلب عدالة اجتماعية ومسؤولية مشتركة في إدارة الخيور وثمار عمل الإنسان. ثم ختم الأب الأقدس رسالته مشيرا إلى أننا مدعوين، وللتغلب على الجشع، إلى تأسيس حركة عالمية ضد اللامبالاة، تقود إلى خلق مؤسسات اجتماعية تستلهم من التطويبات وتحثنا على السعي إلى حضارة المحبة.
أبو كسم تعليقاً على فيديو كاهن مزرعة يشوع: السلاح الحقيقي للكنيسة هو الصلاة
أبو كسم تعليقاً على فيديو كاهن مزرعة يشوع: السلاح الحقيقي للكنيسة هو الصلاة اوضح رئيس المر…