‫‫‫‏‫37 دقيقة مضت‬

البابا يستقبل عناصر جهاز الاستخبارات الإيطالي في الذكرى المئوية لتأسيسه

فاتيكان نيوز

استقبل البابا لاون الرابع عشر صباح اليوم الجمعة في الفاتيكان عناصر جهاز الاستخبارات الإيطالي في الذكرى المئوية لتأسيسه ووجه لهم كلمة شدد فيها على أهمية الدفاع دوماً عن كرامة الكائن البشري والرسوخ في المبادئ القانونية والخلقية التي تضع هذه الكرامة في طليعة الأولويات.

استهل الحبر الأعظم خطابه معربا عن سروره بهذا اللقاء، ومشيرا إلى أن جهاز الاستخبارات العسكرية الإيطالي أبصر النور في العام ١٩٢٥، مع إرساء الأسس من أجل بناء منظومة فاعلة بهدف حماية أمن الدولة. كما عبر البابا عن امتنانه للجهود التي يقوم بها ضيوفه التي تتطلب كفاءة وشفافية وسرية، وهذا العمل يلقي على عاتقهم مسؤولية التنبه دوماً من الأخطار المحدقة بالدولة، بغية ضمان السلام. وهو عمل ملزم جداً، ومع أنه قابل دائماً للاستغلال إلا أنه يكتسب أهمية كبرى لكونه يلحظ مسبقاً السيناريوهات التي يمكن أن تشكل تهديداً لحياة المجتمع.

بعدها لفت لاون الرابع عشر إلى أن أموراً كثيرة تبدلت خلال السنوات المائة الماضية، كما تطورت جدا القدرات والوسائل المتاحة، وازدادت التحديات المطروحة وتنوعت جدا. من هذا المنطلق لا بد أن يقوم جهاز الاستخبارات بنشاطه بمهنية وبنظرة خلقية تأخذ في عين الاعتبار بعدَين أساسيين لا غنى عنهما ألا وهما: كرامة الشخص البشري وخلقيات التواصل. فيما يتعلق بكرامة الإنسان، من الأهمية بمكان أن يبقى هذا البعد الأساسي في المحور، إذ يجب ألا يُنتقص أبداً من كرامة وحقوق كل فرد. وأضاف البابا أنه في بعض الظروف الصعبة، عندما يبدو أن الخير العام هو أهم من أي شيء آخر، يمكن أن ننسى هذا المبدأ الخلقي ويصبح بالتالي تحقيق التوازن المطلوب أمراً صعبا. لذا فإن متطلبات جمع المعلومات عن الأفراد تؤثر بشدة على حقوقهم، كما أكدت المفوضية الأوروبية.

مضى الحبر الأعظم إلى القول إنه من الأهمية بمكان التقيّد بالقوانين تماشياً مع معايير الكرامة البشرية، مع التنبه من الإغراءات التي يمكن أن يقدمها هذا النشاط. ومن الضروري أن يتلاءم عمل أجهزة الاستخبارات مع البحث عن الخير العام، وأن يضمن حماية الأمن القومي وحقوق الأشخاص وحياتهم الخاصة والعائلية، وحرية الضمير والتواصل، بالإضافة إلى حق الجميع في محاكمة عادلة. من هذا المنطلق لا بد أن تُنظم هذه الأنشطة بموجب قوانين، تكون تحت مراقبة القضاء، وأن تخضع الميزانية للتدقيق العام والشفاف.

هذا ثم توقف لاون الرابع عشر في كلمته لعناصر جهاز الاستخبارات الإيطالي عند البعد الثاني ألا وهو: خلقيات التواصل. وقال إن عالم التواصل تغيّر بشكل كبير خلال العقود الماضية، وباتت اليوم “الثورة الرقمية” جزءا من حياتنا ومن طريقة تبادل المعلومات ومن العلاقات مع الآخرين. كما أن التكنولوجيات المتقدمة تقدم لنا اليوم إمكانات كبيرة، لكنها في الوقت نفسه تعرضنا لمخاطر مستمرة. لذا فإن تبادل المعلومات يقتضي منا السهر على بعض المسائل الهامة ألا وهي: التمييز بين الحقيقة والأنباء الكاذبة، التعرض غير المشروع لخصوصيات الناس، استغلال الأشخاص الأكثر هشاشة، منطق الابتزاز، والتحريض على الحقد والعنف.

ورأى الحبر الأعظم أنه من الضروري جداً أن نتنبه لهذه القضايا كي لا تُستخدم المعلومات السرية لتهويل السياسيين والصحفيين وأشخاص آخرين أو لاستغلالهم، وابتزازهم أو للنيل من مصداقيتهم. وقال البابا إن هذا المبدأ ينطبق أيضا على الحياة الكنسية، لافتا إلى أنه في بلدان عدة تقع الكنيسة ضحية أجهزة الاستخبارات التي تعمل لغايات سيئة وتفرض قيوداً على حرية الكنيسة. وهي مخاطر، مضى يقول، تحتاج دائماً إلى التقييم وتحتاج إلى أشخاص يتمتعون بأخلاقيات رفيعة.

بعدها أكد البابا أنه يدرك تماماً الدور الحساس الذي يقوم به ضيوفه، كما أيضا المسؤوليات الملقاة على عاتقهم. وشاء أن يذكّر أيضا بعناصر الاستخبارات الذين ضحوا بحياتهم أثناء القيام بمهام حساسة وضمن بيئات صعبة، مشيرا إلى أن أسماء هؤلاء لم تُسلّم إلى وسائل الإعلام، لكن ذكراهم تبقى حية لدى الأشخاص الذين ساعدوهم، وبالنسبة للأزمات التي ساهموا في حلها.

لم تخل كلمات الحبر الأعظم من التعبير عن امتنانه للجهود الحثيثة التي يقوم بها ضيوفه من أجل ضمان أمن الكرسي الرسولي ودولة حاضرة الفاتيكان، وشجعهم على القيام بعملهم واضعين دائماً الخير العام نصب أعينهم، متمنياً أن يتعلموا كيف يقيّمون بحكمة واتزان الأوضاع المختلفة مع البقاء راسخين في المبادئ القانونية والخلقية التي تضع كرامة الكائن البشري في طليعة الأولويات.

في ختام كلمته إلى عناصر جهاز الاستخبارات الإيطالي أشاد لاون الرابع عشر بقرار ضيوفه أن يعيشوا معاً هذا اليوبيل كجماعة واحدة، مشيرا إلى أن نعمة الله ستحمل ثماراً طيبة على الصعيد الشخصي وبالتالي في مجال العمل. هذا ثم منح الحاضرين وعائلاتهم فيض البركات الرسولية متمنيا للكل ميلادا مجيدا.

‫شاهد أيضًا‬

غدًا… كرمل المعيصرة يكرّمون يوحنّا للصّليب

تيلي لوميار/ نورسات تحتفل رهبانيّة الكرمليّين الحفاة في لبنان، في دير مار الياس- المعيصرة/…